أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

مأساة غزة في عيون النساء المهمشات

تحقيق: تغريد بليحة - غزة - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة " رحل الشباب مودعاً هذا الجسد، تاركاً خلفه نبع الحب الذي ينبثق من قلب هذه المرأة.. فالبرغم من قوة شلال الفقر المتدفق من كل الاتجاهات على حياة أسرتها المكونة من سبعة أفراد .. إلا أنها تقف شامخة كالهرم... ها هي دوامة الحياة العنيفة القاسية مازالت تحاول ابتلاعها، وفي كل مرة تتركها تائهة بين أمواجها المتلاطمة ..هذه قصة واقعية للسيدة ع.م الزوجة والأم التي تبلغ من العمر " 43" عاما أمومة صعبة.. وحياة أصعب تجدها ذابلة ومهمومة، وربما يائسة إلى درجة أنها فقدت الكثير من ملامحها، ولكنك سرعان ما تجدها تتحول إلى الزوجة الصابرة، والأم الحنونة، بمجرد أن تلمح طرف أحد أبنائها، إنها السيدة ع. م "أم هاشم" التي تقطن في قرية المغراقة إلى الجنوب من مدينة غزة، في بيت أشبه "بالخرابة" فهي أم لأربعة أولاد وفتاة تتراوح أعمارهم ما بين "10 – 21" عام في المرحلة الجامعية والثانوية والابتدائية. زوجها "أبا هاشم" يبلغ من العمر "44" عاماً، يعاني من مرض نفسي خطير وهو ما يسمى بـ "إنفصال في الشخصية" فتارة تراه هادئاً ودوداً، وأخرى تجده ثوراً هائجاً ينقض على أبنائه وزوجته كالفريسة، فهو يعاني من هذه المرض منذ أكثر من اثني عشر عاماً، والذي أصابه نتيجة فقدانه لأخيه الذي يعتمد عليه بشكل كامل في تدبير شؤون حياته في حادث طرق، وزادت هذه الحالة عنده بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بسجنه على خلفية دخول إسرائيل للعمل دون تصريح، حيث سجن لمدة تجاوزت العامين، لاقى خلالها ألوان العذاب الإسرائيلي، والآن.. بعد أن تعرض للضرب المبرح على يد مسلحين في قطاع غزة، أثناء الأحداث الأخيرة فترة الاستيلاء على مقرات السلطة الفلسطينية، أصبح مرضه مضاعفاً يصعب على أهل بيته التعامل معه أو احتماله، نتيجة صعوبة المواقف التي يتعرضون لها عندما تنتابه الأزمة النفسية هذه.  مواقف الموت تلك اللحظات هي التي تحملك في ومض اللحظة وانكسار الثواني إلى نجاة لا تصدق، وحياة وهبها إياها طفلها عبد الله" 11" عام، الذي دخل الغرفة، وجد والده فاتحاً اسطوانة الغاز ويحاول خنق والدته، حيث قالت أم هاشم" في يوم كان بيضحك بصوت عالي وبشكل غريب ودخل عليا الغرفة ومعه جرة الغاز"الاسطوانة" وفتحها وحطها عند الباب وأجا من ورا ظهري وحاول يخنقني" استطردت برهة ثم استجمعت قواها وأضافت" أنا ما كنت أتصور انو ممكن يعمل هيك لأنو كان بيضحك وأنا فكرت انو بمزح معي" بكت قليلا واسترسلت قائلة " لولا الله ودخول ابني عبد الله الغرفة لكنت أنا في عداد الأموات لأنو لما دخل عبد الله تركني وطلع من الغرفة وكأنه ما عمل اشي" وعند سؤالها عن أهل زوجها قالت أم هاشم بشيء من الحنق " أحيانا ما بنقدرش نتحمل أفعاله ولما ألجأ لأهله ما بيهتموا بالموضوع ولا حدا بيصل باب الدار" وأي باب بيت هذا! لقد تسمرت في مكاني مثل تمثال، وفقدت القدرة وقتها على احتمال ما أرى، فما تعتبره هذه المرأة بيتاً هو عبارة عن ألواح من المعدن "الزينجو" البالية، مصفوفة على شكل أربع جدران وسقف، تعيش فيه هذه الأسرة بدون مطبخ أو حمام، وهي تسكن فيه منذ أشهر بعد أن قامت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بهدم الغرفة التي كانت تضمها والتي لا تختلف كثيرا عن هذه الغرفة كي تبني لها بيتا متواضع بعد أن قامت لجنة البحث الاجتماعي بزيارة هذه العائلة وكتبت في تقريرها أن هذه الغرفة لا تصلح للعيش الإنساني وأوضحت أم هاشم أنها استطاعت بعد أن أنجبت التوأم عبد الله ومحمود من إمداد خط الكهرباء بمساعدة الأهل والعشيرة، وأشارت أنها في أيام الصقيع التي مرت بها الأراضي الفلسطينية لم تنقذها وأسرنها من هذه الأيام إلا رحمة الله، حيث باتت هذه الغرفة مصرفاً للمياه العادمة التي سقطت على المنطقة حيث تقع في مكان منخفض عن الأراضي الأخرى.  