أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

تحليل المشاعر وإدراك الذات  د. سناء أبو شرار - الأردن  إن لم تفهم ذاتك لن تفهم الحياة وإن لم تفهم الحياة ستبقى أسير التعاسة رغم الثراء وفهم الذات هو القدرة على تحليل الشعور حين نريد تأسيس شركة ما نحلل الدوافع المالية وندرس الساحة الاقتصادية، وحين نريد دراسة مجال ما أيضاً نحلل كل ما يتعلق بهذا المجال، حتى حين نريد الزواج نحلل كل ما يتعلق بالطرف الآخر؛ أي أننا وفي كل مراحل الحياة نعيش حقيقة التحليل لكل ما يدور حولنا. ولكننا ورغم هذه القدرة الهامة قد لا نستطيع تحليل مشاعرنا بل الغالبية العظمى منا تفتقد لهذه القدرة البالغة الأهمية، والسبب معقد وبسيط بذات الوقت، معقد لأننا نعيش في مجتمع لا يهتم بعالم المشاعر، نعتقد أن المشاعر تكمن فقط في قصة حب طويلة أو عابرة، أو أنها تكمن في انفعال الزوج أو غضب الزوجة، وبمشاعر الحب تجاه الأبناء؛ ولكننا لا نعترف ولا نستطيع ولا نريد أن نحلل مشاعرنا الخاصة، لأنها أصعب من مقدرتنا وذلك لأننا ومنذ الطفولة تربينا على فقد الصلة مع مشاعرنا الدفينة ونعتقد أن عالم المشاعر هو عالم يتصل بمن حولنا وأننا حين ننسلخ عن كل من حولنا سوف يحل الفراغ والصمت في عالمنا، فنركض من جديد لنبحث عن أولئك الذب يُشكلون عالمنا كي لا نقع في هاوية الانفراد مع الذات. وتحليل المشاعر يتطلب وبشكل جذري هذا الانفراد مع الذات وهو عنصر أساسي لعملية التأمل التي حثنا الله تعالى على ممارستها، ولكننا في حالة تواصل مستمرة وبلا توقف مع الآخرين، حتى حين نعود لبيوتنا ونستكين في فراشنا، نفكر بما حدث وما قيل لنا وما سنقوله غدا، وما سنفعل وما لا سنفعل، وهذه الدوائر التي لا تنتهي ليست سوى ابتعاد دائم وبإصرار عن تحليل مشاعرنا الفردية. أما السبب البسيط وهو أننا نعتقد أن تحليل هذه المشاعر هي عمل طبيب نفسي، أو أنه لا حاجة لنا أصلاً لهذا التحليل، وأن الحياة تمر رغم كل شيء، المهم أن يكون لديك الصحة والمال والأصدقاء وربما الزوجة والابناء، ثم لا داعي لهذه المتاهة التي تُسمى تحليل المشاعر. ولكن تحليل المشاعر لا يعني أن تذهب على طبيب نفسي، ولا يعني أننا نفعل ذلك بحال وقوعنا بأزمة معقدة، تحليل المشاعر هو أن تدرك وبكل منطق وعقلانية سبب دوافعك في الحياة، أن تعرف سبب الغضب الذي ينتابك، أن تعرف من أين أتت جذور الحزن والكآبة، أن ترى في عيون الآخرين ما لا يقولونه، أن تشعر بما يُخفونه، أن تمشي في الحياة بعيون مُبصرة وبقلب له بصيرة؛ تحليل المشاعر هو إدراك عميق وشامل للذات كإنسان منفرد وكشخص ينتمي لمجموعة من البشر؛ ولا يمكن لأي انسان أن يصل لسعادة حقيقية دون هذا التحليل ودون هذه المعرفة للذات، ولا يمكن لملايين الأرض أن تمنح الإنسان هذه القدرة الرائعة التي تجعله يستمتع بالحياة بأقصى ما يمتلك من الموهبة؛ لأن هذه الحياة ليست بسيطة كما قد يعتقد البعض، إنها شديدة التعقيد بحيث أنك إن لم تكن مدركاً لها سوف تسحق جزء ما منك وربما تسحق أجزاء كثيرة، فإدراك الذات ومعرفة تحليل مشاعرك تمنحك حماية ومناعة ذاتية ضد ما قد تفرضه الحياة عليك من صعوبات. كما وأن تحليل المشاعر يمنحك المساحة الواسعة لحل مشاكلك لأنك تعلم من أين أتت هذه المشاعر وإلى أين ستقودك، فكم منا يغضب ويكسر وينتقم وحين نسأله لماذا يقف عاجزاً أمام السؤال، لأننا نعرف كيف نُظهر مشاعرنا السلبية أو الإيجابية ولكننا لا نعرف أين جذورها في أنفسنا أو إلى أين ستقودنا، وفي هذه الحياة لا يوجد أي شيء عفوي فكل شيء له جذور ودوافع ونتائج، حتى الحشرة بالغة الصغر تعرف هذه القاعدة، ولكننا نخلط مشاعرنا مع رغباتنا، وشهواتنا مع تهورنا، ونعتقد ان الحل يكمن في السطح وننسى أنه يتربع في الجذور. لذلك حين نربى أولادنا فإن أفضل ما نعلمه لهم هو إدراكهم لذواتهم وتحليلهم لمشاعرهم منذ صغرهم، ومن ليس لديه هذه القدرة لابد أن يستعين بأهل الخبرة بهذا المجال فالعديد من المشاكل والأزمات يتم حلها بهذا السلوك الواعي وهذه النظرة الشمولية للحياة وألا نربي أولادنا بأن المال هو الذي يحل كل المشاكل وأن نبعدهم عن ذواتهم إلى أقصى الحدود إلى أن يفقد الطفل مع الوقت أي صلة له مع نفسه ويبدأ بالبحث الدائم عن الآخرين لأنه فاقد أصلاً القدرة على الانفراد مع النفس.

