" 2 "
قلنا أنهن النساء الأكثر جرأة اللواتي مررن على تاريخ السعودية الحديث، قبل 21عاما وعصرالنت والفضائيات في السعودية قمن بأول مظاهرة مدنية حقيقية للمطالبة بحق شرعي منع بلا مبرر نظامي أوقانوني أومنطقي ولم يترتب على منعه إلا المزيد من الفساد والأخطاء المخيفة في مجتمع كذب عليه وقالوا له أنت مجتمع متدين محافظ..
تم إيقافهن واستجوابهن وبقى مصيرهن مجهولا مع التكتم الإعلامي العربي الشديد.. ومنع الحديث عن هذا الحق حتى عام 2005حين تبنى القصيمي سليمان السلمان مؤسس جمعية أنصار المرأة في برنامج حملته الانتخابية للمجالس البلدية في الرياض حق المرأة السعودية بالقيادة، الذي حورب وهدد وتعرض للأذية هو وأسرته.. فشلت حملته ولكنها فرضت على المجتمع والأعلام عودة الحديث عن حق المرأة السعودية بقيادة مركبتها وقضاء حوائجها بنفسها..
وأستمر بإرسال البرقيات ورسائل sms لأعضاء مجلس الشورى حتى تبنى محمد آل زلفه عضو المجلس القضية وناقشها رسميا.. ولم يكن محمد آل زلفه بأفضل حظا من سليمان السلمان من ناحية الهجوم على شخصه قبل فكره.. ومع عصر النت والعولمة أصبح موضوع يتناوله مجلس الشورى وماده خصبه للصحف والبرامج الفضائية..
وبرزت ناشطات من الجيل الجديد بهذه القضية أيضا حوربن وقدح بسمعتهن كثيرا..
وفي الحقيقة نساء 6نوفمبر هن النواة التي انطلقت لنطالب بتحرير المرأة السعودية وإعطائها حقها في المواطنة، وكان رمز ذلك قيادة السيارة ..
وأخيرا قدر لي أن التقى بعضهن .. من أروع ما التقيت بحياتي مثل هذه القامات الخالدة المتواضعة التي لم تندم يوما على هذه الخطوة وهذا أعظم مافي قضية الكفاح والمبادرة.. أن الندم مشطوب من هذه القواميس السامية..في كل قواميس الثورات قدست كلمة لا تراجع.. وفي ثورتنا النسائية لم تستوعب الحكومة السعودية للآن ذلك.. أو هي لا تريد أن تصدق حقيقة إصرارنا..
لم أعرفهن لأنه ببساطة كانت صور النساء محرمه وجريمة كبري في وقتهن، أحبك ياوطن لأنك سمحت لرياح التغيير أن تعصف بأراضيك..
وقد نسيت أسمائهن في زحمة معاناتي اليومية للبحث عن حقوقي المشروعة، عن هويتي وإنتمائاتي.
ومن حديث بآهات مؤلمه عن معاناة نساء الوطن.. وصلنا لقضية معاناتنا اليومية بالمواصلات..
ابتسامات غريبة ونظرات تستنكر جهلي بهن.. أيقنت أنى أمام إحداهن..ألف سؤال وسؤال دار في ذهني تلك اللحظة..
كثير أحبك ياوطن ياللي معيشنا على عمانا.. حتى رموزك وأبطال حريتك، كفاحهم مجهولة تفاصيله، وصورهم ياكثر ماشوهتها!!
هل دعمتكن أميركا وخططت للمظاهرة؟؟
هل حقا سجنتن؟؟
هل هناك من قتلت منكن؟؟
لو كنتن بريئات من كل التهم التي سمعناها فلماذا ذاك التوقيت بالذات؟؟
لو كان غير الزمان والمكان هل كانت ستنجح مظاهرة قيادة السيارة وتحصل المرأة السعودية على حقها الطبيعي؟؟
ومع الابتسامات الهادئة واللاءات الكبيرة على استفساراتي..
إليكم الحقيقة كاملة كما حدثت بكل بساطتها وتلقائيتها وشفافيتها..
