فتيحة الراوي - المغرب
فأصبح الانتحار الحرام الذي أحلته الثورة، أو على الأصح أحلته المعاناة والقهر.فقد أظهرت هذه الأحداث الذي يشهدها العالم أن هذه الظاهرة تعدت الجانب النفسي الفردي إلى الجانب الاجتماعي.هذا الأخير الذي كان قد أكد عليه عالم الاجتماع إميل دوركايم ،فلا غرابة أن يأتي علينا يوم نشهد فيه انتحارا جماعيا للعاطلين يحاكون بذلك به الانتحار الجماعي للدلافين. و هذا الانتحار الجماعي محمود، فستتمكن بذلك الدولة من تصديرهم دفعة واحدة للآخرة بعدما عجزت عن توظيفهم و لو على دفعات.
فبعدما قضوا سنوات من الجهاد للحصول على الشواهد العليا ،لم تجز لهم الإجازة الحصول على عمل ،و لا حتى الماستر شفع لهم بذلك و لا حتى الوزير الذي لا يكف عن الشكوى من قلة الأطر داخل قبة البرلمان، بينما خارجه يعتصم الكثير من الأطر يطالبون بالتوظيف. وهذه المفارقة راجعة بالأساس إلى الجودة التي بني بها البرلمان حتى أصبحت جدرانه من السماكة بحيث لا تسمح بمرور أي صوت خصوصا أصوات المحتجين.
و للانتحار أشكال متعددة. و من أكثرها تجريما و أكثرها فداحة، ذاك الذي يقوم به بعضهم سامحه الله !! فتنتحر الكلمات على ورقتهم فتنزف مدادا يفضح المفسدين و المتلاعبين. وهذا الانتحار مذموم حسب الشريعة المغربية، ففاعلها يحمل سلاحا فتاكا و هو رصاص القلم مما يجعل السلطات تتدخل بشكل فوري و استعجالي لإيقاف هذا المنتحر عن القيام بعمله الإجرامي في حق الخلايا السرطانية التي عاثت في جسم المجتمع فسادا ، فيجرم فاعلها بالمساس بأمن الدولة و قلب النظام... و كل ما تيسر من التهم الجنائية فيحكم عليه تنفيذيا و يرمى خلف القضبان استعجاليا ولو تيسر الأمر، القضاء عليه نهائيا .