الدكتور: أحمد عبد الفتاح عيسى - مصر - وكالة أخبار المرأة
مما لا شك فيه أن عالم الإدارة أصبح مزدحم ولا يوجد فيه مكان إلا لمن عركته الأحداث وربته المصائب وصفعته النوائب ....
منذ فترة ليست بالطويلة سمعنا جميعنا عن ذلك الموظف الذى انتحر بأحد المولات الشهيرة بمدينة نصر بالقاهرة ، وكشفت التحقيقات التى أجريت أنه قبل أن ينتحر تعرض لضغوط شديدة من خلال مديره وهذه الضغوط أوصلته لفكرة الإنتحار بإلقاء نفسه من الدور السادس بمول شهير .
وبعد هذه الحادثة وانطلاقا من توجيهات فخامة رئيس الجمهوية الرئيس عبد الفتاح بدراسة هذه الحالات وتقديم الدعم لها عكفت على تحليل أسبابها وذلك للتمكن من معرفة مكمن الخطورة حتى وصلت إلى فكرة هذا المقال البحثى والمعنون ب"إسفكسيا الغرق الإدارى " وذلك حتى أقدم من خلاله الدعم النفسى فى مراحل مبكرة وهذا هو واجبى تجاه قضايا الوطن كأحد كوادر الرأى العام وتوجيه الجماهير سيكولوجيا وأيضا كأخصائى ارشاد نفسى .
أعتقد أن أغلبنا تعرض فى يوم من الأيام لسماع أو قراءة خبر عن طريق أحد وسائل الإعلام المرئى أو المقروء عن شخص تعرض للغرق وكان تشخيص الوفاة الموت ب اسفكسيا الغرق وهى الحالة التى يقل فيها الأكسجين حتى يختنق الأنسان ويموت .
وبعد دراسة عميقة أكتشفت أن هناك أسلوب إدارى سام يمكن أن يؤدى بالشخص إلى الغرق إداريا والموت بإسفكسيا الغرق الإدارى وهذا ما سنشرحه فى هذا المقال حتى نتجنب الوقوع فى كمين اسفكسيا الغرق سواء نحن أو أى شخص يهمنا أمره فنقدم له النصح ويد العون لانتشاله قبل اكتمال غرقه .
وسأقوم فى مقالى البحثى هذا بشرح مراحل وتطورات الغرق الإدارى بشكل يسهل استيعابه حتى تعم الفائدة إن شاء الله .
إذا تأملنا فى حروف كلمة "غرق" فسنجدها مكونة من ثلاثة حروف وهى "غ" و "ر" و "ق" ،،،،وهذه الحروف تشكل تجمعا للحروف الأولى من كل استراتيجية يتم اتباعها من قبل المخطط لاسفكسيا الغرق وذلك على النحو التالى :
الاستراتجية الأولى تبدأ بحرف "غ"
يشير حرف ال "غ" إلى كلمة غموض وهى الحالة التى يتم فيها حجب المعلومات عن الشخص المراد إغراقه إداريا بقصد إحداث غيابه عن الواقع والرؤية والوضع الراهن فيصبح حيران تائه فاقد للوعى ولأى رؤية تمكنه من الخروج من هذا النفق المظلم الذى بدأ السير فيه دون وعى منه لأن المخطط تم إعداده وحبكه بعناية فائقة .
وماذا تتوقع من شخص مغيب عن الواقع فاقد للرؤية !
لا شك أن الغلط هو المحطة التى تنتظر ذلك الشخص ومما يزيد الألم أننا جميعا نعلم علم اليقين أنه غلط تم استدراجه إليه ولكن هذا لن يعفيه من الحساب والمسئولية .
الاستراتيجية الثانية تبدأ بحرف "ر"
وهو يشير إلى كلمة "رعونة" وهى تعبر عن الطيش وعدم الاتزان فى التصرفات المطلوب من الشخص القيام بها تبعا لكل موقف يمر به كاستجابة شعورية اكتسبها عبر مواقف مختلفة مر بها فتشكلت منها خبرته الإدارية .
ولكن كنتيجة حتمية لحالة الغموض وغياب الرؤية أصبح أرعنا لا يعرف له بوصلة ولا اتجاه ، وبهذه الرعونة يفقد كل الداعمين له شيئا فشيئا حتى يصبح وحيدا لا سند له فى معركته الإدارية .
ومتى تمكنت الرعونة منه وأصبحت صفة لصيقة له أصبح من السهل جدا نقله إلى الإستراتيجية الثالثة أو المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل الغرق .
الإستراتيجية الثالثة تبدأ بحرف "ق"
ويشير حرف ال"ق" إلى كلمة " قنوط " وهى تعبر عن الحالة الشعورية التى يتم نسجها حول الشخص المستهدف باحترافية واقتدار .
نعم القنوط هى المحطة الأخيرة التى يصل لها هذا المسكين الذى لم يولى اى اهتمام بأول إشارة أرهصته بأن هناك غموض فى مهام عمله الإدارية ، أرهصته بأن هناك غموضا فى المعلومات التى ينبغى أن يكون ملما بها حتى تسير أموره الإدارية وفق النمو الطبيعى المستهدف من ورائها .
والقنوط واليأس الذى يستدرج له الشخص المستهدف هى أخطر مرحلة سامة نفسيا وشعوريا ومهنيا وإداريا يمكن أن يمر بها أى شخص وذلك لأنه يبدأ فيها شعور مسيطر بالضياع أو الغرق الإدارى الذى ينتظره ولا يستطيع دفعه كالذى يغشى عليه من الموت ، وذلك لأن الموضوع تطور بشكل جعل الشخص فوجئ به دونما وعى ، حتى الجو العام المحيط به أصبح ملبدا بالغيوم مشبعا بالإحباط الذى جعله فاقدا الأمل فى تلمس أى بصيص من الضوء الذى قد يكون مخرجا له من هذا المشهد الضبابى المحبط .
وبالطبع كل هذا سوف يؤثر سلبا على الحالة النفسية ومن ورائها يتأثر جهازه المناعى أو ما يسمى بالصحة النفسية والمسئولة عن اتزان الشخص وتقبله ما يجرى حوله وقدرته فى تخطيه دون أى تأثير سلبى على جسمه أو نفسه أو ما يسمى بالأمراض النفسجسمية أو السيكوماتية .
وبعد فترة من حالة القنوط هذه ما زالنا فى انتظار نهاية حتمية مالم يحدث تدخل سيكوإدارى لاسعاف الشخص بتوفير بيئة صحية إداريا ونفسيا تمكنه من تخطى هذه العقبة الكئود واستعادة حالته النفسية واستمرار عطاءه الإدارى ، وهذه النهاية ايضا تبدأ بحرف "ق" وهى "قبر" نعم القبر الإدارى الذى يتم فيه طى صفحة اى انجازات إدارية يمكن أن يكون هذا الشخص قد قام بها فى مرحلة سابقة .
وبعدها يتم دخول الشخص فى دائرة النسيان والإهمال والتى يمكن أن تنعكس على حالته النفسية والبدنية بأمراض من الممكن أن لا يتحملها ويستسلم للمخطط الذى تم اعداده وتطبيقه معه وتذبل أوراقه وتسقط مع أقل عاصفة إدارية مصطنعة .
لذلك علينا جميعا نشر الوعى بخصوص هذه الاستراتيجية المسماة ب "إسفكسيا الغرق الإدارى" التى يمكن بالتوعية منها ان نكون سببا فى إنقاذ شخص من براثن الهلاك .
وإلى اللقاء فى مقال بحثى جديد إن شاء الله