في صبيحة أحد أيام حرب الخليج الثانية اضطرت أحداهن سيدة أعمال للسفر على سيارتها من الشرقية إلى مكتبها بالرياض.. لتوقف رحلات الطيران.. برفقة سائقها.. رأت مدرعات الأمريكان بكتيبة على الطريق.. فثرت وتحركت مشاعر العروبة داخلي وأمرت السائق بالتوقف والنزول وركبت مكانه وقدت السيارة بنفسي.. وأخذت ألاحقهم و(علقت البوري) وأنا أردد (قو هوم , قو هوم) الغريب أن تطالب الأمريكان بالخروج من بلدها وهى ابنة أميركا حيث درست وعاشت هناك فتره طويلة.. ولكن هو إحساس داخلنا لايمكن التحكم به.. وابتعدت عنهم واستمرت بالقيادة.. سمعت صوتا داخلها يأمرها بالاستمرار بالقيادة مالمشكلة في ذلك؟؟
وماذا اقترفت من خطأ؟؟
ولماذا أصلا لا نقود؟؟ مالذى يمنعنا؟؟ والمجندات الأمريكيات يقدن المركبات بلا حجاب ولا حاجة لهن لمرافق ودون أن توقفهن السلطات السعودية؟؟؟
تذكرت أنه حين احتلت الكويت وقتل وأسر الكويتيون, اضطرت نسائهم الى قيادة السيارات برا واللجوء للسعودية التي سمحت لهن سلطاتها بالدخول والتنقل وهن يقدن السيارات..والمجندات الأمريكيات كن يقدن سياراتهن في شوارع العاصمة الرياض..
مع كل الأسئلة الحائرة التي انفجرت فجاه بدون مقدمات وإذا بصوت السائق يطلبها التوقف لأن أمامهم نقطة تفتيش.. كان الشعور بالقيادة ممتع جدا.. وشعور الحرية والانطلاق أعظم شعور..
كانت قناعاتي إن هذا الشعور من ابسط حقوقي، كان لا يقاوم لذا لم استطع منع نفسي من إصرارها على ألا اترك المقود..
لم أتوقف حتى خبط العسكري على السيارة ونظر لي مستغربا
قال/ خير!! قلت / مثل ماأنت شايف..
قال/ تفضلي أصلا نحن لسنا شرطة مرور..قالها وهو يضحك ومستغرب....
هذا الموقف قوى عزيمتي وإصراري ألا اترك المقود.. ألا اترك حقي.. حتى دخلت الرياض لا أعلم لم لم يعترضني أحد ... لربما أعتقدونى كويتيه..
وصلت مكتبي ولأن سيارتي معروفه اعتقدت انه لربما بلغ عنى لذا سبقتهم ..قمت بالاتصال على أسماء لها ثقلها بوزارة الداخلية ..قلت أبو فلان أنا اليوم حضرت من الشرقية للرياض بسيارتي أقدودها بنفسي.. وكذلك اتصلت على وكيل أمارة الرياض وأخبرته بذلك بنفسي..
سألتها ما ردة فعلهم... قالت/ لم يتعدى استغرابهم أكثر من قولهم (الله يهديك)
انه القدر.. في نفس اليوم اخبرتنى سكرتيرتي أن هناك سيدتان ينتظران بالخارج يرغبن مقابلتي ومصرات.. رفضن ذكر أسمائهن .. استقبلتهن عرفنني على أنفسهن إنهن من منسوبات التعليم بالرياض.. ويدعونني لمنزل إحداهن لشرب القهوة الأسبوع القادم ورغم أنى لا اعرفهن وافقت على الذهاب وأخذت معي احدي زميلاتي البارزات.. عندما دخلت المنزل فوجئت بوجود مايقرب أربعين امرأة في انتظاري استقبلنني بحفاوة بالغه.. وعرفني على أنفسهن كن نساء بسيطات من منسوبات التعليم تتفاوت مناصبهن.. مشرفة، معلمات وإداريات بمدارس الدولة وربات بيوت... بدأن حديثهن عن وضع المرأة وحقوقها المسلوبة وأنهن تعبن من الصمت وعلى رأسها قيادة السيارة.. فقد أعلن أن السعودية أبان أزمة الخليج الثانية منطقة خطر، وغالبية الدول طلبت من رعاياها العودة, ورحل عدد كبير من العمالة المنزلية ومنهم السائقين، ومن بقوا استغلونا بالرواتب المضاعفة.. عدا إننا نرى الأمريكيات يقدن المدرعات على أرضنا والكويتيات أيضا.. ونحن باختصار نريد أن يسمح لنا بالقيادة.. فالقيادة ليست محرمه من منظور شرعي .. وحتى نظاما والدليل إن نساء البادية يسمح لهن بالقيادة والكل يعلم ذلك.. فلماذا هذا الحق سليب من نساء المدينة؟؟ مع إن الشرع يحرم اختلاء المرأة مع الرجل لوحدهما.. فلماذا يتغاضى متزعمي الرفض ذلك وهم رجال الدين.. بل إنهم يسمحون لزوجاتهم وبناتهم بالذهاب مع السائق؟؟
لانستطيع أن نقتنع بأي سبب مقنع يحرم ذلك.. نساء الخليج كلهن يقدن السيارة إلا نحن لماذا؟؟
أحداث كثيرة سأسردها يوما ما بكل التفاصيل الدقيقة البسيطة والأجمل..
