أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

عندما قررت أن أكون صعلوكا !!

الدكتورة: وفاء خنكار - السعودية نلهث في الحياة من أجل اكتساب خبز الحياة . نرهق عقولنا , أجسادنا , أوقاتنا , أعصابنا من أجل هذه اللقمة التي بها قوام حياتنا وأبداننا . منا من زهد في الحياة واكتفى بلقمة , ومنا من انكب عليها نهما , حتى بلغ به حد التخمة , ومنا من أجبرته الحياة بعدم الحلم بأكثر من الفتات. هكذا هي الحياة تشهد تفاوت سننيا في اقتسام خبز الحياة , ولابد من الرضا بهذه القسمة التي يحكم بها القدر لأن ذلك التفاوت لازم من لوازم سيناريو مسرح الحياة الذي يتطلب أبطالا متعددي الأدوار , فهناك الغني وهناك الفقير, وهناك الملك , وهناك الوزير , هناك المهرج , وهناك التاجر . وبدون هذا التفاوت كيف لقصة الحياة أن تتشابك فيها الأحداث وتتصارع فيها الشخوص لنتمتع بجمال الحبكة والعقدة والخاتمة !!  لكن في ظل الصراع على خبز الحياة تبقى كعكة الحب الشهية هي المتاع المباح لكل طالب , ولكل سارق , ولكل عاشق .. لكل غني , ولكل فقير , ولكل محدودي الدخل . ففي اكتساب هذه الكعكة لا حدود , ولا حرس ,ولا حساب ,ولا كمبيالات , ولا ضرائب . وبرغم هذه الشرعية المفتوحة إلا أن البشر يبخلون على قلوبهم , وأبدانهم , وأرواحهم في اقتطاع الجزء الأكبر منها أو حتى التهامها بالكلية إن شاءوا ..  كل منا يستطيع أن يحيا كل لحظة , وكل ثانية ,وكل دقيقة متنقلا بين أصناف الحب .. من حب الخير , إلى حب الجمال , إلى حب الفن ,إلى حب الطفولة , إلى حب الوطن .. قائمة تطول ولا نهاية للنبض الساكن في قلوبنا .. فهلا شبعنا حبا حتى وان عدمنا خبزا !! الدكتورة: وفاء خنكار - السعودية عندما يكتب الشاعر .. يكتب نبض أنثاه .. بأصابع اللهفة والفضول الحنون .. يقلبها صفحة .. صفحة يقرؤها كلمة .. كلمة يرسمها زاوية .. زاوية يجدولها خانة .. خانة ينقحها .. يفقطها .. يرسمها هيكلا مضلعا .. يحللها لغزا .. يؤلها كل تأويلات العقل اللاواعي .. يفندها تاريخا وآثارا .. فك حروفها وطلاسمها نشوة لذيذة .. حواشيها ومصطلحاتها أروع كشف ببيلوغرافي عرفه باحث آثار وخطوط .. يقرأ في مساماتها تاريخ الحضارات المندثرة .. ويتنبأ من وشمها مستقبل الأمم .. مستقبل الشعوب .. مستقبل الحروب . يرتدي نظارته العاكسة ليبعثر ألوان الطيف على تفاحة خديها .. على لؤلؤتي عينيها .. على أرنبة انفها . على فاكهة شفتيها .. يقرأ كم ابتسامة توزعها صحائفها في الصباح .. يقرأ كم دمعة تهطل غيماتها في المساء .. كم اشراقة تطل من مشرقهـا .. كم غروب يذوي في مغربها .. كم خسوف يهز كواكبهــــا .. كم هــزة يسجلها باطنهـــا .. كم نشرة جوية تذيعها الحسناوات .. يبحث في قاموس لغات العالم .. عن أسرار قلبهـا .. ولهفة عينيهــــــا .. وجموح خطواتها .. وتعرق كفيهـــــا .. يبحث في أدغالها .. عن كل الثمــــار .. عن الحمضيــات .. عن السكريـــات .. عن الفطر المبرقش النابت خلف أذنيها .. عن الدرنات المدفونة تحت بشرتها الرملية .. عن كل الغابات الاستوائية المليئة بالحيوانات البرية .. التي تجوس تحت شعرها .. يبحث عن الطيور الملونة التي عششت في ثنايا تنورتها.. عن الزرافة التي تختبئ خلف ساقيها .. عن الغزالة التي تأكل أعشاب نهديها .. عن اللبؤة المسجونة في قلب قلادتها .. عن السنور المعلق بخلاخيلها .. يبحث عن منابع الأنهار .. من فيكتوريا عينيها .. عن جبال كليمنجارو .. في جغرافيتها .. عن أسود كينيا الشرسة في عرينها .. عن الغابات والسافانا الشائكة .. والذرة الحلوة والمالحة .. والقصب والسكر والكاكاو .. عن حبات البن والهال .. والمطاط السائل من شفتيها .. يبحث عن الأفاعي الملونة بين ضفائرها .. يبحث عن المستنقعات الضحلة التي تمتلئ أسماك وتماسيح شرسة .. يبحث عن كل التحديات .. عن كل المخاطر .. يبحث عن كل القبائل البدائية التي تعزف التانغو .. وتحتفل بقتلها قربانا لآلهة الغابة الملعونة .. يبحث لا يتوقف عن كشف الأساطير الأنثوية.. التي لا تتوقف لحظة عن تسجيل الهدير الصامت .. لنياغرا العشاق . هكذا هي قراءة أنثى الشعر .. أنثى السحر .. يفهم غضبها الباذخ .. يفهم بكاؤها الماكر .. يفهم إقبالها وإدبارها .. يفهم جفافها وفيضاناتها .. يفهم لماذا تصرخ .. لماذا تتهور .. لماذا ترمي بأحلامها .. تحت إطارات محراث الحقل المدببة .. يفهم جنونها بغرور الشعراء .. الذي يحطم كبرياء أنوثتها .. الشاعر لن يجد قصائده .. تحت وسادة بيضاء .. وبين شراشف سرير .. يئن تحت مصباح كئيب .. قد يجدها مع إفطار الصباح الشرقي .. مع قطعة البندورة المالحة .. مع الجبنة