عالية خليل ابراهيم - العراق - " وكالة أخبار المرأة "
في الوقت الذي أثارت فيه تصريحات مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي الخاصة بتغيير قانون الأحوال الشخصية والسماح بتعدد الزوجات من دون ضوابط قانونية استهجان ورفض المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية، جاءت هذه التصريحات لتطرح السؤال الكبير الذي ما زال معلقا او مؤجلا لان نتائج جميع ثورات الربيع العربي لم تتبلور بالشكل النهائي او لم يتبين بعد شكل الدول والانظمة التي سترث الحكم. السؤال هو ما مصير حقوق المرأة في ظل المتغيرات الجديدة التي افرزتها الثورات العربية؟ ايكون الربيع العربي وبالا على النساء وهضما لحقوقهن السياسية والاجتماعية والثقافية؟ كيف ستضمن المرأة حقوقها المشروعة في ظل صعود نخب سياسية جديدة ليس لها خلفيات في ادارة الدولة وسبل النهوض بالمجتمع واستثمار طاقته البشرية بالشكل الامثل على شاكلة المجلس الانتقالي الليبي وامثاله من احزاب وحركات في البلدان العربية الاخرى؟0 الاسلام السياسي الذي يبدو انه سيتصدر المشهد في المرحلة القادمة هل سيقدم مشروعا للعدالة والمساواة بين مكونات الشعوب العربية القومية والعرقية والطائفية ام سيشهد صعوده انقساما حادا بين الفئات والمكونات وزيادة في الفرقة والتناحر اشد من تلك النزاعات التي عاشتها الشعوب في ظل الديكتاتوريات المقيتة،لاشك ان نتائج الانتخابات وطبيعة الائتلافات في الحكومات العربية القادمة هو الذي سيضع الاجابة الشافية عن تلك الاسئلة غير ان استقراء" سريعا لوضع المرأة في البلدان التي حدثت فيها الثورات ينبئ عن صورة ضبابية ومستقبلا مجهولا للمرأة التي دعمت الثورات بكل ما تستطيع من صوت وفعل وقلم حر.
ديكتاتورية زين العابدين بن علي المطاح بها في تونس، بالرغم من استبدادها واحتكارها للسلطة لما يزيد عن ربع قرن استطاعت ان تجد لها صدى طيبا في بلدان العالم المتحضر بدعمها لحقوق المرأة التونسية من خلال مجموعة من التشريعات القانونية خاصة تلك المتعلقة بقانون الاحوال الشخصية حتى اضحت مكتسبات المرأة التونسية مثالا تصبو اليه النساء في البلدان العربية، الان وبعد رحيل بن علي تشير نتائج الانتخابات الحرة الاولى بعد الثورة الى فوز حزب النهضة الاسلامي،هذا الحزب لم يقدم أي تصور عن وضع المرأة وحقوقها في المرحلة القادمة، واكتفى بارسال اشارات تطمين للمجتمع الدولي فيما يخص حقوق النساء ولم يعرف بعد اذا كانت هذه التطمينات لغرض امتصاص القلق الدولي من فوز حزب اسلامي في تونس البلد الذي طالما عرف عنه انفتاحه على الغرب واعتماده على قطاع السياحة في تمويل اقتصاده القومي هل ستكون هذه التطمينات هواء في شبك حين يقبض الحزب على زمام السلطة، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان المتحدثين باسم الحزب لم يعبروا عن دعمهم وتأييدهم للقوانين التي جاءت في صالح المرأة في ظل النظام المباد.
في مصر ظلت قضية حقوق المرأة مثار جدل وخلاف قبل الثورة وبعدها مع عدم قدرة حكومة الحزب الحاكم السابقة على انصاف النساء من خلال عجزها عن اصدار قوانين تجرم فيها ختان الاناث او اصدار قانون يضمن للمرأة الحق في تبوؤ منصب القضاء، ولم تستطع المرأة المصرية من انتزاع الحق في الخلع الا بعد جهد جهيد ودعوات استمرت عقودا من الزمن، الان وبعد انتصار الثورة ورحيل نظام حسني مبارك لم يبد المجلس العسكري الانتقالي أية مبادرة لاعادة فتح ملفات حقوق المرأة المعطلة في العهد السابق ولم يبادر لحماية حقوق المرأة السياسية في ظل النظام الجديد اذ يصر المشرعون المصريون على رفض ترشيح المرأة لمنصب رئاسة الجمهورية مستندين الى نصوص شرعية ملفقة تحرم المرأة من الولاية العامة على شؤون المسلمين، الدعوة الى نظام الكوتا النسوية لضمان حق المرأة في التمثيل البرلماني لم تجد آذانا صاغية من القوى التقليدية التي ما زالت تمسك بزمام الامور بالرغم من التغيير،المؤشرات تدل ان جماعة الاخوان المسلمين المخترقة من التيارات الدينية السلفية قد تتصدر لائحة الاحزاب الفائزة في الانتخابات المقبلة وهذا ما سيضع مستقبل مصر بشكل عام والمرأة تحديدا عند مفترق طرق خطير.
المرأة اليمنية هي الاخرى ينتظرها مصير مجهول بعد انتصار الثورة الوشيك فلم يعرف حتى الان القوى والاحزاب التي ستتصدر المشهد السياسي في مجتمع عشائري مغلق وبيئة تنشط فيها المنظمات والتجمعات السلفية والمتطرفة.يبدو ان مساهمة المرأة العربية في اسقاط الانظمة الديكتاتورية من خلال مواقفها المبدئية في قيادة التظاهرات لم يكن نهاية الشوط بالنسبة لها في الدفاع عن حقوقها المعطلة منذ عقود من الزمن بل هي مجرد بداية لشوط طويل اخر لابد ان تقطعه ليس بالتظاهر والهتاف كما في الثورات بل بالاصرار والوعي والثبات وتكاتف المنظمات النسوية مع التيارات والاحزاب الليبرالية والاسلامية المتنورة ومنظمات المجتمع المدني للوقوف صفا واحدا للدفاع.