د. سناء أبو شرار - الأردن 

إن لم تفهم ذاتك لن تفهم الحياة
وإن لم تفهم الحياة ستبقى
أسير التعاسة رغم الثراء
وفهم الذات هو القدرة
على تحليل الشعور
حين نريد تأسيس شركة ما نحلل الدوافع المالية وندرس الساحة الاقتصادية، وحين نريد دراسة مجال ما أيضاً نحلل كل ما يتعلق بهذا المجال، حتى حين نريد الزواج نحلل كل ما يتعلق بالطرف الآخر؛ أي أننا وفي كل مراحل الحياة نعيش حقيقة التحليل لكل ما يدور حولنا.
ولكننا ورغم هذه القدرة الهامة قد لا نستطيع تحليل مشاعرنا بل الغالبية العظمى منا تفتقد لهذه القدرة البالغة الأهمية، والسبب معقد وبسيط بذات الوقت، معقد لأننا نعيش في مجتمع لا يهتم بعالم المشاعر، نعتقد أن المشاعر تكمن فقط في قصة حب طويلة أو عابرة، أو أنها تكمن في انفعال الزوج أو غضب الزوجة، وبمشاعر الحب تجاه الأبناء؛ ولكننا لا نعترف ولا نستطيع ولا نريد أن نحلل مشاعرنا الخاصة، لأنها أصعب من مقدرتنا وذلك لأننا ومنذ الطفولة تربينا على فقد الصلة مع مشاعرنا الدفينة ونعتقد أن عالم المشاعر هو عالم يتصل بمن حولنا وأننا حين ننسلخ عن كل من حولنا سوف يحل الفراغ والصمت في عالمنا، فنركض من جديد لنبحث عن أولئك الذب يُشكلون عالمنا كي لا نقع في هاوية الانفراد مع الذات.

