أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

هل يمكننا وصف القانون بتمام العدالة والبراءة؟

هل يمكننا وصف القانون بتمام العدالة والبراءة؟  بقلم: الدكتورة: سناء أبو شرار - الأردن هل يمكننا وصف القانون بتمام العدالة والبراءة؟ هل يحقق القانون فعلاً المساواة فردياً واجتماعيا؟ هل يمكننا أن نثق به كثقتنا بالعدالة الإلهية؟ لا يمكن وصف القانون بتمام البراءة ولا العدالة، لا يحقق القانون وبكل حالاته المساواة الفردية والجماعية، لا يمكن أن نثق به كثقتنا بالعدالة الإلهية. بل إن القانون يصبح بأحوال كثيرة المجرم مع سبق الإصرار والترصد، وذلك بحالات عديدة لا يمكن حصرها في مقال ولكن منها: أن يتم الحكم بالبراءة على مجرم قاتل لأنه أصدر تقرير طبي بأنه ناقص القدرة العقلية أو أنه كان في مستشفى ما حين حدثت الجريمة، أو حين يخسر أحد أطراف القضية حقوقه الواضحة الثابتة لمجرد خطأ في الإجراءات أو لأنه تجاوز المدة القانونية التي قررها القانون لتقديم الاعتراض أو الطعن، وحين تترنح القضية في المحاكم لسنوات يموت أطرافها ويستمر ورثتهم في القضية فطول فترة التقاضي هي أيضاً خلل في العدالة أو حين يتم مصادرة حقوق الأفراد والمؤسسات لأن القانون لا يحمي المُغفل، فهل يحمي الذكي و"الفهلوي" فقط؟ أو حين يستلم ملف القضية محامٍ بارع ومتمكن من الثغرات القانونية التي يُتيحها القانون له كي يكسب القضية بصورة باطلة وغير قائمة على حق أو وازع ديني. وحين يمنح القانون السلطات الواسعة للقاضي دون رقابة كافية على نزاهته وترفعه عن الرشوة أو محاباة أحد ما مع أقاربه أو معارفه رغم وجود نصوص قانونية لرد القاضي إلا أنها نادراً ما يتم استخدامها وحتى لو تم تحويل ملف القضية لقاضٍ آخر فالقضاة يعرفون بعضهم البعض وهناك صداقات قديمة تجمعهم فلا يكون هناك سوى الوازع الديني الذي يرسم طريقة القاضي في إصدار أحكامه بضمير وشفافية. وفي عصرنا الحالي، هناك فجوة خطيرة جعلت من القانون في أحوال كثيرة مجرم وليس محارباً ضد الإجرام، وذلك حين نطبق نفس القوانين التي تم تطبيقها منذ سنوات عديدة في أوضاع اقتصادية طبيعية أو مُيسرة ثم نطبق نفس القوانين على هذه الفترة العصيبة من حياة الكثير من البشر بظروف اقتصادية صعبة ودمرت العديد من الأسر وأنهكت الآباء والأمهات، فكيف لنا أن نطبق نفس القوانين وأن نفرض نفس العقوبات على أشخاص مستنزفين نفسياً ومعنوياً واجتماعيا؟ أليس من واجب المشرع بجانب كونه خبير قانوني ان يكون خبير اجتماعي وأن يشرع قوانين ترحم أوضاع الناس الصعبة وأن يعطل تنفيذ بعض القوانين التي تزيد من معاناتهم. هل المشرع هو تمثال صخري نعلق عليه الأوسمة والنياشين أم هو بشر يسير بين الناس يرى معاناتهم وربما دموعهم؟ وهل تشريع القوانين يعني لغي الرحمة؟ لا يمكن لقانون فقد الرحمة والتعاطف مع معاناة البشر أن ينجح أو أن يستمر، وكلما زاد الجور في دولة ما نرى أن قوانينها تزداد لأنها لا تعالج الأوضاع التعيسة بل تزيد من تفاقمها وقمعها إلى أن يتوقف القانون عن احتواء المشكلة ويدخل المجتمع في دائرة فوضى المعيشة وفقدان الثقة بعدالة المحاكم، فتزيد نسبة الجريمة والبلطجة ونسبة جنوح الأطفال. إن لم يدرك القانون أن وظيفته ليست الردع فقط بل معالجة الأوضاع المضطربة فهو لن يكون سوى أداة قمع ثم يتحول لمجرم لأنه إن لم يحقق العدالة فسوف يدمر هذه العدالة التي ينشدها كل فرد في المجتمع، وأكبر الجرائم ليست التي تُراق بها الدماء ولكن تلك التي تُراق بها العدالة ويندثر بها الأمن ويفقد بها المواطن ثقته بمن يمثلون القانون.