حاضر ومؤلم ومستقبل مجهول ها هي أم هاشم تشتم رائحة الخطر من جديد، ولكن هذه المرة على أطفالها، فهي لم تذعن لمشيئتهن ولم تمتثل لقانون الجنون الذي يريد أن يفرضه على أبنائه، وخاصة ابنته فاطمة "21" عاما، وهي طالبة في الجامعة حيث ما زالت الأم تبحث لفلذة كبدها عن سلاح لها وسط هذه الحرب الدائرة والطاحونة التي تكاد تدوس عليها فقالت أم هاشم" وفاطمة في توجيهي في آخر امتحان إلها منعها تروح على الامتحان بس أنا خاطرت وخليتها تقدمه لأني بديش إياها تندم " كررتها ثلاثاً.. وصمتت قليلاً ثم أضافت " أنا غلطتي إني ما سمعت كلام أبويا وكملت تعليمي رغم انو كان في إمكانية إني أكمل وادرس في البيرة بس أنا عاندت واجت ع راسي" واسترسلت " أنا ما بدي بنتي تتعذب زيي بدي يكون معها سلاح للزمن لو قدر الله وجعلها توقع مع واحد ظروفه صعبة زي أبوها" وتابعت قائلة" نفسي أولادي يعيشوا في ظروف أحسن من هيك أنا حاسة إنهم لو ضلوا على هالحال راح ينجنوا زي أبوهم " .  ولدها الكبير لا يذهب إلى المدرسة كباقي أبناء جيله، رافضا النظر إليه نظرة العطف التي وجدها في المرحلة الإعدادية، لثيابه المهلهلة، وحذائه البالي إضافة إلى أن الأطفال في هذه السن يحتاجون إلى مصاريف كثيرة وهذا السبب جعله يترك المدرسة ويلتحق بنظام التعليم المدرسي المنزلي.  وفاطمة تحاول دوما الابتعاد عن زميلاتها حتى لا تتوطد العلاقة بينها وبينهم وتجد نفسها أمام بوابة الزيارات الاجتماعية المتبعة فهي تخجل من بيتها وحياتها وظروفها المعيشة الصعبة كما أوضحت لنا والدتها. حياة الكهف مع اختلاف بسيط تُرى في هذه الظروف!؟ زوج مختل عقليا، وزوجة عاطلة عن العمل، وأبناء في عمر الزهور بحاجة إلى مصاريف كثيرة.. من أين يحصلون على لقمة العيش؟!! سؤال طرحته على أم هاشم المعيلة لهذه الأسرة، عندما شاهدت حولي أكوام من الألواح المتناثرة والطوب، وغرفة لا تصلح إلا مأوى للدجاج، قالت أم هاشم بصوت مختنق" أنا صارلي عشر سنوات بأطرز تطريز فلاحي والي بيجي منه باحاول أسد جوعي وجوع أولادي وأول مرة اشتغلت فيها كانت مع وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين وبعدين صرت اشتغل مع جمعية أطفالنا للصم لأنهم بيقدروا وضعي وبيجيبوا الشغل عالدار وهم بيجوا ياخدوه" وعن المساعدات التي يقدمها لها الأهل" كل واحد على قد حالو من اخواتي وكل واحد عليه مسؤولياته وانا ما بأحب اطلب من حدا اشي إذا حدا بدوا يعطيني باخد منه وبضلها شغلة تساعد معي بس أنا ما بأطلب من حدا "  أبناء الخوف الطفل عبد الله خطرت في باله فكرة ماجنة! ماذا لو أن والده في هذه اللحظات – لحظات الجدال مع أمه- قتلها، وهي التي تمثل لها الأمن في هذه الثنايا الموحشة.. فذهب مسرعاً مترجياً والدته في الكف عن الحديث مع والده، على الرغم من محاولة الأم في طمأنته في أن الحديث اعتيادياً..هذا ما حاول أن يرسمه لنا الطفل عبد الله "11" عام، وذلك لأسباب قالها لنا عبد الله " مرة كنا قاعدين أجا أبويا فجأة ومعه سكينة وهجم على أمي وكان بد يقتلها لولا أجا اخويا خالد ومسك الفاس وحكالوا لو قتلتها باقتلك " ربما شعر عبد الله بالخجل رغم صغر سنه واحمر وجههن ولكنه أضاف بعد صمت طويل " دايما أبويا بيصرخ في الدار ولما أروح أطلب منه اشي بيصرخ بوجهي وبيغلط عليا "  هذا الأب لم يقف عند ذلك فحسب بل ذهب في إحدى النوبات إلى الشارع صارخاً "والله لأحبسكم بدكم تقتلوني" ولكن..الأصعب من هذا أن الأب عندما يريد ارتكاب جريمة بحق أبنائه سواء بضربهم أو ضرب والدتهم على مرأى منهم يقوم أولاً بطرد أبنائه الكبار من المنزل وغالباً ما بخترع المشاكل لولده الكبير حيث قالت أم هاشم" دايما بيحاول انو الولاد الكبار ما يكونوا في الدار ودايما بيخترعلهم المشاكل عشان يطردهم لأنو بخاف إنهم يتصدوا لأفعاله معنا وكمان لأنو بحس انو ضعيف وهم أقوى منه"  الأم وثبت في مكانها كمن لدغها ثعبان، عندما سمعت ولو أول مرة استغاثة أبنائها الذين أرادوا من الله وأصحاب القلوب والضمائر الحية بوضع حل لمأساتهم، وناشدت كل الجهات المعنية بتوفير وظيفة لها كي تنقذ أبنائها من دوامة الفقر والحاجة التي تراها كل يوم في ملامح وجوههم البريئة مستصرخة " أنقذونا".

