أمل خيري - القاهرة
اهتمامي بقضية عمل المرأة من المنزل بدأ منذ عدة أعوام حين كتبت عن تجربة رائدة من بنجلاديش كانت بعنوان(" بيتي مقر عملي" قصة نجاح لنساء من بنجلاديش)، ولكني لم أقم بنشر هذه الدراسة إلا قبل عامين لأفاجأ بعدها بعدد هائل من الرسائل التي تثني على هذه التجربة، وأمنيات كثيرة بتكرارها في عالمنا العربي، إلا أن هذه التجربة نفسها لم تجد صدى لدى بعض المتعلمات الحاصلات على مؤهلات عليا، باعتبار أن هذه التجربة تلائم العاملات اليدويات، خاصة أن النماذج الشبيهة لدينا في الدول العربية تكاد تقتصر على سيدات يعملن في الحياكة: الأشغال اليدوية، والتشكيلات الفنية، وحتى عندما توسعت التجارب دخل فيها سيدات يعملن بمساعدة الموظفات في تقشير الخضروات وتنظيفها وإعداد الصلصات والمربات، أو إعداد وجبات جاهزة أو نصف جاهزة أو خدمة توصيل المشتريات للمنازل أو ترويج مستحضرات التجميل بين المعارف والأصدقاء، ... إلخ.
ربما يعكس هذا التباين اختلافا في الثقافات والقناعات الفكرية والميراث التاريخي، كما أنه يوضح مقدار التهميش والتسطيح لدور المرأة العربية في ثقافتنا وفي مجتمعنا، فالمرأة لدينا إما أمية لا تقرأ ولا تكتب، أو تلقت قدرا من التعليم، ولكنها تقبع في بيتها بلا عمل كسولة خاملة غير منتجة، أو متعلمة عاملة تقضي في عملها ما لا يقل عن ثماني ساعات خارج البيت، ولا يوجد وسط بين الحالتين، بينما خارج الوطن العربي تنتشر نماذج كثيرة متعددة لعمل المرأة اعتاد عليها المجتمع، فهناك العمل بدوام كامل، والعمل لجزء من الوقت، والعمل بالقطعة أو بالمهمة، وكثيرا ما نرى زوجات وأمهات يعملن من خلال بيوتهن في مجال الأبحاث أو الكتابة، أو تصميم مواقع الإنترنت، أو التدريب من خلال الإنترنت بل وحتى التسويق.
تنميط الوظيفة
ولكي تكتمل الصورة فلابد للمرأة أن تودع أطفالها منذ ولادتهم إحدى دور الحضانات، أو تجلب لهم خادمة، أو تتركهم في رعاية بعض الأقارب لتعود من عملها منهكة تقضي باقي يومها في إعداد الطعام وترتيب البيت، وغالبا ما تعتمد أسرتها على تناول الوجبات الجاهزة.
فتشير تقارير مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أنه بحلول عام 1992 بلغ عدد النساء العاملات من خلال المنزل 10 ملايين امرأة، ويشير المركز القومي لتحليل السياسات في الولايات المتحدة إلى أن حوالي 17 مليون امرأة تعمل من المنزل حتى عام 2008.
وذكر تقرير لشبكة العمالة النسائية غير النظامية (WIEGO) أنه على الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة عن عدد العاملين عن بعد فإن المؤشرات تدل على أن هناك ما يزيد عن 100 مليون شخص في العالم يعملون من منازلهم، تشكل النساء منهم حوالي 80%، وأن أكثر من نصف هذا العدد في جنوب آسيا.
الأمر يحتاج لدراسة سلبيات وإيجابيات ووسائل وإستراتيجيات وغيرها الكثير للمساهمة في معاونة المرأة العربية الراغبة في العمل من المنزل على تلمس طريقها ووضع قدمها على بداية الطريق الصحيح.