قتلها وألقى بها في البئر، ومن ثم هرب بفعلته على غير عادة أمثاله من القتلة من مدعي الدفاع عن الشرف. فهذا الصنف من جرائم القتل يطيل عادة رقبة القاتل ويرفع رأسه، لذلك لا يلجأ المجرم غالبا الى انكار جريمته لأنه وفقا لعقليته المريضة قد قام بغسل العار مدافعا عن "شرف العائلة"، حيث جرت العادة أيضا أن يقوم معظم مرتكبي هذا النوع من الجرائم، فور اجهازهم على الضحية، ووفقا لتخطيط مسبق بتسليم أنفسهم الى الشرطة مستفيدين من العذر المخفف مطمئنين الى اطلاق سراحهم بعد مدة قصيرة مكللين بالغار " كأجدع الناس"
ويخلق مصطلح "جرائم الشرف" كذلك المفارقات، ففي الوقت الذي تعتبر فيه المنظومة الاجتماعية بأن المرأة غير مسؤولة عن تصرفاتها وقراراتها بحكم ضعفها، تقوم ذات المنظومة بإسناد مهمة حمل مسؤولية " الشرف" الى المرأة الضعيفة وتعفي الرجل الذي يتمتع بالقوة والبأس في العائلة من عبئه، وتحيل له مهمة السهر للدفاع عن مسؤولية المرأة في حمله والحفاظ عليه متحذا قرار موتها ان شك في تقصيرها بحمل االمسئولية ..
السؤال المطروح من قبل الجميع الآن يدور حول رزمة الاجراءات المتنوعة المطلوب الشروع بشكل جدي للعمل بها من أجل التصدي لمشكلة قتل الفتيات.. فقد بات من المؤكد ان التدخلات المطلوبة تبدأ من اشتقاق آليات للتواصل مع كل المجتمع بنمط من التثقيف المتجاوز لخيار التثقيف النخبوي والموسمي والمناسباتي لشريحة محدودة من الاناث، تثقيف يوقع طلاقا بائنا بينونة كبرى بين مدلول هذه الجرائم التي تربط بالشرف وبين المعنى الدخيل والمضلل للشرف، فالقتل جريمة لا يمكن تبريرها أو تخفيف عقوبتها، وجريمة أن يُقلب عقاب القاتل الى ثواب يكافأ عليه.
لقد تعطل وتأخر صدور قانون العقوبات الفلسطيني لأسباب كثيرة آخرها ارتهانه للانقسام بانقطاع المجلس التشريعي عن الانعقاد والقيام بمسئولياته. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة في ظل استعادة الوحدة الوطنية والشروع باعادة الحياة للمؤسسات الوطنية ومنها المجلس التشريعي عن امكانية صدور القانون الذي أصبحت مسودته جاهزة بعد ان بذلت جهود جبارة على صياغته وبما يتلاءم مع المجتمع الفلسطيني وخصوصياته ومتوائما مع منظومة حقوق الانسان.. والتساؤل عن مدى قدرة المعادلة الجديدة في أعقاب الاتفاق وبداية مرحلة جديدة، عن امكانية ان يراعي القانون المنشود الواقع الوطني الجديد للمصالح الديمقراطية للمجتمع بديلا للمصالح السياسية، وعن مدى الالتزام بالمرجعيات الوطنية المقرة ومع اتفاقيات حقوق الانسان..!