بقلم: الدكتورة: سناء أبو شرار - الأردن

هل يمكننا وصف القانون بتمام العدالة والبراءة؟
هل يحقق القانون فعلاً المساواة فردياً واجتماعيا؟
هل يمكننا أن نثق به كثقتنا بالعدالة الإلهية؟
لا يمكن وصف القانون بتمام البراءة ولا العدالة، لا يحقق القانون وبكل حالاته المساواة الفردية والجماعية، لا يمكن أن نثق به كثقتنا بالعدالة الإلهية.
بل إن القانون يصبح بأحوال كثيرة المجرم مع سبق الإصرار والترصد، وذلك بحالات عديدة لا يمكن حصرها في مقال ولكن منها: أن يتم الحكم بالبراءة على مجرم قاتل لأنه أصدر تقرير طبي بأنه ناقص القدرة العقلية أو أنه كان في مستشفى ما حين حدثت الجريمة، أو حين يخسر أحد أطراف القضية حقوقه الواضحة الثابتة لمجرد خطأ في الإجراءات أو لأنه تجاوز المدة القانونية التي قررها القانون لتقديم الاعتراض أو الطعن، وحين تترنح القضية في المحاكم لسنوات يموت أطرافها ويستمر ورثتهم في القضية فطول فترة التقاضي هي أيضاً خلل في العدالة أو حين يتم مصادرة حقوق الأفراد والمؤسسات لأن القانون لا يحمي المُغفل، فهل يحمي الذكي و"الفهلوي" فقط؟
أو حين يستلم ملف القضية محامٍ بارع ومتمكن من الثغرات القانونية التي يُتيحها القانون له كي يكسب القضية بصورة باطلة وغير قائمة على حق أو وازع ديني. وحين يمنح القانون السلطات الواسعة للقاضي دون رقابة كافية على نزاهته وترفعه عن الرشوة أو محاباة أحد ما مع أقاربه أو معارفه رغم وجود نصوص قانونية لرد القاضي إلا أنها نادراً ما يتم استخدامها وحتى لو تم تحويل ملف القضية لقاضٍ آخر فالقضاة يعرفون بعضهم البعض وهناك صداقات قديمة تجمعهم فلا يكون هناك سوى الوازع الديني الذي يرسم طريقة القاضي في إصدار أحكامه بضمير وشفافية.
وفي عصرنا الحالي، هناك فجوة خطيرة جعلت من القانون في أحوال كثيرة مجرم وليس محارباً ضد الإجرام، وذلك حين نطبق نفس القوانين التي تم تطبيقها منذ سنوات عديدة في أوضاع اقتصادية طبيعية أو مُيسرة ثم نطبق نفس القوانين على هذه الفترة العصيبة من حياة الكثير من البشر بظروف اقتصادية صعبة ودمرت العديد من الأسر وأنهكت الآباء والأمهات، فكيف لنا أن نطبق نفس القوانين وأن نفرض نفس العقوبات على أشخاص مستنزفين نفسياً ومعنوياً واجتماعيا؟
أليس من واجب المشرع بجانب كونه خبير قانوني ان يكون خبير اجتماعي وأن يشرع قوانين ترحم أوضاع الناس الصعبة وأن يعطل تنفيذ بعض القوانين التي تزيد من معاناتهم. هل المشرع هو تمثال صخري نعلق عليه الأوسمة والنياشين أم هو بشر يسير بين الناس يرى معاناتهم وربما دموعهم؟ وهل تشريع القوانين يعني لغي الرحمة؟
لا يمكن لقانون فقد الرحمة والتعاطف مع معاناة البشر أن ينجح أو أن يستمر، وكلما زاد الجور في دولة ما نرى أن قوانينها تزداد لأنها لا تعالج الأوضاع التعيسة بل تزيد من تفاقمها وقمعها إلى أن يتوقف القانون عن احتواء المشكلة ويدخل المجتمع في دائرة فوضى المعيشة وفقدان الثقة بعدالة المحاكم، فتزيد نسبة الجريمة والبلطجة ونسبة جنوح الأطفال.
إن لم يدرك القانون أن وظيفته ليست الردع فقط بل معالجة الأوضاع المضطربة فهو لن يكون سوى أداة قمع ثم يتحول لمجرم لأنه إن لم يحقق العدالة فسوف يدمر هذه العدالة التي ينشدها كل فرد في المجتمع، وأكبر الجرائم ليست التي تُراق بها الدماء ولكن تلك التي تُراق بها العدالة ويندثر بها الأمن ويفقد بها المواطن ثقته بمن يمثلون القانون.
تعليقات