النائبات العراقيات ومشجب الهيمنة الذكورية!

هيفاء زنكنة - العراق استلمت منذ ايام، عبر البريد الالكتروني، أربع صور لفتاة في العشرين من عمرها اسمها آية اللامي. الصورة الأولى وهي ضاحكة الوجه، فرحة، مستبشرة كأن الدنيا لا تتسع لأحلامها. انها صورتها قبل ان تعتقلها مجموعة من رجال أمن 'العراق الجديد' اثر مغادرتها ساحة التحرير ببغداد، يوم الجمعة المصادف 30 ايلول (سبتمبر). وآية التي لا اعرفها شخصيا، حسب شهادة الكثيرين، ممن دأبوا على حضور تظاهرات الشباب كل يوم جمعة في ظل نصب الحرية، مع عدد من ناشطات منظمة 'حرية المرأة'. هذه التظاهرات تعتبر امتدادا طبيعيا لاحتجاجات ابناء الشعب في مختلف المدن منذ الاحتلال في 2003، كما انها امتداد للانتفاضات العربية، منذ انطلاقتها بشكلها الجديد يوم 'جمعة الغضب' في 25 شباط (فبراير) 2011. الصور الثلاث الاخرى تبين لنا وجه آية وذراعيها بعد اطلاق سراحها. وهي صور مخيفة لفتاة تغطي ذراعيها كدمات زرقاء من شدة الضرب، متورمة الوجه، تلاشت الابتسامة من عينيها الضاحكتين. هكذا، صار وجه آية لانها عبرت عن رأيها، مشتركة مع شباب آخرين، احتجاجا على الظلم والبطالة والمحاصصة والفساد ومداهمة البيوت والاعتقالات بحجة محاربة الارهاب، فاختطفت بعد انهاء تظاهرة يوم الجمعة، وضعت في صندوق سيارة، ليتم اقتيادها وضربها وتهديدها بالقتل اذا ما حدث وشاركت ثانية في التظاهرات، قائلين لها عند اطلاق سراحها مساء 'هذا هو تحذيرنا الاول'. جريمة الخطف والترويع هذه متعمدة هدفها تخويف النساء من المشاركة في الاحتجاجات العامة، وقد جاءت بعد ثلاثة اسابيع من اغتيال الصحافي والناشط هادي المهدي بطلقتين من كاتم للصوت في بيته، تخويفا لكل صحافي او كاتب او ناشط او رجل قد يفكر بالاحتجاج والتظاهر في بلد لا يكف ساسته عن سرد 'جرائم' النظام السابق وكيف انه قمع حريتهم في ابداء الرأي، وان 'احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون سيظل من أولويات الحكومة، وان الإجراءات الصارمة الرامية للسيطرة على الوضع الأمني وتقليص مستوى الجريمة العنيفة ستظل في حدود تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان'، حسب تقرير جديد لمنظمة هيومان رايتس ووتش، بعنوان 'العراق الجديد' وانتهاكات حقوق الانسان.. فعن أية حرية يتحدثون؟ هل هي حريتهم في المحاصصة الطائفية والجنسوية والعرقية؟ أم حريتهم في اجترار الكلام امام الكاميرات المنصوبة بشكل دائم في المنطقة الخضراء وفي استديوهات اجهزة الاعلام؟ ولماذا لم نسمع اعتراضا من النواب، باعتبارهم ممن انتخبهم الشعب لتمثيلهم كمواطنين، على ما جرى لآية وغيرها كثر؟ أليست آية واحدة من المواطنين؟  واذا ما فكرنا بآية كفتاة، وتركنا الساسة والنواب الذكور جانبا، محاججين النائبات بحجتهن بانهن مضطهدات في البرلمان والتمثيل الحكومي بحكم الهيمنة الذكورية، فلم لم تنبس احداهن ببنت شفة دفاعا عن اخت لهن، كل جريمتها هي التظاهر في ساحة عامة، هي بالاساس ملك للشعب ومن اجل حقوق انسان اساسية؟ مع العلم ان عدد النساء في مجلس النواب العراقي 82 نائبة، من أصل 325، وهو ما يمثل نسبة 25' من المقاعد النيابية وفق الكوتا المخصصة للمرأة، وهي نسبة أعلى من البرلمان البريطاني مثلا. وكانت النائبة آلاء طالباني قد القت خطاباً مؤثراً عندما صوت مجلس النواب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي على حكومة المالكي، ولم يتم تعيين غير امرأة واحدة فيها، قالت فيه: 'الديمقراطية في العراق ذبحت بميزان العنصرية، كما كانت تذبح بميزان الطائفية في السابق' (المدى 9 فبراير 2011). المعروف ان آلاء طالباني واحدة من النسويات اللواتي طالما رفعن اصواتهن عاليا، في مرحلة الاعداد لغزو العراق، دفاعا عن حقوق المرأة المجهضة في ظل النظام السابق، لتختزلها، كما تفعل معظم نسويات الاحتلال، في حقبة 'العراق الجديد' الى حقها في التمثيل السياسي فقط وفي المساواة الجندرية في احسن الاحوال.  