توصلن لقرار المظاهرة وحددن اليوم والخطة بعد أن قمن بكتابة خطاب لسلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض في ذلك الوقت ولكنه وصل متأخر، وقررن الخروج، من أجمل التفاصيل أنهن اتفقن أن يغسلن وجوهن بحيث لا يكون أي أثر للكحل أو مساحيق التجميل وأن يرتدين بنطال تحت الثياب حتى لاينكشف منهن أي شيء مبالغة بالحشمة والتستر، وحتى يتفادين الانتقادات بهذا الخصوص مبالغة في مرضاة رجال الدين..
في 4عصر الثلاثاء الموافق 6نوفمبر عام 90 ميلاديا, ومن أمام موقف للسيارات التابع لمجمع التميمي التجاري الواقع على طريق حيوي, انطلقت 13سيارة يقودها 47 امرأة سعودية وطفلتان أعمارهن(50:19) أعمالهن مابين أكاديميات في جامعة الملك سعود و4طالبات جامعيات، معلمات وإداريات في المدارس وربات منازل، وسيدتين أعمال.. بشكل متتابع ومتسلسل انطلقت المسيرة..
وفي المرة الثانية للمسيرة أوقفتهم إحدى سيارات المرور وتقدم الشرطي محتارا ولكنه أراد إحراجهن فطلب رخصة القيادة في بلد يحرمها على النساء فأعطته رخصتها الأمريكية!!!طلبت منه السيدة أخبار رئيسة بأن يخبر أمير الرياض بذلك..
أثناء النقاش الدائر بين الشرطي الذي استدعى رئيسه تجمعت سيارات شرطة أخرى.. وصلت فجأة سيارات من نوع جمس وهي سيارات الهيئة الدينية, بفورة سخط من ملتحين أعماهم الغضب، اندفعوا تجاه النساء وهم يوصفونهن بألفاظ نابيه..
قفزوا على سيارات النساء واخذوا يضربون السيارات ويركلونها ويصرخون على النساء لعلهن ينزلن لكي يسحبونهن لسياراتهم، إلا أن موقف رجال الشرطة الحازم بتوجيه من سلمان أبطلت نواياهم الشريرة..
اختلفت الجهتان من يتولى معالجة المعضلة, وأنقلبت الرياض في ذلك المكان والزمان.. لكن أمارة الرياض أمرتهم بترك الأمر للشرطة وسلمتها لشرطة السليمانية تحديدا..على أن يرافق كل سيارة شرطي يقودها بنفسه..
أسود الهيئة اتصلوا بالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله الحازم في رده وموقفه معهم، ومنعهم من التدخل في الموضوع وتركها للسلطة..
التحقيق كان بحضور أفراد الهيئة الذي همش دورهم، استدعت الشرطة أولياء الأمور وأخذت تعهدات عليهم جميعا.. ومحدثتي لم يكن ولي أمرها في الرياض فأصرت أن الحاكم سلمان هو ولي أمرها، الرابعة فجرا أخلي سبيل الجميع بأمره.. فماذا حدث بعد ذلك؟؟؟
حقوقيةإصلاحيةوناشطةسياسية سعودية*