أحمد جمال - القاهرة
بعد تعرض عدد كبير من الزوجات لشبح السجن بسبب توقيعهن شيكات ضمان قروض أزواجهن، قرر البنك الأهلي المصري، أحد أكبر البنوك المصرية، منع الزوجة من ضمان زوجها تخوفاً من أن يكون قيامها بضمانه نابعاً من إجباره لها، وهو ما يعرضها في النهاية للمشاكل إذا تعثر الزوج في السداد. وقد أثارت تلك المشكلة حالة من الجدل بين علماء الدين حول حق الزوج في إجبار زوجته على ضمانه في تعاملاته البنكية، وهل يمكن للزوجة أن ترفض أم أن رفضها ضمان زوجها يمكن أن يفسر على أنه انعدام للثقة بينهما ويثير المشاكل؟ «لها» تستمع إلى الآراء المختلفة.تعامل مالي يبيحه الإسلام
ولفت إلى أن الشريعة تجيز للزوجة أن تضمن زوجها مالياً واقتصادياً واستثمارياً، مادام عندها ما يكفي لهذا الضمان، لأنها كالرجل سواء بسواء. ووصف عدم إعطاء المرأة حق ضمان زوجها بأنه إشعار لها بالدونية عن الرجل، وهو ما ترفضه الشريعة الإسلامية.
وأنهى كلامه بالتأكيد أن «كل زوجة أدرى بطباع زوجها ومعاملته لها، فهناك من الأزواج الأوفياء الذين يتقون الله في زوجاتهم، ولضرورة ما اضطرته الظروف للاقتراض من البنوك، فهنا ننصح الزوجة أن تضمن زوجها كنوع من حسن العشرة والتعاون الذي أمرنا به الإسلام بقوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» آية 2 سورة المائدة. أما إذا كانت تعلم أنه عديم الضمير ولا يخشى الله ويأكل أموال الناس بالباطل، فمن حقها الامتناع عن ضمانه حتى لا تدمر نفسها وتلقي بها إلى التهلكة بالسجن أو السداد من أموالها، ولهذا نهانا القرآن عن ذلك في قوله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» آية 195 سورة البقرة».
إرادة الزوجة
وأوضحت أنه انطلاقاً من المبادئ السابقة لا يحق للزوج إجبار زوجته على ضمانه لدى البنوك، وإن أجبرها فمن حقها رفع أمرها للقاضي ليفصل بينهما إن أصر الزوج، وخاصة إذا كان من المشهود لهم بالمماطلة، فلها الحق في طلب الطلاق للضرر، لأن مبدأ الإكراه مرفوض جملة وتفصيلاً في شريعة الإسلام، حتى ولو كان الإكراه على الدخول في الإسلام، فقال تعالى: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم» آية 256 سورة البقرة. فما بالنا بمن يريد إجبار زوجته على ضمانه في قروضه لدى البنوك بزعم أن طاعة الزوجة لزوجها مطلقة وبلا ضوابط شرعية، ولكن إذا أرادت بكامل إرادتها ضمان زوجها لأنها تعلم يقيناً أنه لن يضرها فليس هناك مانع شرعاً لذلك، وبالتالي ليس من حق البنوك الامتناع عن أخذ الضمانة من الزوجة بحجة الخشية عليها من السجن».
الذمة المالية
وأوضح أن الزوجة «تستحق النفقة الكاملة المقررة بالمعروف وبحسب سعة الزوج، وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعاً، ولا تسقط هذه النفقة بامتناعها عن ضمان زوجها لدى البنوك، لأن هذا لا يعتبر نشوزاً يبيح للزوج عدم الإنفاق على زوجته، أو ربط معاملتها لها أو إنفاقها عليه بضمانها له لدى البنوك، وإن فعل ذلك فهو آثم شرعاً ومن حق الزوجة أن تشكوه للقضاء لتنال حقوقها الشرعية منه، سواء في الإنفاق أو المعاملة بالحسنى امتثالاً لقوله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً» آية 19 سورة النساء».