أنور محمود زناتي – القاهرة - " خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
ما زال مصطلح العولمة Globalization من المصطلحات الغامضة التي لم تُحدَّد معالمها بدقة؛ على الرغم من كثرة الكتب والدراسات التي كتبت فيه. وقد استحوذت العولمة على العالم أجمع وذلك لتأثيراتها الاقتصادية والثقافية والسياسية والتربوية والإعلامية والتقنية، وسيتضاعف هذا الاهتمام في القرن الحادي والعشرين الذي ستصبح العولمة من أبرز مظاهره، والأكثر تأثيراً على صياغة ملامحه .
وأصبحت المرأة محور أساسي من محاور العولمة وتحظى بقدر كبير من الاهتمام ونقطة أساسية في جدول الاجتماعات والفعاليات في العالم، ولدى كثير من المنظمات والجمعيات (الحكومية وغير الحكومية) التي ترفع لواء ورداء الحرية والمساواة وحقوق الإنسان .
وتواكب بعض المنظمات العربية تلك التطورات لذلك سوف نتعرض بالتحليل إلى منظمة هامة من منظمات المرأة العربية ألا وهي " منظمة المرأة العربية "
التعريف بالمنظمة
منظمة المرأة العربية هي أحد المنظمات العربية المتخصصة التي تعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية، وقد دخلت اتفاقية إنشائها حيز النفاذ في مارس 2003. وجاء تأسيس المنظمة تفعيلاً لما أوصت به القمة الأولى للمرأة العربية التي انعقدت في القاهرة في نوفمبر 2000 بدعوة من السيدة سوزان مبارك، ومشاركة السيدات العربيات الأول اللائي أدركن الحاجة الملحة لوضع أسس وإطار مرجعي للنهوض بالمرأة العربية وتفعيل دورها التنموي في كافة المجالات.
وفي هذا الإطار أوصى "إعلان القاهرة" الصادر عن القمة بإنشاء كيان مؤسسي يمثل المرأة العربية ويستهدف تحسين أوضاعها وخدمة قضاياها من ناحية، وكذلك تفعيل دورها الحيوي في عمليات الإصلاح والتنمية المجتمعية بوجه عام من ناحية أخرى، ويقوم بمهام التنسيق والمتابعة لسائر الجهود العربية الرامية لتحقيق هذه الأهداف.
الدول الأعضاء
تضم المنظمة في عضويتها حتى الآن أربعة عشر دولة عربية وهي:- المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، الجمهورية التونسية، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جمهورية السودان، الجمهورية العربية السورية، سلطنة عمان، دولة فلسطين، الجمهورية اللبنانية، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، جمهورية مصر العربية، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الجمهورية اليمنية. كما وقعت ثلاث دول عربية أخري على اتفاقية إنشاء المنظمة وإن لم تصدق عليها بعد.
وقد ترأست المنظمة في دورتها الأولى (2003-2005) الملكة رانيا العبد الله- المملكة الأردنية الهاشمية - ثم من (2005-2007) الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة – مملكة البحرين ، ثم الشيخة فاطمة بنت مبارك (2007-2009) ثم السيدة ليلى بن علي (2009 -2011) .
أهداف المنظمة
ولمنظمة المرأة العربية غايات ثلاث هي:
• تمكين المرأة العربية وتعزيز قدراتها.
• توعية المرأة ذاتها، وتوعية المجتمع ككل، بأوضاع المرأة وقضاياها وبأهمية ومحورية أن تكون المرأة العربية شريكاً على قدم المساواة في عملية التنمية.
• تفعيل و تنسيق التعاون بين الدول العربية من أجل انجاز غايات التمكين والتوعية .
الدور الإيجابي
أولاً : تبني المنظمة مشروع الدراسات المسحية:
وذلك لمسح مشاريع وبرامج المرأة في الدول الأعضاء وذلك لتبدأ في تخطيط وتنفيذ أنشطتها على أساس علمي سليم. ويستهدف هذا المشروع الرفع من كفاءة البرامج المستقبلية الموجهة للمرأة عن طريق تفادي تكرار أخطاء حدثت عند تخطيط أو تنفيذ مشاريع وبرامج سابقة، كما يساهم في توفير الوقت والجهد والموارد من خلال تفادي تكرار مشاريع وبرامج تم تنفيذها ونجحت في تحقيق أهدافها.
وهي نقطة ايجابية حال تنفيذها بدقة ومتابعة مستمرة دون أية عوائق داخلية أو خارجية
ثانياً : المجموعة القانونية العربية :
تتشكل المجموعة القانونية العربية من كبار المستشارين القانونيين الممثلين للدول الأعضاء في المنظمة لدراسة التشريعات العربية ولتقديم المشورة لتطوير هذه التشريعات بما يحقق النهوض بأوضاع المرأة.
