المعالجة الإعلامية والقانونية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى الشرف

وكالة أخبارالمرأة نظم المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة " عمق " في محافظات غزة بالتنسيق والتعاون مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي مؤتمر حول المعالجة الإعلامية والقانونية لجرائم قتل النساء على خلفية الشرف؛ ونظراً لأهمية الملف نشرت وكالة أخبار المرأة كافة أوراق العمل للمتحدثين والمتحدثات. والمؤتمر عبارة عن قسمين: القسم الأول - المعالجة القانونية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمي " الشرف "والقسم الثاني - المعالجة الإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى " الشرف " القسم الأول: المعالجة الإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى " الشرف " كلمة الإعلامي محمد كريزم منسق المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة في قطاع غزة بسم الله الرحمن الرحيم الأخوات والأخوة الأعزاء ..... الحضور الكريم ...... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالأصالة عن نفسي وبإسم المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة ومركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي اسمحوا لي أن أرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب كما يطيب لي التوجه لكم بالشكر الجزيل لحضوركم العابق في هذا اللقاء الطيب الذي سيستمر طيلة الساعات القليلة القادمة هي الفترة الوجيزة لإتمام ورشة العمل التي نحن بصددها وينظمها المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة في محافظات غزة ومركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي في محافظات الضفة وجاءت تحت عنوان ( المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف ).  ويأتي انعقاد ورشة العمل هذه التي حملت عنواناً صغيراً في شكله لكنه كبيراً في مضمونه وجوهره، في ظل ظروف مجتمعية عصيبة وبالغة التعقيد لا سيما في الآونة الأخيرة التي ازدادت فيها وتيرة إرتكاب جرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف.  نحن هنا في خضم ورشة العمل نود تسليط الضوء على الأسباب الاجتماعية والآثار النفسية المترتبة عليها، ومناقشة الجوانب القانونية والحقوقية لهذه الجرائم المشينة، ومن ثم نخوض غمار أسباب إحجام وسائل الإعلام الفلسطيني والصحفيين والصحفيات عن تناول ومعالجة هذه القضية الخطيرة المتفشية داخل أركان المجتمع الفلسطيني.  إذا أردنا أن نتناول هذه الجرائم المقيتة والمنافية لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والمتعارضة مع منظومة القيم والأخلاق الفلسطينية، نجد أننا ندخل في متاهات بسبب حساسيتها المتعلقة بالشرف والفضيلة، وأعتقد أن تلك النقطة أحد أسباب إحجام الصحافيين والصحافيات عن تناولها ومعالجتها بطريقة مهنية إعلامية سليمة، وذلك لرهبتهم وتخوفهم وهواجسهم من تبعات ما يقومون به خلال تأديتهم لعملهم الإعلامي. والمسألة هنا لا تقتصر على الإعلام فقط، فالحركة النسوية والمنظمات الحقوقية والقانونية والأهلية تتحمل القسط الأكبر في التصدي لهذه الجرائم، فلقد درجت العادة في الخطاب النسوي بشقيه الإعلامي والمؤسسي، على تناول وصف خاطئ لجرائم قتل النساء على ما يسمى بـ ( خلفية الشرف )، وتوظيفه ليكون محور الحملات الإعلامية المكثفة واسعة النطاق، بالتزامن مع عقد المؤتمرات وورش العمل والندوات التي تعالج هذه القضية بالإصرار على تثبيت هذا الوصف الخاطئ والمجافي للحقيقة على أرض الواقع، وللأسف تنهمك المنظمات النسائية في فلسطين والدول العربية بتكراره وتنساق وراء مفاهيم مغلوطة في وصف الأمور التي تكرس بعض الحالات الفردية الشاذة وكأنها القاعدة.  لنسأل أنفسنا سؤالاً مشروعاً ... هل فعلاً معظم جرائم القتل التي ارتكبت بحق النساء تم اقترافها والشروع بها على خلفية ما يسمى بـ ( الشرف )؟ أم ارتكبت على خلفية ( الشك )؟ إذن مطلوب منا إجابة مشروعة وشافية... دلت كافة التحقيقات الجنائية الحاسمة والجازمة المسندة بالأدلة القانونية والطبية الدامغة والقاطعة أن غالبية جرائم قتل النساء ارتكبت على خلفية الشكوك والظنون البائسة، وليس هناك ما يدل على أن النساء المغدورات فرطن بشرفهن وعذريتهن، أو لوثن كرامتهن وسمعتهن.  ما يترتب على تلك الحقيقة، يثير تساؤلات ملحه ... ما جدوى وصف تلك الجرائم أنها ترتكب على خلفية الشرف طالما أن الشرف لم يمس؟ ولماذا تتمسك المنظمات النسائية بهذا الوصف غير الواقعي؟ ولماذا تنساق وسائل الإعلام بتأجيج وتضخيم الأمور وتخرجها من سياقها الإجرامي؟ ولماذا ينكب ويتهافت المشرعون على تشريع وتسويغ القوانين العقابية المخففة لمرتكبي جرائم قتل النساء على خلفية الشك.  مزيداً من الإيضاح... طالما توصلنا إلى نتيجة مفادها أن هؤلاء النسوة المغدورات قتلن على خلفية الشك وليس على خلفية الشرف، ماذا يتبقى من أوصاف في غير محلها فوق الغربال؟ وإذا حاولنا تشخيص القضية سنجد أن القتلة ارتكبوا جرائمهم مندفعين بالشكوك الحائمة والقيل والقال والحالة الانفعالية التي يعيشها هؤلاء الأشخاص غير الأسوياء بعيداً عن الاتزان والتعقل، وبالتالي غير معنيين بالبحث والتحري والتقصي حول ما يتعلق بسمعة وشرف أرحامهم من النساء الذي أوصى الله سبحانه وتعالى بحمايتهن والدفاع عنهن والذود عن حياضهن.  ما يثير الحنق والغضب حقاً حول مسوغات ومبررات أفعال هؤلاء الأشرار وكيف ارتضوا لأنفسهم إزهاق أرواح بريئة بهذه الطريقة البشعة؟ هل ارتكبوا جرائمهم بعد أن تجمعت لديهم براهين يقينية وإثباتات دامغة من أجل تفريغ هذا الحقد الأسود، أم أن الأمر لا يتعدى مجرد حالة نفسية تصيب مرتكبي تلك الجرائم، ومن ثم يقال عنهم أنهم أبطال ( غسلوا عارهم ) بإراقة دماء تلك النسوة في المناطق الخالية، ومن ثم التغول أكثر فأكثر بتهشيم رؤوسهن بالحجارة ( حتى يكون الغسيل أكثر نظافة ).  وللأسف كلمة يجب أن تقال... بعد كل هذه القسوة والتوحش والظلم من هؤلاء الأشرار بحق النساء، نجد هناك من يجند نفسه ولو بحسن النيه للدفاع عنهم، وتغليف أفعالهم بمسميات لها علاقة بالشرف والفضيلة والأخلاق، مع أنها بعيدة كل البعد عنها، وأحياناً كثيرة تكيل المديح للقتلة وتسيء للضحايا من النساء المغدورات اللواتي وقعن تحت قسوة الظلم الاجتماعي لهن، والتعبئة الحاقدة من القائمين على التربية البديلة الذين يستغلوا كل ما من شأنه في هتك النسيج العائلي والإجتماعي للمجتمع العربي. عبارة ( قتل النساء على خلفية الشرف ) بهذه الصياغة اللغوية، كفيلة بإجهاض كل محاولات الدفاع التي تقوم بها الحركات النسوية على هذا الصعيد، في حين تتعاظم النظرة المؤيدة والمتعاطفة مع هؤلاء الأشرار من قبل بعض أفراد ومجموعات المجتمع العربي التقليدي، بإعتبار أن القتلة يقومون بعمل شريف يستحق كل الثناء والتقدير من كافة الشرائح والفئات و من صناع القرار السياسي والإجتماعي والتشريعي والقانوني، وتهافتهم لتخفيف العقوبة على المجرمين كلفته إنسانية مهمة لقيامهم بهذا العمل النبيل والشريف، وللأسف الحركات النسوية تساعد هذه الجهات على بلورة موقفهم القاسي ضد النساء المغدورات من خلال تمسكها بعبارة ( قتل النساء على خلفية الشرف )، ويمكنها استبدالها بـ ( قتل النساء على خلفية الشك ) من أجل نزع ذريعة الفضيلة والأخلاق التي يتحجج بها مقترفي تلك الجرائم وتعريتهم أمام الرأي العام وتسويقهم كمجرمين وليسوا شرفاء قاموا بغسل عار العائلة.  في الختام أتمنى لكم التوفيق وأن تحقق هذه الورشة الأهداف المرجوة من وراء تنظيمها والتمكن من الخروج بتوصيات ونتائج عملية تخدم المجتمع الفلسطيني. ورقة عمل: المحامية حليمة أبوصلب - مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي العنف في القوانين ضد المراة قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وقانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936 ظاهرة العنف ظاهرة عامة لم تسلم منها منطقة أو ثقافة ، وهذه الظاهرة لاتمثل فقط تهديدا لمنجزات الانسان المادية والاجتماعية ، ولكنها حين تمتد نحو المرأة والطفل أي الفئات الضعيفة والمهمشة التي يجب أن تحظى بمزيد من الرعاية والاهتمام فالتهديد يكون موجها نحو الضمير الانساني ونحو العقل الانساني معا . تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة لكونها أنثى ، ظاهرة عالمية تعاني منها المرأة في كل مكان ومنذ الأزل وأينما كانت ، وان اختلفت أشكالها ، وعلى الرغم من الانتشار الواسع لهذه الظاهرة الا أنها لم تحظى بالاهتمام الكافي الا مؤخرا حيث بدأت الحركة النسوية العالمية تؤكد على أهمية ربط قضايا حقوق المرأة بقضايا حقوق الانسان واعتبار العنف ضد المرأة انتهاكا صارخا لحقوقها الأساسية .  