متعاميات تماما عما تحتاجه المرأة (والمواطن عموما) من تعليم وصحة وأمان واستقلال اقتصادي، اي ما يشكل جوهر الاحساس بالاعتداد بالنفس والكرامة الانسانية لبناء المستقبل. وما تتعامى عنه آلاء طالباني ايضا (وانا أخصها بالذكر كنموذج لنسويات البرلمان) هو ان ما قتل الديمقراطية حقا هو فرض المحتل ديمقراطيته بواسطة 'الصدمة والترويع' والاحتلال اولا، ثم اختلاق طبقة جديدة من السياسيين بجميع الأطياف تشاركه في إهدار ونهب ثروات البلاد، ومنع تطورها المستقل، وبضمن ذلك ارتكاب ما يشاء من الجرائم بضمنها اغتصاب النساء واعتقالهن، وهنا تكمن عنصرية المحتل وعنجهيته، وليس ابعاد النساء عن مناصب حكومية (على اهميتها في ظل حكومة ديمقراطية حقيقية). اذ ما جدوى تعيين المرأة في منصب سياسي وفق الكوتا النسوية اذا كان اول ما تفعله هو تناسي اتخاذ موقف واضح من حقوق المرأة (التي حصلت على منصبها باسمها وليس عبر الكفاءة) والانشغال بصعود سلم التنافس السياسي المعتاد بين الرجال، هذا اذا ما تغاضينا عن العوامل الاخرى المنافية لاسس الديمقراطية؟  ان الصراع الدائر في مبنى البرلمان العراقي، المعزول عن بقية ابناء الشعب والمحصن في المنطقة الخضراء خلافا لكل مباني البرلمانات في العالم، سواء بين المعممين او حاسري الرؤوس، بين الاناث والذكور، بين اليمين واليسار، هو وكما اثبتت سنوات الاحتلال، وكما تفضح تظاهرات المحتجين في ارجاء العراق، ملهاة، يدرك معظم النواب ان المشاركة فيها مربحة ماديا وسلطويا (رواتب ومخصصات ورشاوى وعقودا وحصانة وجوازات وتقاعدا) بشكل ما كانوا يتصورونه حتى في اكثر احلامهم فانتازية. كما يدركون، انهم مهما ارتكبوا من اختلاسات ومهما فضحت انتهاكاتهم القانونية، لن تطالهم يد العدالة المكسورة في العراق الآن. ومن اللافت للنظر، في الدورات البرلمانية، تصاعد حدة تبادل الاتهامات بالتزوير والسرقة وتوقيع العقود الوهمية وبيع وشراء الشهادات الجامعية، وبالاسماء الصريحة بين النواب انفسهم من جهة وبين النواب واعضاء الحكومة من جهة اخرى. فكل واحد من المشاركين في العملية السياسية يتهم الثاني لاثبات نظافته ونزاهته وشرفه ولعلمه بانه لم يحدث وأدين مسؤول باحدى هذه التهم وان اثبتت قانونيا. ومن طرائف ملهاة البرلمان، بروز وجوه نسوية تتهم وتناقش بقوة الى حد دفع بعض المواطنين السذج المتلهفين لسماع اي صوت يدافع عن حق المظلومين الى الاعتقاد بان هؤلاء النسوة يقفن الى جانب الحق، الا ان الامال سرعان ما تتبدد حين تبين متابعة مواقف هذه الوجوه بانهن، مثل زملائهن من الذكور، انتقائيات في مواقفهن ولا يمثلن المواطن، ذكرا كان ام انثى، بل القائمة أو الكتلة التي ينتمين اليها. فحين تدافع النائبة مها الدوري عن المعتقلين فانها تدافع عن معتقلي التيار الصدري 'لأنني صدرية' ولأن 'أول الجماهير هي جماهير التيار الصدري المجاهد'، ولأن أحد اسباب مشاركتها في البرلمان 'التمهيد لدولة الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه' حسب قولها، ولم يحدث يوما وادانت جرائم التيار او الحكومة التي يشارك فيها التيار بحق الآخرين.  وحين تتهم النائبة حنان الفتلاوي رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، بارتكابه خروقات في مسألة التعيينات في مجلس النواب فلأنها نائبة عن ائتلاف دولة القانون المعادي لحد العظم للقائمة العراقية (برئاسة اياد علاوي) ولم يحدث يوما وأدانت بـ'الشجاعة' نفسها، الفساد المستشري في تعيينات مكتب رئيس الوزراء، رئيس قائمتها، ناهيك عن المخصصات الخيالية التي تصرف وفق ميزانية خاصة بالمستشارين والقوات الخاصة وقوات الاسناد وغيرها. ويحدث الأمر نفسه عندما تتصدى نائبات العراقية والتحالف الكردستاني والكيانات الصغيرة والكبيرة في فسيفساء العملية السياسية الطائفية للفساد والنهب. هذه الانتقائية العالية في مواقف الساسة، حكومة ونوابا، من قضايا المواطنين وحصرها في دائرة المحاصصة الطائفية والعرقية والجنسوية، لن تحسن موقع المرأة ومطالبتها بحقها الطبيعي في التمثيل السياسي مهما كانت سلطة الكوتا مادامت حين تشغل مقعد البرلمان او الوزارة او المنصب ذا القرار، تتحول اما الى جسد منسي او متصارعة في لجة ما يحيط بها من فساد ومحاصصة طائفية وعرقية متعامية عن حقوق المواطنة والانسان وتمثيل مصالح الجميع، وبالاخص من انتخبت لتمثيلهم.

