أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

المرأة التونسية في ظلّ الدستور الجديد.. خشية على الحقوق

المرأة التونسية في ظلّ الدستور الجديد.. خشية على الحقوق

المرأة التونسية في ظلّ الدستور الجديد.. خشية على الحقوق   تونس إيمان الحامدي - " وكالة أخبار المرأة " يحلّ العيد الوطني للمرأة التونسية هذا العام في ظلّ دستور جديد يثير جدالاً طويلاً حول الحقوق المكتسبة للمرأة، في حين ترأس السلطة التنفيذية نجلاء بودن رمضان، التي أصبحت منذ سبتمبر/ أيلول 2021 المرأة الأولى التي ترأس حكومة تونسية وعربية. وفي 13 أغسطس/ آب من كلّ عام، التونسيات على موعد مع يوم مخصّص لهنّ، عيد المرأة التونسية، وهو تاريخ اعتماد قانون الأحوال الشخصية في عام 1956 الذي تبنّت تونس بمقتضاه أكثر القوانين تقدمية لدعم حقوق المرأة في المنطقة العربية. وتونس، التي طالما أظهرت خطاً نسوياً فريداً في العالم العربي، تعبّر نساؤها اليوم عن مخاوف من تراجع حقوقهنّ في ظلّ الدستور الجديد، الذي تكثر الانتقادات التي تطاوله بسبب فصول تنذر بنسف مكاسب ناضلت أجيال طويلة من أجلها على امتداد أكثر من ستّة عقود، بحسب ما تقدّر ناشطات نسويات عديدات. وفي هذا الإطار، تقول رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات في تونس نائلة الزغلامي، إنّ "طريق النساء التونسيات ما زال شاقاً وطويلاً للدفاع عن حقوق هشّة تواجه ردّة رسمية ومجتمعية". وكانت النساء، في 25 يوليو/ تموز الماضي، تاريخ الاستفتاء، قد شكّلنَ نحو 40% من نسبة المصوّتين على الدستور الجديد، البالغ عددهم الإجمالي 2.8 مليون تونسي، بحسب أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. من جهتها، تبيّن أرقام مؤسسة "سيغما كونساي" للإحصاء أنّ 26 من اللواتي صوّتنَ بـ"نعم" لمصلحة الدستور هدفهنّ إصلاح الأوضاع في البلاد. ويثير دستور تونس الجديد مخاوف عديدة حول حقوق المرأة التونسية، التي كانت في عام 2014 تقترب من تحقيق مطلب المساواة في الميراث بوعد من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وهو مشروع يرفضه الرئيس الحالي قيس سعيّد، وقد عبّر عن موقف صريح في هذا الإطار منذ ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2019. وبالنسبة إلى الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، فإنّ الدستور الجديد يمسّ بالحريات. وهذا ما تؤكده الزغلامي قائلة إنّ "لا استفتاء على الحريات والمساواة وحقوق المرأة". وتوضح الزغلامي أنّ النساء في تونس "حصلنَ على حقوق، بعد عقود من النضال النسوي والمجتمعي ضدّ قوى الردّة بمختلف أشكالها، وهنّ لن يسمحنَ بالمساس بها في ظلّ دستور جديد يهدّدها، وعلى سبيل