النساء في النظام السياسي السعودي - نحو إصلاح سياسي واجتماعي عام

فوزية أبو خالد - السعودية ما أن قلت على قناة العربية بأنني أعتبر قرارات خادم الحرمين الشريفين هدية عامة للوطن وليس للنساء وحسب , كما أعتبرها هدية غالية لي شخصيا لمؤازرتي في مقاومة السرطان إلا وانهالت علي أجنحتي التي لاتزال في الضماد عشرات الاتصالات الصحفية والفضائية من الداخل والخارج. غير أنني لست إلا نقطة من أبجدية الكلام في حب الوطن وفي حلم العدل والحق والحرية والإصلاح. نقطة أولى في أبجدية الكلام : أعتقد أنه لم يسبق قط أن سُلط الضوء المحلي والعربي والعالمي بهذا الشكل الإيجابي على "القضية النسوية " بالمملكة العربية السعودية مثلما حدث بعد قررات خادم الحرمين الشريفين بشأن فتح الباب لمشاركة المرأة مشاركة عاملة في كل من مجلس الشورى والمجالس البلدية. والملفت أنه بجرة قرار ملكي ذكي جرى إعادة إطلاق أجواء التفاؤل "بنية" الإصلاح السياسي والاجتماعي بالمجتمع السعودي بعد أن كانت أو كادت تلك الاجواء أن تتلبد أن تتبلد خاصة بعد هدوء ما بعد 11/سبتمبر 2001م , مع تراوح التفاعالات المحلية من ناحية و تلاحق التحولات العربية والعالمية من ناحية اخرى. وإذا كانت هذه القرارات قد أعادت المملكة العربية السعودية إلى واجهة الشاشات والمناشيتات والمواقع الإلكترونية ليس من باب النفط ولا من باب محاربة الإرهاب بل من ذلك الباب الحضاري لسؤال الإصلاح فإنها قد نجحت لأول مرة على مستوى الصورة الخارجية في إخراج الحديث عن النساء بالمجتمع السعودي من خانة المستلبات والمستبعدات إن لم يكن المستعبدات إلى خانة الحرائر الآهلات المؤهلات بما يضع المملكة دولة ومجتمعا نساء ورجالا على محك تحدي الربط بين القول والعمل و بين القرار السياسي والواقع التطبيقي.  وأهمية هذا التحدي هي أن هذه القرارات لا تخص المرأة وحدها وإن بدت في ظاهرها كذلك بل إنها قرارات تتدخل لتتماس مع نفس بنية النظام السياسي والتركيب الاجتماعي وشبكة العلاقات الاجتماعية إن أريد بها إصلاحا محاولة لتحليل أبعاد القرارات: لو حاولنا بهدف التحليل تفكيك هذا "التحدي الإصلاحي" المتمثل في فتح المجال لتمثيل المرأة داخل النظام السياسي السعودي إلى عناصره الأولوية فماذا سنجد؟ بتبسيط قد لا يخلو من خلل الإختصار فإن هذا التحدي بمعناه الإصلاحي المأمول لا يقل أهمية عن قرار إنشاء مجلس للشورى عام 1993م الذي جاء في أعقاب حرب الخليج الثانية تعبيرا عن وجود إرادة مشتركة بين المجتمع والدولة لإستدراك تلك الاحادية التاريخية المطلقة التي عاشها المجتمع السعودي على مستوى نظامه السياسي منذ تأسيس الكيان المستقل الموحد لدولة المملكة العربية السعودية عام 1932م. فالتمثيل الرمزي للمواطنات السعوديات داخل مجلس الشورى لن تكون له أهمية حقيقية مالم يصب في تطوير بنية المجلس وتطوير دوره وآلياته, ليكون ذا بنية سياسية تشريعية ورقابية مستقلة قادرة على محاولة التحرر ليس فقط من الاعتبارات القبلية و المناطقية والمذهبية بل وايضا من اعتبارات النوع الاجتماعي , لتقاس جدية تجربة العمل السياسي فيه بميزان الإنتماء إلى هوية وطنية واحدة تتعايش وتشارك في الشأن الوطني على قدم المساواة بأطيافها المتعددة.  