هيفاء زنكنة - العراق

استلمت منذ ايام، عبر البريد الالكتروني، أربع صور لفتاة في العشرين من عمرها اسمها آية اللامي. الصورة الأولى وهي ضاحكة الوجه، فرحة، مستبشرة كأن الدنيا لا تتسع لأحلامها. انها صورتها قبل ان تعتقلها مجموعة من رجال أمن 'العراق الجديد' اثر مغادرتها ساحة التحرير ببغداد، يوم الجمعة المصادف 30 ايلول (سبتمبر). وآية التي لا اعرفها شخصيا، حسب شهادة الكثيرين، ممن دأبوا على حضور تظاهرات الشباب كل يوم جمعة في ظل نصب الحرية، مع عدد من ناشطات منظمة 'حرية المرأة'. هذه التظاهرات تعتبر امتدادا طبيعيا لاحتجاجات ابناء الشعب في مختلف المدن منذ الاحتلال في 2003، كما انها امتداد للانتفاضات العربية، منذ انطلاقتها بشكلها الجديد يوم 'جمعة الغضب' في 25 شباط (فبراير) 2011.

الصور الثلاث الاخرى تبين لنا وجه آية وذراعيها بعد اطلاق سراحها. وهي صور مخيفة لفتاة تغطي ذراعيها كدمات زرقاء من شدة الضرب، متورمة الوجه، تلاشت الابتسامة من عينيها الضاحكتين. هكذا، صار وجه آية لانها عبرت عن رأيها، مشتركة مع شباب آخرين، احتجاجا على الظلم والبطالة والمحاصصة والفساد ومداهمة البيوت والاعتقالات بحجة محاربة الارهاب، فاختطفت بعد انهاء تظاهرة يوم الجمعة، وضعت في صندوق سيارة، ليتم اقتيادها وضربها وتهديدها بالقتل اذا ما حدث وشاركت ثانية في التظاهرات، قائلين لها عند اطلاق سراحها مساء 'هذا هو تحذيرنا الاول'. جريمة الخطف والترويع هذه متعمدة هدفها تخويف النساء من المشاركة في الاحتجاجات العامة، وقد جاءت بعد ثلاثة اسابيع من اغتيال الصحافي والناشط هادي المهدي بطلقتين من كاتم للصوت في بيته، تخويفا لكل صحافي او كاتب او ناشط او رجل قد يفكر بالاحتجاج والتظاهر في بلد لا يكف ساسته عن سرد 'جرائم' النظام السابق وكيف انه قمع حريتهم في ابداء الرأي، وان 'احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون سيظل من أولويات الحكومة، وان الإجراءات الصارمة الرامية للسيطرة على الوضع الأمني وتقليص مستوى الجريمة العنيفة ستظل في حدود تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان'، حسب تقرير جديد لمنظمة هيومان رايتس ووتش، بعنوان 'العراق الجديد' وانتهاكات حقوق الانسان.. فعن أية حرية يتحدثون؟ هل هي حريتهم في المحاصصة الطائفية والجنسوية والعرقية؟ أم حريتهم في اجترار الكلام امام الكاميرات المنصوبة بشكل دائم في المنطقة الخضراء وفي استديوهات اجهزة الاعلام؟ ولماذا لم نسمع اعتراضا من النواب، باعتبارهم ممن انتخبهم الشعب لتمثيلهم كمواطنين، على ما جرى لآية وغيرها كثر؟ أليست آية واحدة من المواطنين؟