تحقيق: تغريد بليحة - غزة - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

رحل الشباب مودعاً هذا الجسد، تاركاً خلفه نبع الحب الذي ينبثق من قلب هذه المرأة.. فالبرغم من قوة شلال الفقر المتدفق من كل الاتجاهات على حياة أسرتها المكونة من سبعة أفراد .. إلا أنها تقف شامخة كالهرم... ها هي دوامة الحياة العنيفة القاسية مازالت تحاول ابتلاعها، وفي كل مرة تتركها تائهة بين أمواجها المتلاطمة ..هذه قصة واقعية للسيدة ع.م الزوجة والأم التي تبلغ من العمر " 43" عاما

أمومة صعبة.. وحياة أصعب

تجدها ذابلة ومهمومة، وربما يائسة إلى درجة أنها فقدت الكثير من ملامحها، ولكنك سرعان ما تجدها تتحول إلى الزوجة الصابرة، والأم الحنونة، بمجرد أن تلمح طرف أحد أبنائها، إنها السيدة ع. م "أم هاشم" التي تقطن في قرية المغراقة إلى الجنوب من مدينة غزة، في بيت أشبه "بالخرابة" فهي أم لأربعة أولاد وفتاة تتراوح أعمارهم ما بين "10 – 21" عام في المرحلة الجامعية والثانوية والابتدائية.

زوجها "أبا هاشم" يبلغ من العمر "44" عاماً، يعاني من مرض نفسي خطير وهو ما يسمى بـ "إنفصال في الشخصية" فتارة تراه هادئاً ودوداً، وأخرى تجده ثوراً هائجاً ينقض على أبنائه وزوجته كالفريسة، فهو يعاني من هذه المرض منذ أكثر من اثني عشر عاماً، والذي أصابه نتيجة فقدانه لأخيه الذي يعتمد عليه بشكل كامل في تدبير شؤون حياته في حادث طرق، وزادت هذه الحالة عنده بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بسجنه على خلفية دخول إسرائيل للعمل دون تصريح، حيث سجن لمدة تجاوزت العامين، لاقى خلالها ألوان العذاب الإسرائيلي، والآن.. بعد أن تعرض للضرب المبرح على يد مسلحين في قطاع غزة، أثناء الأحداث الأخيرة فترة الاستيلاء على مقرات السلطة الفلسطينية، أصبح مرضه مضاعفاً يصعب على أهل بيته التعامل معه أو احتماله، نتيجة صعوبة المواقف التي يتعرضون لها عندما تنتابه الأزمة النفسية هذه.