ونفس الشيء يمكن أن يقال عن تمثيل المواطنات في مجالس البلديات حاليا (وربما المناطق لاحقا) وخاصة أن مجالس البلديات تقوم في نصفها على آلية متقدمة تشمل الترشيح والانتخاب مما يتيح دربة ممارسة المسؤولية الوطنية خارج وداخل المجالس لجميع المواطنين والمواطنات ومما قد يسمح بتطوير أرضية ديموقراطية وتعلم أدوات العمل الديموقراطي في المشاركة والتداول والحلول على مستوى العمل المؤسسي الحكومي والمدني. إذن فنحن إذا أمعنا البصر موضوعيا ولم نرض من ردات الفعل الخارجية بالدعاية والإعلام كما لم نكتف في التلقي الداخلي بالتهويل أو التهوين نجد أنفسنا أمام قرارات تاريخية ليس بمقياس اللحظة الراهنة وحسب بل بمقياس مستقبلي. بمعنى أنه أما وقد جاءت هذه القرارات استجابة إيجابية متفاعلة مع مطالب وطنية طالما كتبت فيها المقالات والبحوث والمعاريض فلا بد أن تأخذ حقها فيما يترتب عليها من تغيرات إصلاحية داخل بنية النظام السياسي والتركيب الاجتماعي وشبكة العلاقات الاجتماعية بالمجتع السعودي.  و بناء على هذا الفهم المستقبلي أعلاه للقرارات فإن تفعيلها تفعيلا إصلاحيا عاما, يقتضي مقاومة اي محاولة قد تحول دخول المرأة مجلس الشورى أو مجالس البلديات إلى مجرد مكسب "نسوي صغير" لايخرج على إيصال نفر محدود من بعض نساء "النخب" لمقاعد لن تضيف لهم إلا مزيدا من الحظوة ولن يضيفوا لها إلا مزيدا من إحتكار الامتيازات وتعميق التمايز على عكس هدف القرارات. تفعيل القرارات : وفي هذا فقد لمست مع عدد من الزميلات والزملاء أن هذا الموقف الإصلاحي للملك عبدالله بن عبدالعزيز, لايمكن تثمينه بما يكفي ولا الحفاظ عليه وتطويره الا بأن يندب المواطنون والمواطنات أنفسهم بمختلف مشاربهم وفي شتى مواقعهم ليكونوا بمستوى مسؤولية ردم الفجوة بين القرارات وبين الواقع ومعوقاته المركبة . وهذا لابد أن يتم العمل فيه والإعداد له على عدة مستويات, منها ماهو قانوني ومنها ماهو مؤسسي , فلسفي , ثقافي أو سواها إلا أنها تلتقي جميعا عند المصب السياسي لإرادة الإصلاح. ومن هذه المستويات التي يقتضي العمل عليها لتحويل القرار السياسي إلى واقع ميداني مايأتي : - مؤازرة القرارات على مستوى قانوني, بما يقتضي الشروع في عمل تشريعي مختص يعمل على سن القوانين اللازمة التي تكفل تكافؤ العلاقات الاجتماعية بين المرأة والرجل في الحقوق المدنية بمعيار الرشد والأهلية والمواطنة بما يرفع وصاية الرجل عن المرأة ويعطيهما ضمانة قانونية متساوية لأداء الواجبات وتحصيل الحقوق تسمح بخضوع كل منهما للمساءلة مثل ماتسمح لهما بتحمل مسؤولية المشاركة في العمل الوطني بما يقتضيه العمل في موقع مثل مجلس الشورى من متطلبات التشريع والمراقبة والمحاسبة واتخاذ القرارات في قضايا المجلس اليومية والمصيرية.  - مؤازرة القرارات على المستوى المؤسسي, وهذا يعني مراجعة واقع مؤسسات الجهاز الحكومي بما يصحح ما في بنيتها أو آليات عملها من ثغرات بيروقراطية أو بنيوية تضيق بمتطلبات الإصلاح أو تجعلها في موقف المعطل لتلك القرارات ومايترتب عليها من إجراءات. - مساندة مؤسسات المجتمع المدني على التوسع والتعدد في مختلف المجالات نقابي , ثقافي , صناعي , توعوي الخ بحيث يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور مساند في تدريب المواطن على تحمل المسؤولية والمشاركة في الفضاء العام. - مؤازرة القرار بالوعي الاجتماعي والوطني وهنا يجيء دور مؤسسات الإعلام بأنواعها كما يأتي دور المؤسسات التربوية بمستوياتها المختلفة العام والعالي بما فيها إناطة دور طليعي بالجامعات في توعية وتدريب الشابات والشباب على متطلبات الإصلاح والتغير الإيجابي في المرحلة المقبلة كما تتطلب القرارات الملكية.  - العمل الميداني على خلق بيئة صديقة لوجود النساء في الفضاء العام , فلا تضار المرأة في حضورها العلني في المواقع المختلفة من الطرقات والدوائر الحكومية إلى حضورها في المحافل والمنابر المحلية ومجالس العمل المختصة بإتخاذ القرارات في مختلف اختصاصات الشأن العام من المجالس العلمية للجامعات إلى مجلس الوزراء. وهذا مطلب على بساطته غاية في الأهمية للمعالجة والتصحيح - تصحيحا إصلاحيا- " لمناخ التوحش والتوجس والريبة والإدانة " الذي شحنته العزلة وتسلط التشدد الديني والتعصب السياسي ضد المرأة بالمجتمع السعودي عبر عدة عقود وخاصة من بداية الثمانينات الميلادية بعد واقعة الحرم وصعود الثورة الإيرانية الخمينينة، فلن يكون بإمكان المرأة السعودية الاستفادة العملية من هذه القرارات بينما عموم النساء بالمجتمع السعودي لا يشعرن بالأمان ولا بالإحترام عندما يتحركن في الفضاء العام لقضاء أي من حوائجهن اليومية البسيطة خارج جدران الفصل أوالعزل القائم بين عالم النساء وعالم الرجال بالمجتمع السعودي. مثال عملي للبلورة والتطوير: وفي هذاالسياق سأقتبس مثالا تحدثت عنه د. الجازي الشبيكي وهو عبارة عن مقترح بأن يكون لاقسام العلوم الاجتماعية بجامعاتنا دور في العمل الجماعي على وضع حقائب توعية بالمعنى الوطني لقرارت الملك عبدالله ولتهيئة قطاعات المجتمع المختلفة لأن يتدربوا على ممارسة مسؤوليتهم في تحمل أعباء المشاركة الوطنية بما لا يقتصر على طالبات الجامعات بل يعمم من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية المختلفة . وأستشف منها , أن مثل هذه التوعية سواء اتخذت شكل ورش عمل أو ندوات او محاضرات تنتقل في المدن والأطراف ليس المراد بها إعطاء شكل مدرسي يضيق أفق العمل الوطني ، ولكن الأمر ببساطة هو أن من المهم على سبيل المثال أن لا تصوت المرأة للمرأة لمجرد انها أمرأة ولا أن يأتي التصويت لدخول أي من المؤسسات السياسية المتاحة على اي أسس تعصبية أخرى , قبائلية أو مذهبية أو سواها بل على أساس الكفاءة والبرنامج الذي يقدمه المرشح. إلا ان الوصول لهذه الدرجة من الوعي الوطني في رأيها وعدد آخر من الزميلات والزملاء يتطلب الا يكتفى بالفرح بهذه القرارات بل العمل على أن يكون المجتمع رجالا ونساء عاملا فعالا في إنجاحها وتطويرها.  ولله الأمر من قبل ومن بعد