واذا ما فكرنا بآية كفتاة، وتركنا الساسة والنواب الذكور جانبا، محاججين النائبات بحجتهن بانهن مضطهدات في البرلمان والتمثيل الحكومي بحكم الهيمنة الذكورية، فلم لم تنبس احداهن ببنت شفة دفاعا عن اخت لهن، كل جريمتها هي التظاهر في ساحة عامة، هي بالاساس ملك للشعب ومن اجل حقوق انسان اساسية؟ مع العلم ان عدد النساء في مجلس النواب العراقي 82 نائبة، من أصل 325، وهو ما يمثل نسبة 25' من المقاعد النيابية وفق الكوتا المخصصة للمرأة، وهي نسبة أعلى من البرلمان البريطاني مثلا. وكانت النائبة آلاء طالباني قد القت خطاباً مؤثراً عندما صوت مجلس النواب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي على حكومة المالكي، ولم يتم تعيين غير امرأة واحدة فيها، قالت فيه: 'الديمقراطية في العراق ذبحت بميزان العنصرية، كما كانت تذبح بميزان الطائفية في السابق' (المدى 9 فبراير 2011). المعروف ان آلاء طالباني واحدة من النسويات اللواتي طالما رفعن اصواتهن عاليا، في مرحلة الاعداد لغزو العراق، دفاعا عن حقوق المرأة المجهضة في ظل النظام السابق، لتختزلها، كما تفعل معظم نسويات الاحتلال، في حقبة 'العراق الجديد' الى حقها في التمثيل السياسي فقط وفي المساواة الجندرية في احسن الاحوال.

متعاميات تماما عما تحتاجه المرأة (والمواطن عموما) من تعليم وصحة وأمان واستقلال اقتصادي، اي ما يشكل جوهر الاحساس بالاعتداد بالنفس والكرامة الانسانية لبناء المستقبل. وما تتعامى عنه آلاء طالباني ايضا (وانا أخصها بالذكر كنموذج لنسويات البرلمان) هو ان ما قتل الديمقراطية حقا هو فرض المحتل ديمقراطيته بواسطة 'الصدمة والترويع' والاحتلال اولا، ثم اختلاق طبقة جديدة من السياسيين بجميع الأطياف تشاركه في إهدار ونهب ثروات البلاد، ومنع تطورها المستقل، وبضمن ذلك ارتكاب ما يشاء من الجرائم بضمنها اغتصاب النساء واعتقالهن، وهنا تكمن عنصرية المحتل وعنجهيته، وليس ابعاد النساء عن مناصب حكومية (على اهميتها في ظل حكومة ديمقراطية حقيقية). اذ ما جدوى تعيين المرأة في منصب سياسي وفق الكوتا النسوية اذا كان اول ما تفعله هو تناسي اتخاذ موقف واضح من حقوق المرأة (التي حصلت على منصبها باسمها وليس عبر الكفاءة) والانشغال بصعود سلم التنافس السياسي المعتاد بين الرجال، هذا اذا ما تغاضينا عن العوامل الاخرى المنافية لاسس الديمقراطية؟