مواقف الموت

تلك اللحظات هي التي تحملك في ومض اللحظة وانكسار الثواني إلى نجاة لا تصدق، وحياة وهبها إياها طفلها عبد الله" 11" عام، الذي دخل الغرفة، وجد والده فاتحاً اسطوانة الغاز ويحاول خنق والدته، حيث قالت أم هاشم" في يوم كان بيضحك بصوت عالي وبشكل غريب ودخل عليا الغرفة ومعه جرة الغاز"الاسطوانة" وفتحها وحطها عند الباب وأجا من ورا ظهري وحاول يخنقني" استطردت برهة ثم استجمعت قواها وأضافت" أنا ما كنت أتصور انو ممكن يعمل هيك لأنو كان بيضحك وأنا فكرت انو بمزح معي" بكت قليلا واسترسلت قائلة " لولا الله ودخول ابني عبد الله الغرفة لكنت أنا في عداد الأموات لأنو لما دخل عبد الله تركني وطلع من الغرفة وكأنه ما عمل اشي" وعند سؤالها عن أهل زوجها قالت أم هاشم بشيء من الحنق " أحيانا ما بنقدرش نتحمل أفعاله ولما ألجأ لأهله ما بيهتموا بالموضوع ولا حدا بيصل باب الدار" وأي باب بيت هذا! لقد تسمرت في مكاني مثل تمثال، وفقدت القدرة وقتها على احتمال ما أرى، فما تعتبره هذه المرأة بيتاً هو عبارة عن ألواح من المعدن "الزينجو" البالية، مصفوفة على شكل أربع جدران وسقف، تعيش فيه هذه الأسرة بدون مطبخ أو حمام، وهي تسكن فيه منذ أشهر بعد أن قامت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بهدم الغرفة التي كانت تضمها والتي لا تختلف كثيرا عن هذه الغرفة كي تبني لها بيتا متواضع بعد أن قامت لجنة البحث الاجتماعي بزيارة هذه العائلة وكتبت في تقريرها أن هذه الغرفة لا تصلح للعيش الإنساني

وأوضحت أم هاشم أنها استطاعت بعد أن أنجبت التوأم عبد الله ومحمود من إمداد خط الكهرباء بمساعدة الأهل والعشيرة، وأشارت أنها في أيام الصقيع التي مرت بها الأراضي الفلسطينية لم تنقذها وأسرنها من هذه الأيام إلا رحمة الله، حيث باتت هذه الغرفة مصرفاً للمياه العادمة التي سقطت على المنطقة حيث تقع في مكان منخفض عن الأراضي الأخرى.

حاضر ومؤلم ومستقبل مجهول

ها هي أم هاشم تشتم رائحة الخطر من جديد، ولكن هذه المرة على أطفالها، فهي لم تذعن لمشيئتهن ولم تمتثل لقانون الجنون الذي يريد أن يفرضه على أبنائه، وخاصة ابنته فاطمة "21" عاما، وهي طالبة في الجامعة حيث ما زالت الأم تبحث لفلذة كبدها عن سلاح لها وسط هذه الحرب الدائرة والطاحونة التي تكاد تدوس عليها فقالت أم هاشم" وفاطمة في توجيهي في آخر امتحان إلها منعها تروح على الامتحان بس أنا خاطرت وخليتها تقدمه لأني بديش إياها تندم " كررتها ثلاثاً.. وصمتت قليلاً ثم أضافت " أنا غلطتي إني ما سمعت كلام أبويا وكملت تعليمي رغم انو كان في إمكانية إني أكمل وادرس في البيرة بس أنا عاندت واجت ع راسي" واسترسلت " أنا ما بدي بنتي تتعذب زيي بدي يكون معها سلاح للزمن لو قدر الله وجعلها توقع مع واحد ظروفه صعبة زي أبوها" وتابعت قائلة" نفسي أولادي يعيشوا في ظروف أحسن من هيك أنا حاسة إنهم لو ضلوا على هالحال راح ينجنوا زي أبوهم " .