فوزية أبو خالد - السعودية

ما أن قلت على قناة العربية بأنني أعتبر قرارات خادم الحرمين الشريفين هدية عامة للوطن وليس للنساء وحسب , كما أعتبرها هدية غالية لي شخصيا لمؤازرتي في مقاومة السرطان إلا وانهالت علي أجنحتي التي لاتزال في الضماد عشرات الاتصالات الصحفية والفضائية من الداخل والخارج. غير أنني لست إلا نقطة من أبجدية الكلام في حب الوطن وفي حلم العدل والحق والحرية والإصلاح.

نقطة أولى في أبجدية الكلام :

أعتقد أنه لم يسبق قط أن سُلط الضوء المحلي والعربي والعالمي بهذا الشكل الإيجابي على "القضية النسوية " بالمملكة العربية السعودية مثلما حدث بعد قررات خادم الحرمين الشريفين بشأن فتح الباب لمشاركة المرأة مشاركة عاملة في كل من مجلس الشورى والمجالس البلدية. والملفت أنه بجرة قرار ملكي ذكي جرى إعادة إطلاق أجواء التفاؤل "بنية" الإصلاح السياسي والاجتماعي بالمجتمع السعودي بعد أن كانت أو كادت تلك الاجواء أن تتلبد أن تتبلد خاصة بعد هدوء ما بعد 11/سبتمبر 2001م , مع تراوح التفاعالات المحلية من ناحية و تلاحق التحولات العربية والعالمية من ناحية اخرى. وإذا كانت هذه القرارات قد أعادت المملكة العربية السعودية إلى واجهة الشاشات والمناشيتات والمواقع الإلكترونية ليس من باب النفط ولا من باب محاربة الإرهاب بل من ذلك الباب الحضاري لسؤال الإصلاح فإنها قد نجحت لأول مرة على مستوى الصورة الخارجية في إخراج الحديث عن النساء بالمجتمع السعودي من خانة المستلبات والمستبعدات إن لم يكن المستعبدات إلى خانة الحرائر الآهلات المؤهلات بما يضع المملكة دولة ومجتمعا نساء ورجالا على محك تحدي الربط بين القول والعمل و بين القرار السياسي والواقع التطبيقي.

وأهمية هذا التحدي هي أن هذه القرارات لا تخص المرأة وحدها وإن بدت في ظاهرها كذلك بل إنها قرارات تتدخل لتتماس مع نفس بنية النظام السياسي والتركيب الاجتماعي وشبكة العلاقات الاجتماعية إن أريد بها إصلاحا

محاولة لتحليل أبعاد القرارات:

لو حاولنا بهدف التحليل تفكيك هذا "التحدي الإصلاحي" المتمثل في فتح المجال لتمثيل المرأة داخل النظام السياسي السعودي إلى عناصره الأولوية فماذا سنجد؟
بتبسيط قد لا يخلو من خلل الإختصار فإن هذا التحدي بمعناه الإصلاحي المأمول
لا يقل أهمية عن قرار إنشاء مجلس للشورى عام 1993م الذي جاء في أعقاب حرب الخليج الثانية تعبيرا عن وجود إرادة مشتركة بين المجتمع والدولة لإستدراك تلك الاحادية التاريخية المطلقة التي عاشها المجتمع السعودي على مستوى نظامه السياسي منذ تأسيس الكيان المستقل الموحد لدولة المملكة العربية السعودية عام 1932م.

فالتمثيل الرمزي للمواطنات السعوديات داخل مجلس الشورى لن تكون له أهمية حقيقية مالم يصب في تطوير بنية المجلس وتطوير دوره وآلياته, ليكون ذا بنية سياسية تشريعية ورقابية مستقلة قادرة على محاولة التحرر ليس فقط من الاعتبارات القبلية و المناطقية والمذهبية بل وايضا من اعتبارات النوع الاجتماعي , لتقاس جدية تجربة العمل السياسي فيه بميزان الإنتماء إلى هوية وطنية واحدة تتعايش وتشارك في الشأن الوطني على قدم المساواة بأطيافها المتعددة.