المثال تهديد الحقّ في الإجهاض الذي تجيزه تونس". تضيف أنّه "تحت عنوان تحقيق مقاصد الإسلام، من بينها الحفاظ على النفس بحسب الدستور الجديد، قد تخسر المرأة التونسية حقّها في الإجهاض في ظروف آمنة، وهو الأمر الذي كان ينصّ عليه القانون". وتشدّد الزغلامي على أنّ "النضال النسوي مستمرّ، وسوف نواصل الدفاع عن حقوق المرأة والمساواة والتناصف، وسوف ندافع كذلك عن مدنيّة الدولة والمواطنة وفصل الدين عن الدولة". وقبل المصادقة على الدستور الجديد، عبّرت مجموعة من الجمعيات النسوية، التي تنشط تحت اسم "الديناميكية النسوية"، عن خوفها من انعكاسات عدم التنصيص على مدنية الدولة في الدستور الجديد. وجاء في بيان المجموعة أنّه "بعد قراءة أولى لنصّ الدستور الجديد، نعبّر عن قلقنا الشديد من المخاطر التي تضمّنها نصّ الدستور، والتي تهدّد الديمقراطية والحريات العامة والفردية وتحقيق المواطنة والمساواة الفعلية". وانتقدت "الديناميكية النسوية" في بيانها نفسه تعويض عبارة "المساواة الفعلية بين الجنسَين بالعدل، وفق تصوّر ديني يحيل على المعنى المقاصدي الذي تغيب فيه المساواة". من جهتها، تحكي الحقوقية والمحامية سعيدة قراش عن "هشاشة مكاسب المرأة في تونس، على الرغم من انقضاء أكثر من ستّة عقود على المصادقة على مجلة الأحوال الشخصية"، وذلك واضح "من خلال الممارسة اليومية لدى ترافعي عن قضايا العنف الزوجي والنفقة ومختلف القضايا الأسرية"، كما تشير. تضيف قراش أنّ "المجتمع الذكوري حاضر بقوّة في قضايا المرأة ويحول دون تحقيق مساواة فعلية في الحقوق والواجبات". وتتابع: "سليلات الحركة النسوية قادرات على مواصلة المشوار النضالي وردّ قوى الجذب إلى الوراء"، مؤكدة أنّه "بفضل نضالات التقدميّين، خصوصاً النساء من بينهم، فُرض الفصل 2 في دستور 2014 الذي ينصّ على مدنيّة الدولة، غير أنّ الدستور الجديد أسقط هذا الفصل". ويوم 13 أغسطس يعني الكثير بالنسبة إلى المرأة التونسية، ففيه صدر قانون الأحوال الشخصية في عام 1956 ليُفعَّل في عام 1957. ولم يكن قانون الأحوال الشخصية قانوناً واحداً إنّما مجموعة من التشريعات ذات الصلة، وقد أحدث تغييرات عدّة، من أبرزها منع تعدّد الزوجات بموجب القانون، وإقامة شكل قانوني للطلاق، وفرض الحصول على موافقة كلّ من العروس والعريس لكي يتزوّجا قانوناً. يُذكر أنّ هذا القانون يوصف بأنه واحد من الإنجازات الرئيسية للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة. وفي عام 1993، منحت الإضافات الجديدة التي أُدخلت على قانون الأحوال الشخصية الحقّ للمرأة في تمثيل أبنائها في المحاكم، والقدرة على نقل جنسيتها إليهم بالطريقة نفسها التي تمكن الرجل من القيام بذلك.

