لم يشفع لها وجود عشرة من الأبناء، ولا أعمال المنزل المتراكمة من أن تكون ( ورقة نقدية ) رابحة في يد الزوج الذي بات يحسب ما يمكن أن يجلبه كل فرد في الأسرة من مبالغ مالية نتيجة العمل ، مهما كان هذا المبلغ، ضئيل أم كبير ! زجها للعمل في أحد " رياض الأطفال " عاملة نظافة، ليس لحاجة مالية ولكن هذا مبدأه في الحياة، وما على أفراد الأسرة إلا تنفيذ أوامره بصفته رب لعائلة !!
أنهت تعليمها الجامعي، وتزوجت تحلم ببناء حياة سعيدة، ووظيفة تدر عليها دخلاً محترماً، لتعيش رغد الحياة ولقناعتها بأنها تعلمت لتعمل كدأب كل الفتيات من بنات جيلها، يترك الزوج عمله، ويمنعها من العمل بحجج مختلفة وبتهديد بالطلاق إن هي أقدمت على العمل، لتعيش معه حياة أقرب للموت من شدة الفقر والحاجة !
علمها تعليم جامعي وسعى بكل الوسائل لتعمل في سلك التعليم كمعلمة، بعد أن تعينت معلمة، أصبح يزورها في المدرسة كل شهر بشكل دوري وثابت، يوم أن تستلم ( المرتب الشهري ) ليأخذه كامل دون نقصان، ليأخذ ما دفعه عليها خلال تعليمها في الجامعة !!
بعد أن تقاعدت من العمل، ونقص من مرتبها مبلغ مالي، بحث بجد عن أي عمل من الممكن أن تعمله لتعوض هذا النقص، الذي أثر وأضر على خططه المالية، زج بها في أحد مظاهر الديمقراطية النسائية، لتكون عضو من أعضاء أحد المكتسبات النسائية نتيجة " الكوته " وبهذا ضرب عدة عصافير بحجر واحد، وأردها جميعاً في شِباكه المتفتحة، بالمناسبة عند هذه النقطة بالذات عاينت الكثير من الحالات، والتي تثبت أن سعي بعض النساء لا يعدو أن يكون رغبات للأخر!
هذه نماذج من مختلف الشرائح، وفي مختلف الميادين اخترتها لتكون عينة لما تتعرض له بعض النساء من إجحاف يتلفع بمبدأ حقوق المرأة، وحقها في العلم والعمل، لم أبالغ بالنقل بل خففت سوداوية الصورة رفقاً ببنات جنسي وتلطفاً بأنصافنا من الذكور.
هذا ما يحصل من نتاج ثقافة ذكورية الطابع، " أبوية النظرة " للمرأة في شتى الميادين وعلى كافة الصعد، لم تختلف هذه النظرة عما كانت عليه في السابق وإنما طورت نفسها لتواكب تطورات الحياة، والمعطيات الجديدة التي وجب على الجميع التعامل معها من منظومة " حقوق المرأة "
قد يعترض البعض ويقول بأن هذه ليست الصورة العامة للوضع وأقول : نعم ... ولكنها نماذج منتشرة وبكثرة ولا تظهر بهذه الصورة على حقيقتها، كونها بالأصل تنطلق من أنها تواكب روح العصر، وتمنح المرأة الحق بأن تكون كم يراد لها وكما هو رائج .
وقد يقول البعض لمّ لا تعترض المرأة على هذا الإجحاف وأقول لهم في حالة الزوج سيكون اعتراض المرأة كمن تقفز في حقل نيران مشتعلة، كون الطلاق جاهز وقابل للتنفيذ، والمرأة ما زالت تهرب منه ومن مسمى مطلقة وما يتبعه من تبعات اجتماعية هي في غنى عنها، ومن ناحية الأب فما زال الخوف من غضبه وغضبته يطوق عنق الفتاة، فتختار الانصياع له، لتكسب رضاه ومن ثم رضى الخالق عز وجل، وتتلافى سوء المعاملة الناتج عن الاعتراض !!