ونفس الشيء يمكن أن يقال عن تمثيل المواطنات في مجالس البلديات حاليا (وربما المناطق لاحقا) وخاصة أن مجالس البلديات تقوم في نصفها على آلية متقدمة تشمل الترشيح والانتخاب مما يتيح دربة ممارسة المسؤولية الوطنية خارج وداخل المجالس لجميع المواطنين والمواطنات ومما قد يسمح بتطوير أرضية ديموقراطية وتعلم أدوات العمل الديموقراطي في المشاركة والتداول والحلول على مستوى العمل المؤسسي الحكومي والمدني.

إذن فنحن إذا أمعنا البصر موضوعيا ولم نرض من ردات الفعل الخارجية بالدعاية والإعلام كما لم نكتف في التلقي الداخلي بالتهويل أو التهوين نجد أنفسنا أمام قرارات تاريخية ليس بمقياس اللحظة الراهنة وحسب بل بمقياس مستقبلي. بمعنى أنه أما وقد جاءت هذه القرارات استجابة إيجابية متفاعلة مع مطالب وطنية طالما كتبت فيها المقالات والبحوث والمعاريض فلا بد أن تأخذ حقها فيما يترتب عليها من تغيرات إصلاحية داخل بنية النظام السياسي والتركيب الاجتماعي وشبكة العلاقات الاجتماعية بالمجتع السعودي.

و بناء على هذا الفهم المستقبلي أعلاه للقرارات فإن تفعيلها تفعيلا إصلاحيا عاما, يقتضي مقاومة اي محاولة قد تحول دخول المرأة مجلس الشورى أو مجالس البلديات إلى مجرد مكسب "نسوي صغير" لايخرج على إيصال نفر محدود من بعض نساء "النخب" لمقاعد لن تضيف لهم إلا مزيدا من الحظوة ولن يضيفوا لها إلا مزيدا من إحتكار الامتيازات وتعميق التمايز على عكس هدف القرارات.

تفعيل القرارات :

وفي هذا فقد لمست مع عدد من الزميلات والزملاء أن هذا الموقف الإصلاحي للملك عبدالله بن عبدالعزيز, لايمكن تثمينه بما يكفي ولا الحفاظ عليه وتطويره الا بأن يندب المواطنون والمواطنات أنفسهم بمختلف مشاربهم وفي شتى مواقعهم ليكونوا بمستوى مسؤولية ردم الفجوة بين القرارات وبين الواقع ومعوقاته المركبة . وهذا لابد أن يتم العمل فيه والإعداد له على عدة مستويات, منها ماهو قانوني ومنها ماهو مؤسسي , فلسفي , ثقافي أو سواها إلا أنها تلتقي جميعا عند المصب السياسي لإرادة الإصلاح. ومن هذه المستويات التي يقتضي العمل عليها لتحويل القرار السياسي إلى واقع ميداني مايأتي :

- مؤازرة القرارات على مستوى قانوني, بما يقتضي الشروع في عمل تشريعي مختص يعمل على سن القوانين اللازمة التي تكفل تكافؤ العلاقات الاجتماعية بين المرأة والرجل في الحقوق المدنية بمعيار الرشد والأهلية والمواطنة بما يرفع وصاية الرجل عن المرأة ويعطيهما ضمانة قانونية متساوية لأداء الواجبات وتحصيل الحقوق تسمح بخضوع كل منهما للمساءلة مثل ماتسمح لهما بتحمل مسؤولية المشاركة في العمل الوطني بما يقتضيه العمل في موقع مثل مجلس الشورى من متطلبات التشريع والمراقبة والمحاسبة واتخاذ القرارات في قضايا المجلس اليومية والمصيرية.

