تحقيق: نادية برسوم - القاهرة - وكالة أخبار المرأة
بالنسبة لكثير من الأبناء، لم يدم طويلاً نعيم الخصوصية والسرية على «فايسبوك»، أشهر المواقع الإلكترونية للتواصل الاجتماعي، إذ سرعان ما صار آباؤهم «خبراء» في أسرار العالم الافتراضي، وساعدهم على ذلك الأبناء أنفسهم... وبحسن نية طبعاً.
يقول الطالب الجامعي سامح إنه ظل منذ نهاية المرحلة الإعدادية ينعم بالراحة عبر «فايسبوك»، بمعنى التواصل مع زملائه وأصدقائه (ذكوراً وإناثاً)، من دون أن يعرف والداه شيئاً عن عالمه الإلكتروني. لم يكن يسمع منهم سوى بعض التأنيب، بين الفينة والأخرى، بخصوص ما يمكن أن يجلبه الجلوس طويلاً أمام شاشة الكومبيوتر من أضرار صحية، وأخرى تتعلق بتحصيله الدراسي. وتغيّرت هذه الصورة على نحو غير متوقّع، حين طلب منه والده أن ينشئ له صفحة على «فايسبوك». النتيجة؟ أخذ الأب ينازع ابنه في الجلوس أمام جهاز الكومبيوتر الوحيد في المنزل، بل أصبحا يتشاجران أحياناً بسبب هذا الأمر.
أنشأت بسمة، وهي تلميذة في المرحلة الإعدادية، صفحة على «فايسبوك» لوالدتها الطبيبة كي تتواصل مع أختها التي هاجرت إلى أميركا. وسرعان ما التقطت الأم مهارة الإبحار الإلكتروني، وأخذت تتابع ما تكتبه ابنتها لأصدقائها، وما يضعونه من صور واقتباسات وفكاهات. وكانت النتيجة سلسلة من الخلافات والشجار بين البنت وأمها، حتى أن اصدقاء بسمة عاتبوها بشدة لأنها ساعدت والدتها على اختراق العالم الذي ظلوا طويلاً يشعرون بأنه يخصهم وحدهم بعيداً عن عيون الأهل.
تعلمت مادلين، وهي سيدة في منتصف العمر، التعاملَ مع الكومبيوتر. وأرسلت بسلاسة إلى ابنتها طلباً لتضيفها كصديقة جديدة، ووافقت الابنة، وضغطت على زر «التأكيد» confirm، واصبحت صديقة لوالدتها، وعندما جاء عيد ميلادها استعرضت الأم رسائل التهنئة الالكترونية الواردة لابنتها، وقامت الدنيا ولم تقعد عندما وجدت زميلاً قديماً لابنتها يهنئها بأسلوب حميم. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل كتبت الأم للشاب رسالة تجريح، وضغطت على زر «المشاركة» share، وكانت فضيحته مدوّية أمام مئات الأصدقاء الإلكترونيين.
لم يجد رامي، الطالب فى كلية الطب، غضاضة في أن يصبح والده عضواً في «فايسبوك» وصديقاً له أيضاً. لربما أن دراسته للطب لا تتيح أمامه وقتاً يضيعه، فأحسّ أنه لا وجود لما يخشى أن يعرفه والده عنه، لكن والده أوقعه فى مأزق مع ابنة عمه، فعندما ترك رامي الكومبيوتر ليرد على مكالمة هاتفية، جلس أبوه مكانه، ولم ينتبه الى حقيقة أن الجهاز مفتوح على الحساب الخاص بابنه في «فايسبوك». وبتسرع، كتب رسالة الى ابنة أخته يقول لها «وحشتيني قوي يا حبيبتي». وضغط على share. لم يلاحظ الأب أن هذه الكلمات صار لها معنى آخر حين وصلت الى الفتاة كرسالة من ابن عمها وليس عمها
باختصار، ندم كثيرون، الأبناء على مساعدتهم والديهم فى اختراق عالم «فايسبوك»، وعمد كثير منهم إلى تغيير أنماط الخصوصية privacy ليضمن عدم دخول الأهل على صفحاتهم في ذلك الموقع. ثمة قلّة ترى انه من ايجابيات معرفة الأهل التعامل مع «فايسبوك»، مثل التنبّه إلى أن للحوار على الفضاء الإلكتروني قواعد، تشبه تلك التي تملكها المكالمات الهاتفية والخليوية، وللحديث صلة.