ولدها الكبير لا يذهب إلى المدرسة كباقي أبناء جيله، رافضا النظر إليه نظرة العطف التي وجدها في المرحلة الإعدادية، لثيابه المهلهلة، وحذائه البالي إضافة إلى أن الأطفال في هذه السن يحتاجون إلى مصاريف كثيرة وهذا السبب جعله يترك المدرسة ويلتحق بنظام التعليم المدرسي المنزلي.

وفاطمة تحاول دوما الابتعاد عن زميلاتها حتى لا تتوطد العلاقة بينها وبينهم وتجد نفسها أمام بوابة الزيارات الاجتماعية المتبعة فهي تخجل من بيتها وحياتها وظروفها المعيشة الصعبة كما أوضحت لنا والدتها.

حياة الكهف مع اختلاف بسيط

تُرى في هذه الظروف!؟ زوج مختل عقليا، وزوجة عاطلة عن العمل، وأبناء في عمر الزهور بحاجة إلى مصاريف كثيرة.. من أين يحصلون على لقمة العيش؟!!

سؤال طرحته على أم هاشم المعيلة لهذه الأسرة، عندما شاهدت حولي أكوام من الألواح المتناثرة والطوب، وغرفة لا تصلح إلا مأوى للدجاج، قالت أم هاشم بصوت مختنق" أنا صارلي عشر سنوات بأطرز تطريز فلاحي والي بيجي منه باحاول أسد جوعي وجوع أولادي وأول مرة اشتغلت فيها كانت مع وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين وبعدين صرت اشتغل مع جمعية أطفالنا للصم لأنهم بيقدروا وضعي وبيجيبوا الشغل عالدار وهم بيجوا ياخدوه" وعن المساعدات التي يقدمها لها الأهل" كل واحد على قد حالو من اخواتي وكل واحد عليه مسؤولياته وانا ما بأحب اطلب من حدا اشي إذا حدا بدوا يعطيني باخد منه وبضلها شغلة تساعد معي بس أنا ما بأطلب من حدا "

أبناء الخوف

الطفل عبد الله خطرت في باله فكرة ماجنة! ماذا لو أن والده في هذه اللحظات – لحظات الجدال مع أمه- قتلها، وهي التي تمثل لها الأمن في هذه الثنايا الموحشة.. فذهب مسرعاً مترجياً والدته في الكف عن الحديث مع والده، على الرغم من محاولة الأم في طمأنته في أن الحديث اعتيادياً..هذا ما حاول أن يرسمه لنا الطفل عبد الله "11" عام، وذلك لأسباب قالها لنا عبد الله " مرة كنا قاعدين أجا أبويا فجأة ومعه سكينة وهجم على أمي وكان بد يقتلها لولا أجا اخويا خالد ومسك الفاس وحكالوا لو قتلتها باقتلك " ربما شعر عبد الله بالخجل رغم صغر سنه واحمر وجههن ولكنه أضاف بعد صمت طويل " دايما أبويا بيصرخ في الدار ولما أروح أطلب منه اشي بيصرخ بوجهي وبيغلط عليا "

هذا الأب لم يقف عند ذلك فحسب بل ذهب في إحدى النوبات إلى الشارع صارخاً "والله لأحبسكم بدكم تقتلوني" ولكن..الأصعب من هذا أن الأب عندما يريد ارتكاب جريمة بحق أبنائه سواء بضربهم أو ضرب والدتهم على مرأى منهم يقوم أولاً بطرد أبنائه الكبار من المنزل وغالباً ما بخترع المشاكل لولده الكبير حيث قالت أم هاشم" دايما بيحاول انو الولاد الكبار ما يكونوا في الدار ودايما بيخترعلهم المشاكل عشان يطردهم لأنو بخاف إنهم يتصدوا لأفعاله معنا وكمان لأنو بحس انو ضعيف وهم أقوى منه"

الأم وثبت في مكانها كمن لدغها ثعبان، عندما سمعت ولو أول مرة استغاثة أبنائها الذين أرادوا من الله وأصحاب القلوب والضمائر الحية بوضع حل لمأساتهم، وناشدت كل الجهات المعنية بتوفير وظيفة لها كي تنقذ أبنائها من دوامة الفقر والحاجة التي تراها كل يوم في ملامح وجوههم البريئة مستصرخة " أنقذونا".
تعليقات