البيضاء -الدبل كريم- يجدها في قراطيس الشاي وهي تميس .. بحلقاتها المنبعجة .. وتختفي في سخونة ودلال .. يجدها في مكعب السكر الصغير.. يراقص خصر ملعقة فضية حتى الذوبان .. يجدها في سلة الخبز المصنوعة بأصابع الخيزران .. يجدها تتثاءب بكسل .. تحت منديل الكاروهات الأحمر ترقد فوق قشور نخالة القمح .. المبعثرة على وجه الخبز المراهق .. يجدها مع رشفات عصير البرتقال .. بإفطار الكونتننتال .. يجدها في عنق إبريق الشاي الفضي .. تغني بحنجرة سنونو مهاجر أغنية الصباح الندية .. يجدها تلعب في قنينة ماء زهرة القرنفل .. يجدها في يقظة كل هذه الأشياء الصغيرة .. مع شقشقة العصافير في الصباح الباكر الندي .. يحاول إمساكها .. لكنها تنزلق بين أصابعه .. بيضة مسلوقة تخلصت من معطفها الكلسي . الشاعر الذي يقيد أنثاه بقيود الليل البوهيمي .. شاعر اخرق .. خرق حاجز الصوت المرهف .. الشاعر الذي لا يصبح " جندر" ليس بشاعر .. الشاعر ينتصر للأنوثة والذكورة معا .. لا يكتب الأنثى كل يوم بطريقة العرض والطلب .. بطريقة قائمة الحسناوات .. اختر ما تشاء .. من المقبلات اللبنانية .. أو الحلويات الفرنسية .. أو المشويات المكسيكية .. أو المخللات العربية .. أو السلطات الحريفة .. أو اللزانيــــا الساخنة .. طريقة مطاعم الغواية الذكورية .. عندما يموت الشاعر .. يفرغ قلمه من حبر الأنوثة الزئبقي .. يسقط للشعر صومعته .. وتتهاوى الايونات .. تحترق الخيمات .. تتطاير المدونات .. شعر بلا بحور .. قصائد بلا نحور .. يضيع تردد الأنثى عبر الأثير .. ويعلن حداد الشعر والشاعر .. موت الشاعر .. موت أقسى من موت العظماء .. وموت القادة والساسة .. وموت المخترعين والفلكيين .. فبموت الشاعر .. تموت الأنثى .. تموت القصائد .. وينطفئ الموقد المقدس لنيران الحياة . الدكتورة: وفاء خنكار - السعودية (كل شيء رقم) كما قال الإغريقي فيثاغورث ! ففي عالم المادة والمليارات أخذت أرقام فيثاغورث الصماء صولتها وجولتها ,سلطانها وجبروتها , طغيانها وهيمنتها .. فأصبح التفوق يعتمد على كم درجة حصلت عليها , وأصبحت القوة على كم مليار تمتلك في رصيدك , وأصبحت الوجاهة الاجتماعية على كم شخصية اعتبارية تعرف , وهكذا هيمنت الأرقام الصماء على العالم , وأصبحت مقولة المصريين ( إلا معاه قرش يسوى قرش وإلا ما معهوش ما يلزموش !!) وهكذا تسابق العالم لرفع رصيده في كل شيء ونسى العالم قيمة الصفر واللاشيء ! لكن سعار الأرقام لم ولن يستطيع أن ينكر جبروت الصفر وقوته ! فأرخميدس أكد على قوة الصفر الذي رغم فراغ مضمونه إلا أن له قدرة خرافية على تدمير أبسط العمليات الرياضية كالقسمة والضرب . وفي القرن العشرين توصلت فيزياء الكم بوجود محيط هائل من طاقة نقطة الصفـــر الخفية في كل أرجاء الكون. إنها طاقة خفية حقيقية موجودة في كل شيء حولنـــا بل وحتى في أجسامنا !  ولكننا لا نشعر بها لأنها تتوزع بشكل متساو في كل مكان حولنــــــا. إن كل الكون ممتلئ بتذبذبات نقطة الصفر الكهرمغنطيسية التي تدور في مجال طاقة الصفر. إن راكب الطائرة يشعر بقوة ما تجذبه نحو مقعده عندما تسرع الطائرة فوق ممر الهبوط تماما كما يندفع جسم سائق السيارة عندما تنحرف السيارة بشدة. إن قوة الجذب هذه هي ابسط مثال لوجود طاقة الصفر داخلنا وفي كل حركة نقوم بها. من منطلق قوة الصفر هذه بدأ العلماء يفكرون في طريقة تمكن المركبات الفضائية من الاستغناء عن حمولة مواد الطاقة التي تزن بالأطنان وتستبدلها بالطاقة المنبعثة من طاقة الصفر الموجودة في أي نقطة بالفضاء لتدفعها في رحلة اللانهاية بوقود كوني لا نهائي !!. الشاهد الذي يهمنا من هذا العرض العلمي لقوة الصفر هو نقطة الصفر الكامنة داخل جسم الإنسان, أو نقطة الوقود اللانهائي داخل كل ذرة من ذراته. فالقوة الصفرية أقوى من القوة الرقمية للإنسان . فجسم الإنسان له تعداد رقمي, فمثلا له عينان , أنف واحد , قلب واحد, ذراعان ,قدمان...الخ ولكن يبقى الرقم صفر الماثل في باطن الإنسان , في تذبذبه الكهرومغناطيسي لأفكاره ومشاعره وخيالاته , تبقى هذه القوة وقودا للخوارق والمعجزات التي تجعل المعادلات الرقمية حقا صماء.  من أقوال شاعر صفري : الصفر يا شمس.....لا يمكن التنبؤ بما يفعله.... فهو المتسبب في خسارة الملايين لقيمتها بمجرد ضربها به ! وهو المتسبب في حذف أي عدد من وجوده إذا قُسم عليه...! وهو لا يضيف أي عدد.....لأي عدد..... ولا يتسبب بخساراتٍ بسيطة.... الصفر.......فادح ! نقطة البداية....لأي شيء....! وكأن الحياة مُلقاة.....بين أول حرفٍ منه........لآخر حرف ! ما أن تنطقه.....حتى تبدأ منه وتنتهي إليه !