ان الصراع الدائر في مبنى البرلمان العراقي، المعزول عن بقية ابناء الشعب والمحصن في المنطقة الخضراء خلافا لكل مباني البرلمانات في العالم، سواء بين المعممين او حاسري الرؤوس، بين الاناث والذكور، بين اليمين واليسار، هو وكما اثبتت سنوات الاحتلال، وكما تفضح تظاهرات المحتجين في ارجاء العراق، ملهاة، يدرك معظم النواب ان المشاركة فيها مربحة ماديا وسلطويا (رواتب ومخصصات ورشاوى وعقودا وحصانة وجوازات وتقاعدا) بشكل ما كانوا يتصورونه حتى في اكثر احلامهم فانتازية. كما يدركون، انهم مهما ارتكبوا من اختلاسات ومهما فضحت انتهاكاتهم القانونية، لن تطالهم يد العدالة المكسورة في العراق الآن. ومن اللافت للنظر، في الدورات البرلمانية، تصاعد حدة تبادل الاتهامات بالتزوير والسرقة وتوقيع العقود الوهمية وبيع وشراء الشهادات الجامعية، وبالاسماء الصريحة بين النواب انفسهم من جهة وبين النواب واعضاء الحكومة من جهة اخرى. فكل واحد من المشاركين في العملية السياسية يتهم الثاني لاثبات نظافته ونزاهته وشرفه ولعلمه بانه لم يحدث وأدين مسؤول باحدى هذه التهم وان اثبتت قانونيا. ومن طرائف ملهاة البرلمان، بروز وجوه نسوية تتهم وتناقش بقوة الى حد دفع بعض المواطنين السذج المتلهفين لسماع اي صوت يدافع عن حق المظلومين الى الاعتقاد بان هؤلاء النسوة يقفن الى جانب الحق، الا ان الامال سرعان ما تتبدد حين تبين متابعة مواقف هذه الوجوه بانهن، مثل زملائهن من الذكور، انتقائيات في مواقفهن ولا يمثلن المواطن، ذكرا كان ام انثى، بل القائمة أو الكتلة التي ينتمين اليها. فحين تدافع النائبة مها الدوري عن المعتقلين فانها تدافع عن معتقلي التيار الصدري 'لأنني صدرية' ولأن 'أول الجماهير هي جماهير التيار الصدري المجاهد'، ولأن أحد اسباب مشاركتها في البرلمان 'التمهيد لدولة الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه' حسب قولها، ولم يحدث يوما وادانت جرائم التيار او الحكومة التي يشارك فيها التيار بحق الآخرين.

وحين تتهم النائبة حنان الفتلاوي رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، بارتكابه خروقات في مسألة التعيينات في مجلس النواب فلأنها نائبة عن ائتلاف دولة القانون المعادي لحد العظم للقائمة العراقية (برئاسة اياد علاوي) ولم يحدث يوما وأدانت بـ'الشجاعة' نفسها، الفساد المستشري في تعيينات مكتب رئيس الوزراء، رئيس قائمتها، ناهيك عن المخصصات الخيالية التي تصرف وفق ميزانية خاصة بالمستشارين والقوات الخاصة وقوات الاسناد وغيرها. ويحدث الأمر نفسه عندما تتصدى نائبات العراقية والتحالف الكردستاني والكيانات الصغيرة والكبيرة في فسيفساء العملية السياسية الطائفية للفساد والنهب.

هذه الانتقائية العالية في مواقف الساسة، حكومة ونوابا، من قضايا المواطنين وحصرها في دائرة المحاصصة الطائفية والعرقية والجنسوية، لن تحسن موقع المرأة ومطالبتها بحقها الطبيعي في التمثيل السياسي مهما كانت سلطة الكوتا مادامت حين تشغل مقعد البرلمان او الوزارة او المنصب ذا القرار، تتحول اما الى جسد منسي او متصارعة في لجة ما يحيط بها من فساد ومحاصصة طائفية وعرقية متعامية عن حقوق المواطنة والانسان وتمثيل مصالح الجميع، وبالاخص من انتخبت لتمثيلهم.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-