وهنا يجب مراعاة الوضع الداخلي لدستور كل دولة من الدول الأعضاء وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء
ثالثاً :الدليل:
تتبني منظمة المرأة العربية مشروعاً لتجميع البيانات ذات الصلة بالمرأة في مصدر واحد يساعد على إظهار هذه البيانات والإعلام بها. وسوف تبوب البيانات التي سيجمعها الدليل الذي سيظهر في شكل ورقي وآخر إلكتروني (يتم تحديثهما بصفة دورية) في خمسة أقسام : الخبراء ، المؤلفات ، المنظمات ، المراكز البحثية والأقسام الأكاديمية، التعديلات التشريعية .
وهذا يحتاج تضافر وتعاون مؤسسات عدة في البلد الواحد ثم ينتقل بدوره لباقي الدول .
رابعاً : قاعدة البيانات الجغرافية عن المرأة العربية:
بدأت المنظمة خطوات إنشاء قاعدة بيانات عن المرأة وأوضاعها في العالم العربي، وسيتم التعبير عن هذه البيانات باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية Geographic Information System (GIS) .
وهو بلا شك سيحقق طفرة معلوماتية هامة عن وضع المرأة ويسهل من عملية نقل أية خدمات لها وبطريقة منظمة وعملية .
خامساً : برنامج حوار الشباب
يهدف هذا الحوار إلي توفير مناخ جيد يزود فيه الشباب العربي بالمعلومة الصحيحة عن المرأة العربية وأوضاعها وقضاياها والجهود المبذولة من أجل النهوض بها، وإتاحة الفرصة للشباب العربي لوضع إستراتيجية الشباب لدعم دور المرأة في بناء المجتمع.
وهي نقطة ايجابية تجعل الصورة أكثر وضوحاً لمتخذي القرار وتتفادى ما كان يحدث في السابق من مشروعات فاشلة لخدمة المرأة لكنها تفتقر للصدق والموضوعية .
- وهناك عدة ملاحظات نتناولها كالآتي :
أولاً:- يلاحظ عدم وجود دعاية منظمة وايجابية لهذه الأهداف بما يتناسب مع خطط واستراتيجيات المنظمة ، والتي ليس لها وجود ملموس ؛ فقد قمت بمسح مبدأي لعينة من طالبات كلية التربية – جامعة عين شمس وللأسف لم أجد واحدة منهن سمعت عن هذه المنظمة . وبالتالي رغم أهمية المنظمة إلا أنها لا تصل الى شريحة جد هامة ألا وهي شريحة طالبات الجامعة .
ثانياً :- رغم وجود دعم متميز لا نجد المنظمة تطلق العديد من الندوات والمؤتمرات على الصعد المحلية والإقليمية .
ثالثاً :- لا نجد من أهداف المنظمة هدف هام وحيوي ألا وهو تفعيل دور المرأة العربية في مجالات التنمية البشرية، ومكافحة الأمراض، وحفظ السلام، والصحة الإنجابية والتربية.
والحقيقة أننا نجد للأسف أن الغالبية العظمى من النساء في الدول العربية بعيدات عن المشاركة الفعلية في حياة المجتمع , من حيث عدم إحتساب الجهود التي تبذلها بشكل علمي , فمعروف أن الاستفادة من قدرات المرأة سياسياً واقتصادياً ما زالت هي الأقل في العالم .
وفي الختام
سمعنا عن العديد من سلبيات العولمة وما تجره علينا من ويلات ولكن ربما نجد شعاع أمل في العولمة ونستغل جزء من تأثيراتها الإيجابية فالعولمة أدت الى ضرورة وضع أسس ومعايير جديدة لتناول وضع المرأة العربية ومن ثم تتعرض هذه المنظمات لمحك عملي في ظل العولمة التي تنقد وتحلل وتوجه أحياناً !!
ولابد من نشر الوعي بحقوق النساء من منطلق مواثيق حقوق الإنسان، والتطوير المؤسسي وبناء قدرات المنظمات غير الحكومية، للعمل على توفير حياة مليئة بالمزيد من الكرامة للنساء في كافة أنحاء الدول العربية
كما يجب تطبيق منهجية عمل مقررات المؤتمرات الدولية المعنية بشئون المرأة العربية وكذلك تشجيع النساء ومناصرتهن على التحدث بمشاكلهن لتشجيع المجتمع ووسائل الإعلام لمناقشة والعمل على تغيير الاتجاهات والسياسات أمام حقوق النساء .
وفي الختام وعلى الرغم من حداثة مفهوم المشاركة النسائية العربية ووجود منظمات تتبنى آمالها وآلامها ، إلا أننا يمكن أن نتلمس الفرص التي تتيحها العولمة للمرأة لتحقيق مشاركتها في قطاعات المجتمع المختلفة وبشكل يربط المرأة بالتطورات الحديثة في الحركة الاجتماعية والاقتصادية بصورة عامة .