وتحليل المشاعر يتطلب وبشكل جذري هذا الانفراد مع الذات وهو عنصر أساسي لعملية التأمل التي حثنا الله تعالى على ممارستها، ولكننا في حالة تواصل مستمرة وبلا توقف مع الآخرين، حتى حين نعود لبيوتنا ونستكين في فراشنا، نفكر بما حدث وما قيل لنا وما سنقوله غدا، وما سنفعل وما لا سنفعل، وهذه الدوائر التي لا تنتهي ليست سوى ابتعاد دائم وبإصرار عن تحليل مشاعرنا الفردية.

أما السبب البسيط وهو أننا نعتقد أن تحليل هذه المشاعر هي عمل طبيب نفسي، أو أنه لا حاجة لنا أصلاً لهذا التحليل، وأن الحياة تمر رغم كل شيء، المهم أن يكون لديك الصحة والمال والأصدقاء وربما الزوجة والابناء، ثم لا داعي لهذه المتاهة التي تُسمى تحليل المشاعر.

ولكن تحليل المشاعر لا يعني أن تذهب على طبيب نفسي، ولا يعني أننا نفعل ذلك بحال وقوعنا بأزمة معقدة، تحليل المشاعر هو أن تدرك وبكل منطق وعقلانية سبب دوافعك في الحياة، أن تعرف سبب الغضب الذي ينتابك، أن تعرف من أين أتت جذور الحزن والكآبة، أن ترى في عيون الآخرين ما لا يقولونه، أن تشعر بما يُخفونه، أن تمشي في الحياة بعيون مُبصرة وبقلب له بصيرة؛ تحليل المشاعر هو إدراك عميق وشامل للذات كإنسان منفرد وكشخص ينتمي لمجموعة من البشر؛ ولا يمكن لأي انسان أن يصل لسعادة حقيقية دون هذا التحليل ودون هذه المعرفة للذات، ولا يمكن لملايين الأرض أن تمنح الإنسان هذه القدرة الرائعة التي تجعله يستمتع بالحياة بأقصى ما يمتلك من الموهبة؛ لأن هذه الحياة ليست بسيطة كما قد يعتقد البعض، إنها شديدة التعقيد بحيث أنك إن لم تكن مدركاً لها سوف تسحق جزء ما منك وربما تسحق أجزاء كثيرة، فإدراك الذات ومعرفة تحليل مشاعرك تمنحك حماية ومناعة ذاتية ضد ما قد تفرضه الحياة عليك من صعوبات.

كما وأن تحليل المشاعر يمنحك المساحة الواسعة لحل مشاكلك لأنك تعلم من أين أتت هذه المشاعر وإلى أين ستقودك، فكم منا يغضب ويكسر وينتقم وحين نسأله لماذا يقف عاجزاً أمام السؤال، لأننا نعرف كيف نُظهر مشاعرنا السلبية أو الإيجابية ولكننا لا نعرف أين جذورها في أنفسنا أو إلى أين ستقودنا، وفي هذه الحياة لا يوجد أي شيء عفوي فكل شيء له جذور ودوافع ونتائج، حتى الحشرة بالغة الصغر تعرف هذه القاعدة، ولكننا نخلط مشاعرنا مع رغباتنا، وشهواتنا مع تهورنا، ونعتقد ان الحل يكمن في السطح وننسى أنه يتربع في الجذور.

لذلك حين نربى أولادنا فإن أفضل ما نعلمه لهم هو إدراكهم لذواتهم وتحليلهم لمشاعرهم منذ صغرهم، ومن ليس لديه هذه القدرة لابد أن يستعين بأهل الخبرة بهذا المجال فالعديد من المشاكل والأزمات يتم حلها بهذا السلوك الواعي وهذه النظرة الشمولية للحياة وألا نربي أولادنا بأن المال هو الذي يحل كل المشاكل وأن نبعدهم عن ذواتهم إلى أقصى الحدود إلى أن يفقد الطفل مع الوقت أي صلة له مع نفسه ويبدأ بالبحث الدائم عن الآخرين لأنه فاقد أصلاً القدرة على الانفراد مع النفس.
تعليقات