تونس إيمان الحامدي - " وكالة أخبار المرأة "

يحلّ العيد الوطني للمرأة التونسية هذا العام في ظلّ دستور جديد يثير جدالاً طويلاً حول الحقوق المكتسبة للمرأة، في حين ترأس السلطة التنفيذية نجلاء بودن رمضان، التي أصبحت منذ سبتمبر/ أيلول 2021 المرأة الأولى التي ترأس حكومة تونسية وعربية. وفي 13 أغسطس/ آب من كلّ عام، التونسيات على موعد مع يوم مخصّص لهنّ، عيد المرأة التونسية، وهو تاريخ اعتماد قانون الأحوال الشخصية في عام 1956 الذي تبنّت تونس بمقتضاه أكثر القوانين تقدمية لدعم حقوق المرأة في المنطقة العربية.
وتونس، التي طالما أظهرت خطاً نسوياً فريداً في العالم العربي، تعبّر نساؤها اليوم عن مخاوف من تراجع حقوقهنّ في ظلّ الدستور الجديد، الذي تكثر الانتقادات التي تطاوله بسبب فصول تنذر بنسف مكاسب ناضلت أجيال طويلة من أجلها على امتداد أكثر من ستّة عقود، بحسب ما تقدّر ناشطات نسويات عديدات.
وفي هذا الإطار، تقول رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات في تونس نائلة الزغلامي، إنّ "طريق النساء التونسيات ما زال شاقاً وطويلاً للدفاع عن حقوق هشّة تواجه ردّة رسمية ومجتمعية".
وكانت النساء، في 25 يوليو/ تموز الماضي، تاريخ الاستفتاء، قد شكّلنَ نحو 40% من نسبة المصوّتين على الدستور الجديد، البالغ عددهم الإجمالي 2.8 مليون تونسي، بحسب أرقام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. من جهتها، تبيّن أرقام مؤسسة "سيغما كونساي" للإحصاء أنّ 26 من اللواتي صوّتنَ بـ"نعم" لمصلحة الدستور هدفهنّ إصلاح الأوضاع في البلاد.
ويثير دستور تونس الجديد مخاوف عديدة حول حقوق المرأة التونسية، التي كانت في عام 2014 تقترب من تحقيق مطلب المساواة في الميراث بوعد من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وهو مشروع يرفضه الرئيس الحالي قيس سعيّد، وقد عبّر عن موقف صريح في هذا الإطار منذ ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2019.
وبالنسبة إلى الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، فإنّ الدستور الجديد يمسّ بالحريات. وهذا ما تؤكده الزغلامي قائلة إنّ "لا استفتاء على الحريات والمساواة وحقوق المرأة". وتوضح الزغلامي أنّ النساء في تونس "حصلنَ على حقوق، بعد عقود من النضال النسوي والمجتمعي ضدّ قوى الردّة بمختلف أشكالها، وهنّ لن يسمحنَ بالمساس بها في ظلّ دستور جديد يهدّدها، وعلى سبيل المثال تهديد الحقّ في الإجهاض الذي تجيزه تونس". تضيف أنّه "تحت عنوان تحقيق مقاصد الإسلام، من بينها الحفاظ على النفس بحسب الدستور الجديد، قد تخسر المرأة التونسية حقّها في الإجهاض في ظروف آمنة، وهو الأمر الذي كان ينصّ عليه القانون".
وتشدّد الزغلامي على أنّ "النضال النسوي مستمرّ، وسوف نواصل الدفاع عن حقوق المرأة والمساواة والتناصف، وسوف ندافع كذلك عن مدنيّة الدولة والمواطنة وفصل الدين عن الدولة".
وقبل المصادقة على الدستور الجديد، عبّرت مجموعة من الجمعيات النسوية، التي تنشط تحت اسم "الديناميكية النسوية"، عن خوفها من انعكاسات عدم التنصيص على مدنية الدولة في الدستور الجديد. وجاء في بيان المجموعة أنّه "بعد قراءة أولى لنصّ الدستور الجديد، نعبّر عن قلقنا الشديد من المخاطر التي تضمّنها نصّ الدستور، والتي تهدّد الديمقراطية والحريات العامة والفردية وتحقيق المواطنة والمساواة الفعلية". وانتقدت "الديناميكية النسوية" في بيانها نفسه تعويض عبارة "المساواة الفعلية بين الجنسَين بالعدل، وفق تصوّر ديني يحيل على المعنى المقاصدي الذي تغيب فيه المساواة".
من جهتها، تحكي الحقوقية والمحامية سعيدة قراش عن "هشاشة مكاسب المرأة في تونس، على الرغم من انقضاء أكثر من ستّة عقود على المصادقة على مجلة الأحوال الشخصية"، وذلك واضح "من خلال الممارسة اليومية لدى ترافعي عن قضايا العنف الزوجي والنفقة ومختلف القضايا الأسرية"، كما تشير.
تضيف قراش أنّ "المجتمع الذكوري حاضر بقوّة في قضايا المرأة ويحول دون تحقيق مساواة فعلية في الحقوق والواجبات". وتتابع: "سليلات الحركة النسوية قادرات على مواصلة المشوار النضالي وردّ قوى الجذب إلى الوراء"، مؤكدة أنّه "بفضل نضالات التقدميّين، خصوصاً النساء من بينهم، فُرض الفصل 2 في دستور 2014 الذي ينصّ على مدنيّة الدولة، غير أنّ الدستور الجديد أسقط هذا الفصل".
ويوم 13 أغسطس يعني الكثير بالنسبة إلى المرأة التونسية، ففيه صدر قانون الأحوال الشخصية في عام 1956 ليُفعَّل في عام 1957. ولم يكن قانون الأحوال الشخصية قانوناً واحداً إنّما مجموعة من التشريعات ذات الصلة، وقد أحدث تغييرات عدّة، من أبرزها منع تعدّد الزوجات بموجب القانون، وإقامة شكل قانوني للطلاق، وفرض الحصول على موافقة كلّ من العروس والعريس لكي يتزوّجا قانوناً. يُذكر أنّ هذا القانون يوصف بأنه واحد من الإنجازات الرئيسية للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.
وفي عام 1993، منحت الإضافات الجديدة التي أُدخلت على قانون الأحوال الشخصية الحقّ للمرأة في تمثيل أبنائها في المحاكم، والقدرة على نقل جنسيتها إليهم بالطريقة نفسها التي تمكن الرجل من القيام بذلك.

تعليقات