سيطر الهم العام السياسي والوطني والمعيشي على جو الاجتماع، حيث انخرطت المشاركات في التساؤل عن المحطة المفصلية في أيلول المقبل، وطرحن التساؤلات حول مدى ملائمة التوقيت لإحداث التشكيل الوزاري الجديد؛ وذلك في ضوء عدم استكمال خطة الحكومة الثالثة عشر لبناء مؤسسات الدولة، وطالبن الإجابة عن إمكانية تجسيد خطة الحكومة في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 في ضوء المأزق التفاوضي والموقف الأمريكي الذي أخذ وضعه وشكله الطبيعي باستخدام الفيتو المعطل لقرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن، واستفسرن عن إمكانية المراهنة على الموقف الأوروبي في إسناد توجه وخطة الحكومة في إعلان استكمال بناء المؤسسات.
لقد طرحت المدعوات للاجتماع تصوراتهن حول متطلبات برنامج ومكونات التشكيل الحكومي الجديد، وركزن على أهمية وشرط إقصاء الفاسدين ومحاسبتهم، داعيات الى التدقيق في سيرة وكفاءة الوزيرات والوزراء الجدد بهدف تلافي تكرار تعرض المجتمع الفلسطيني للمزيد من الهزات الأمر الذي أساء لنضاله وصورته المشرقة، إضافة إلى أثره العميق على أخلاقيات التلاحم والتضامن الاجتماعي، وتسببه في نخر جسور الثقة ما بين المجتمع والسلطة الوطنية، وخلق الفجوات بين الطبقات الاجتماعية.
تجاوَب "د. فياض" مباشرة مع ما يتعلق بتعزيز الحريات العامة وعن التوجه إلى إنهاء المسح الأمني بكافة أشكاله. ومن ثم ذهب إلى إبراز الجديد في توجهه وتفكيره السياسي لمعالجة الانقسام، منطلقا بذلك من حصيلة التجارب الماضية، إضافة إلى ما بات يحتله هذا الأمر من أولوية لدى المجتمع بمختلف قطاعاته. طرح رئيس الحكومة، باديا كما لو كان يفكر بصوت مرتفع، فكرة التوجه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مميزا ما بين مهمة توحيد الوطن من خلال الحكومة والمؤسسات؛ وما بين مواجهة ومعالجة الانقسام الذي يحتاج الى وقت أطول ومعالجات أكثر تعقيدا وبمشاركة المجتمع. وجديده في هذا، نظرته إلى المصالحة كنتيجة وليس كشرط مسبق كما كان عليه الحال في الحوارات السابقة. وفي إطار توضيحه للفكرة، أشار إلى أن الإشراف على تنفيذ المفهوم الأمني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة متفق عليه موضوعيا، ويمارس ضمن ذات الإطار المفاهيمي، أما الخلاف السياسي فهو مظهر وسمة للتعددية التي يتمتع بها المجتمع الفلسطيني، مشيرا الى التجربة اللبنانية بهذا الصدد..
في الحقيقة فقد احتلت قضايا المرأة مساحة صغيرة من البحث، للدرجة التي كان يلجأ فيها رئيس الحكومة "لنكش" بعض القضايا النسوية التي يرى بأنها ضرورية على الرغم من إعلان توجهه إلى تنظيم اللقاءات الدورية بالقطاعات المختلفة. لقد أبرزت المشاركات على الصعيد الخاص إشكالية تغليب بعض المسئولين في الوزارات لقناعتهم الشخصية على السياسات والتوجهات الرسمية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، كما أبديت بعض الملاحظات على وزارة المرأة لتغليبها العمل بالبرامج كبديل للعمل بالسياسات التي تعتبر جوهر عملها.
اللقاء مع المرأة، كما وسائر اللقاءات الأخرى مع القطاعات والشرائح المختلفة يعتبر خروجا عن النهج والنمط السائد الذي كان يحصر التشاور مع القوى السياسية والحزبية. فالمجتمع الفلسطيني برؤاه وتعبيراته أكبر من حصره بالقوى السياسية، التي على أهمية التشاور معها، إلا أنها تنطلق من أولويات واحتياجات ومنطق له صلة إلى حدود كبيرة بالمصالح والرؤية الحزبية. إن إشراك القوى الاجتماعية في الحوار، كجزء رئيسي من المعادلة، وتوسيع دائرة النقاش ليشمل القطاعات والفئات الأخرى الحاضرة بقوة في المشهد كما في خارطة المصالح والرؤى، يغني الحوار ويضيف إليه عناصر أخرى ويساهم في توسيع فرجار الرؤية ليقاربها أكثر من نبض الشارع.