الدكتورة: وفاء خنكار - السعودية

الصعلكة في تاريخ العرب كانت رمزا للتمرد على واقع الفقر والمأساة والعنصرية والأنانيـــــــة وحب الذات , والتي أفرزت فئة الصعاليك الذين لم يجدوا ســوى الصحراء ملجأ للتنفيس عـــن آلامهم واحباطاتهم ولكن بأسلوب بدائي همجي قائم على الغارات والقتل والتهديد . تلك الحيـــــاة التي ترفض واقع الظلم أكسبت الصعاليك جسارة وشجاعة وتضحية في سبيل الدفاع عن مبادئهم وتحقيق مطالبهم في نشرالعدالة والمساواة وأصبحت الدنيا مجرد ساحة للحرب الشريفة وهـــــذا ماجعل الكثيرين من أصحاب المروءة يعجبـون بهم وبمبادئهم رغم بدائية أساليبهم فيقول أبـــــو العلاء المعري مادحا للصعلكة

إذا اصفرّ الفتى لفراق روح ... فأهون بالتصعلك والشحوب .
كما كان حاتم الطائي معجباً بروح الكفاح والتضحية التي يتميز بها الصعلوك والذي لا يهمـــه حمداً ولا غنى فيقول :
يرى الخمص تعذيباً وإن يلق شبعة .. إذا الليل بالنكس الضعيف تجهما
إذا هو لم يركب من الأمر معظما .. يبت قلبه من قله الهم مبهمـــــــــا
لقد أصبحت الشجاعة والقوة والفروسية هي أهم شروط الصعلكة التي حددها كبير الصعاليــك الشنفرى الأزدي بقوله : ثلاثة أصحاب ( فؤاد مشيع ,أبيض أصليت ,وصفراء عيطل ), أي قلب شجاع وسيف حاد وركوبة جسورة

فما أحوجنا لعودة عصرالصعلكة والصعاليك ولكن بأدوات أكثر تطورا وبأساليب أكثر عقلانية. فمعاناة الفقر والظلم والعنصرية والمحسوبية والنفاق والتزلف أصبحت المارد الذي يحصد كل يوم عشرات الضحايا ,في الوقت الذي يدور فيه معظم الناس حول ذاتهم ومصالحهم الشخصية بأي وسيلة كانت . فكم نحن بحاجة لظهور صعاليك شجعان يحملون سلاح القلم والكلمة الصادقة والنصح الأمين . فأبواب المسئولين مشرعة تنتظر صعاليك شجعان يحملون في قلوبهم هم الوطن والمواطنين ,يحملون هموم ومعاناة المظلومين, ويجندون أنفسهم لكشف الحقائق والكفاح من أجل الحق وتغيير الواقع .

حقا إن السعادة الحقيقة ليست بمقدار ما تجمع ولكن بمقدار السعادة التي تدخلــــها على نفوس الضعفاء والبؤساء والمحرومين !!
تعليقات