ما أن أضع رأسي على وسادتي أبحث في ذاكرتي عن تفاصيل ما حصل طوال يوم متعب ومرهق، كم هو صعب أن تعتاد على هدم روحك وبناءها مرات عدة، بقايا صمت ، تستقر حناجرنا عن بوح ما في مكنونات اللاشعور، كلما لبست سماء الليل رداءها رسّمت النسيان وسامرت سمفونية نبضي العاري، عمر ينهمر إحساس بلاوجود، بحث عن اللامنطق ، فوضى الذات، كلها تكفيك أن تموت للحظات وتعيد نفض الروح من جديد
بزوغ للشمس، باتت الأيام تكرر ذاتها ، نهضت من السرير، لهذا الجسد أوجاعه ضربات خناجر شهدها، لكني كالذي يقبع تحت سكين أخصائي التجميل لألعب في تكوينات الجسد وأرسم ألاف الضحكات على الشفاه، وأنثر الحب داخل هذا الحزن المرسوم في بؤبؤ العين، أرتب كلماتي وأحفظها حتى لاأخطأ الأحرف التي ستظهر وجهّي الأخر الذي انكسر عن بقايا ذاتي ، كيف ينتقل العقل فجأة من بحثه الدائب عن أسباب للتعلق بالحياة الى بحث لا يقل دأباً عن رغبة عارمة ٍ لإيجاد الموت السريري هروبًا الى الذكريات
تحركت أقدامي دون وعي ٍ مني؛ فقدت السيطرة على كل جوارحي؛ الى أين أذهب طريق واحد، معالم واحدة لتلك المدينة الخرقاء، هي كما أنا ترتسم بأضواء العيد، تغني فقدانها جمال الوجود، ضحكات مصطنعة، أطفال يتزاحمون هنا وهناك تسمع صرخاتهم ينتظرون العيد، أباء ثملة أرهقهم إنتظار اللاشيء، تجاعيد بدت على وجوههم، يستنشقون هواء وطن لم يعد يستهويهم فيه الا بقايا معونات من بلاد الحرية والديمقراطية ليقتاتوا لقمة عيشيهم، مشيت في أزقة المدينة حيث كل المدن لا حدود لها إلا مدينتنا حدودها جدار، كل المدن يحدها بحر، مديينتي يحدها ذكريات البحر، مليئة بالبنايات تزاحم بعضها، لم يعد لدينا أرض فقد بتنا نصنع الناطحات، هل يعرف أطفالنا تسلقها، مخيم هنا ومخيم هناك
رجعت الى البيت حاملة معي تناقضات ومتفارقات الحياة، أشعلت في ضلوعي نارًا لأستنكر برد الليل وهدمت الحصن المنيع بيني وبين العالم الأسئلة اللامتناهية، رجعت الى غرفتي وقد أنهكني الإنتظار، أعبر جسر الصمت مني إلي، أسكب مداد اّهاتي، وأكسر الأشرعة ، لا مجداف بعد اليوم أرمي قيودي في البحروأضع هذا الشتات في روحي، جلست على سريري وتلحفت ذلك الغطاء الذي يسامرني ليلي، بت أقرأ شعر محمود درويش توقفت عند بعض الكلمات:"