- مؤازرة القرارات على المستوى المؤسسي, وهذا يعني مراجعة واقع مؤسسات الجهاز الحكومي بما يصحح ما في بنيتها أو آليات عملها من ثغرات بيروقراطية أو بنيوية تضيق بمتطلبات الإصلاح أو تجعلها في موقف المعطل لتلك القرارات ومايترتب عليها من إجراءات.
- مساندة مؤسسات المجتمع المدني على التوسع والتعدد في مختلف المجالات نقابي , ثقافي , صناعي , توعوي الخ بحيث يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور مساند في تدريب المواطن على تحمل المسؤولية والمشاركة في الفضاء العام.

- مؤازرة القرار بالوعي الاجتماعي والوطني وهنا يجيء دور مؤسسات الإعلام بأنواعها كما يأتي دور المؤسسات التربوية بمستوياتها المختلفة العام والعالي بما فيها إناطة دور طليعي بالجامعات في توعية وتدريب الشابات والشباب على متطلبات الإصلاح والتغير الإيجابي في المرحلة المقبلة كما تتطلب القرارات الملكية.

- العمل الميداني على خلق بيئة صديقة لوجود النساء في الفضاء العام , فلا تضار المرأة في حضورها العلني في المواقع المختلفة من الطرقات والدوائر الحكومية إلى حضورها في المحافل والمنابر المحلية ومجالس العمل المختصة بإتخاذ القرارات في مختلف اختصاصات الشأن العام من المجالس العلمية للجامعات إلى مجلس الوزراء. وهذا مطلب على بساطته غاية في الأهمية للمعالجة والتصحيح - تصحيحا إصلاحيا- " لمناخ التوحش والتوجس والريبة والإدانة " الذي شحنته العزلة وتسلط التشدد الديني والتعصب السياسي ضد المرأة بالمجتمع السعودي عبر عدة عقود وخاصة من بداية الثمانينات الميلادية بعد واقعة الحرم وصعود الثورة الإيرانية الخمينينة، فلن يكون بإمكان المرأة السعودية الاستفادة العملية من هذه القرارات بينما عموم النساء بالمجتمع السعودي لا يشعرن بالأمان ولا بالإحترام عندما يتحركن في الفضاء العام لقضاء أي من حوائجهن اليومية البسيطة خارج جدران الفصل أوالعزل القائم بين عالم النساء وعالم الرجال بالمجتمع السعودي.

مثال عملي للبلورة والتطوير:

وفي هذاالسياق سأقتبس مثالا تحدثت عنه د. الجازي الشبيكي وهو عبارة عن مقترح بأن يكون لاقسام العلوم الاجتماعية بجامعاتنا دور في العمل الجماعي على وضع حقائب توعية بالمعنى الوطني لقرارت الملك عبدالله ولتهيئة قطاعات المجتمع المختلفة لأن يتدربوا على ممارسة مسؤوليتهم في تحمل أعباء المشاركة الوطنية بما لا يقتصر على طالبات الجامعات بل يعمم من خلال المؤسسات الحكومية والأهلية المختلفة . وأستشف منها , أن مثل هذه التوعية سواء اتخذت شكل ورش عمل أو ندوات او محاضرات تنتقل في المدن والأطراف ليس المراد بها إعطاء شكل مدرسي يضيق أفق العمل الوطني ، ولكن الأمر ببساطة هو أن من المهم على سبيل المثال أن لا تصوت المرأة للمرأة لمجرد انها أمرأة ولا أن يأتي التصويت لدخول أي من المؤسسات السياسية المتاحة على اي أسس تعصبية أخرى , قبائلية أو مذهبية أو سواها بل على أساس الكفاءة والبرنامج الذي يقدمه المرشح. إلا ان الوصول لهذه الدرجة من الوعي الوطني في رأيها وعدد آخر من الزميلات والزملاء يتطلب الا يكتفى بالفرح بهذه القرارات بل العمل على أن يكون المجتمع رجالا ونساء عاملا فعالا في إنجاحها وتطويرها.

ولله الأمر من قبل ومن بعد
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-