الملك عبدالله حسم الجدل البطيء المتردد، وقال إننا في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين، وأن التحديث المتوازن الحكيم هو في صيانة الحقوق. خطاب الملك عبدالله انتصر لصورة المرأة الإنسانية العاقلة التي بالكاد تجد لها في الحيز العام اعترافاً. الملك عبدالله يعترف أمام مجلس الشورى وأمام شعبه بأن للمرأة حق المشورة والصواب، ويستدل بشواهد تاريخية إسلامية مثل موقف أم المؤمنين رضي الله عنها أم سلمة في معركة الحديبية، كما ورفض تهميش المرأة في المجتمع السعودي، وفي كل مجالات العمل. مشاركة أم المؤمنين أم سلمة لم تقتصر على شؤون النساء والأطفال، ومن اعترف لها بهذا الحق هو الرسول صلى الله عليه وسلم في مشورة تخص أهم قرار في حياة مجتمع بشري وهو الحرب، ولا أظن أن المرأة المسلمة كانت تشارك في الحروب بالصورة التي يتصورها البعض لدينا، معزولة خلف الجدران، ومحصورة في شؤون البيت والأطفال. فمتى امتلكت المرأة الطاقة والمهارة التي تؤهلها للمشاركة حربية كانت أم فكرية، فإن من حقها أن تتقدم وتعلن عن نفسها وتشارك، تماماً كما فعلت أم المؤمنين رضي الله عنها أم سلمة، والتي حين سمعت رسول الله ينادي ويطلب المشورة قائلاً: أيها الناس..، هرعت تلبي النداء، وحين تعجبت جاريتها، وقالت لها: لكن رسول الله يقول أيها الناس، ردت عليها بالقول: وأنا من الناس. نعم نحن من الناس، من الناس الذين سيجلسون على مقاعد الشورى وفي مجالس البلديات وفي الجامعات وفي المستشفيات، سنلبي نداء الملك، وسنكون حاضرات عند حسن ظنك بنا، وبما نملكه من أمانة وعلم.
ربما - خادم الحرمين لبّى النداء
يحق لنا اليوم أن نسعد في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها المرأة في المملكة العربية السعودية، بعد الخطاب الذي ألقاه خادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله أمام مجلس الشورى يوم أمس، والذي أعلن فيه حق المرأة في عضوية مجلس الشورى وعضوية المجالس البلدية، ويجب أن نقف لجلالته شكراً وتقديراً، وأن نعترف بشهامته ومواقفه النبيلة معنا، فهو أول ملك منحنا نحن النساء حق البيعة، وأصرّ على استقبالنا في قصره في جدة، واستمع لنا ولمطالبنا ولطموحاتنا، وأوصانا كعادته بالصبر. قرارات خادم الحرمين يوم أمس أكدت لنا بأنه يستمع لنا، ولم يتركنا يوماً وحيدات، وأنه على الدوام قريب من مطالبنا، واسع الصدر بإلحاحنا واستعجالنا.
هذا القرار السياسي الشجاع قام بمسؤوليته اليوم واستجاب لمطالبنا، لكن الجهود لم تنته بعد، لدينا آمال معلقة ومخاوف، آمالٌ بأن يستقبل مجلس الشورى هذا القرار بوعي كبير بحجم القرار ووعيه، وأن يترجم قرار الملك بآفاقه الواسعة، ومثلما شاركت أم سلمة في مشورة الحرب، فإننا نتوقع ألا تختصر مشورة النساء في شؤون خاصة ومحدودة ومتواضعة، هذا ما ننتظره من مجلس الشورى، وما ننتظره من مجالس البلديات. قرار الملك بمنح المرأة أعلى حق في المشاركة في مجلس الشورى هو فتح لها في المجالات كافة، والمتوقع أن يجب هذا القرار ما قبله، وأن يمهد الطريق أمام كافة الحقوق المعطلة للنساء، فليس من العدل أن تنال المرأة السعودية حق المشاركة في مؤسسة سياسية رفيعة في الدولة، فيما تحرم من حقوقها البسيطة الأخرى. الكرة اليوم في ملعب مؤسسات الدولة بدءاً من مجلس الشورى، وفي المجالس الأخرى من البلديات والجامعات وإدارات المرور. فهل نكون بحجم الطموح وبحجم القرار التاريخي.
تعليقات