ويفهم من الاعلان العالمي لحقوق الانسان أن العنف العائلي يدخل ضمن تهديد حرية الانسان وكرامته وبالتالي حقوقه كانسان ، وأشارت المادة الخامسة منه الى " عدم تعريض أي انسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملة القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة " . الى جانب ماتتعرض له المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة من انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني ، فهي تقع ضحية الاجحافات والثغرات والفراغ التشريعي والتمييز في القوانين المحلية ، كما وتتعرض المرأة الفلسطينية الى كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتهديد بالقتل على يد المجتمع الأبوي ، فالتفويض باستعمال العنف دون مساءلة يصبح طيعا في يد ذوي النفوذ في الأسرة وفي البنية الاجتماعية عموما ، وفي هذا السياق تصبح النساء الفلسطينيات رمزا لسلطتهم ، فيلجأون الى تفريغ احباطاتهم عليهن من خلال العنف .  ويقدم المر كز للنساء ضحايا العنف الخدمات الارشادية والقانونية من خلال الجلسات الفردية وما الى ذلك والتمثيل القانوني المجاني في المحاكم لألاف النساء المنتهكة حقوقهن، ومن خلال التوجه للمحاكم للمرافعة عن قضايا النساء المختلفة من قضايا ( عقد الزواج والآثار المترتبة عليه من نفقة وحضانة ومشاهدة والطلاق والآثار المترتبة عليه ، اضافة الى القضايا في المحاكم النظامية والتي تعالج جرائم سفاح القربى والاغتصاب .. الخ . ) تبين لنا أن الوضع القانوني مجحف اجحافا صارخا بحقوق النساء ، وبالتالي نسلط الضوء على النصوص التمييزية ضد النساء في  • قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 الساري المفعول في الضفة الغربية، • وقانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936 الذي وضعه المندوب السامي البريطاني في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين ، بهدف العمل والتسريع على اقرار تشريعات وقوانين موحدة لكافة أجزاء الوطن مبنية على مبدأ العدالة والمساواة . ومنذ تأسيس مركز المرأة للأرشاد القانوني والاجتماعي عام 1991 عمل المركز ومازال على اعداد برامج ومشاريع ذات أجندة نسوية فلسطينية واضحة تقوم على المعايير الدولية لحقوق الانسان . وتعمل وحدات المركز الخمس معا على تنفيذ هذه البرامج والمشاريع ومتابعتها . وذلك من خلال صياغة رؤية نسوية تهدف الى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية تمكن النساء من ممارسة حقهن في تقرير مصيرهن في بيئة اجتماعية وقانونية ومؤسساتية في اطار دولة فلسطينية ذات سيادة ، تسترشد بمبدأ سيادة القانون ولا تميز ضد النساء الفلسطينيات ولاتعيق تقدمهن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .  من خلال عملنا في المركز واستقبال المئات من النساء المعنفات سنويا تبين لنا أنه ليس فقط العادات والتقاليد والثقافة السلبية السائدة هي فقط التي تنهتك حقوق النساء وتمتهن كرامتهن الأنسانية ولكن للقانون والتشريعات السارية دور بارز وأساسي في تعميق هذا الانتهاك وامتهان الكرامة الانسانية من خلال النصوص القانونية التمييزية التي تتضمنها هذه القوانين وهذه التشريعات التي تمنح وتجيز وترخص القتل والتعنيف والضرب والايذاء والتحقير ضد النساء باسم القانون ، هذا القانون الذي هو أساسا وجد من أجل حماية الأفراد ذكورا واناثا ونشر الأمن والآمان والعيش بكرامة واستقرار ، اضافة للقوانين الاجرائية التي تحرم الأنثى من تقديم الشكوى ، بل أنه على ولي الأمر تقديم هذه الشكوى ، فما العمل عندما يكون ولي الأمر هو المعتدي بدءا ونهاية ؟ . وكثير كثير من النصوص القانونية التي تتعامل مع النساء مهما بلغن من العمر والنضوج والعلم وتولي الوظائف العامة ودورهن في التنمية وبناء المجتمع الا أن بعض هذه النصوص تتعامل معهن ( كقاصر مدى الحياة ).  واليك بعض النصوص القانونية التي تنتهك الحقوق الانسانية للمرأة خاصة حق الحياة وتعطي للذكور ترخيصا قانونيا بقتل الاناث خاصة المادة 340 بفقرتيها العذر المحل والعذر المخفف من العقوبات الأردني التي نصت على : 1. " يستفيد من العذر المحل ، من فاجأ زوجته أو احدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص اخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو ايذائهما كليهما أو احداهما " . 2. " يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الايذاء من العذر المخفف اذا فاجأ زوجه أو احدى أصوله أو فروعه أو اخواته مع اخر على فراش غير مشروع " . والمادة 62 نصت على : 1. " لايعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة " . 2. يجيز القانون : أ‌. " ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد ابؤهم على نحو ما يبيحه العرف العام " . وكذلك ماجاء في قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في قطاع غزةفي الفصل الرابع منه تحت عنوان ( قواعد عامة بشأن المسؤولية الجزائية ) حيث نصت المادة 18 منه على : الضرورة " يجوز قبول المعذرة في ارتكاب فعل أو ترك يعتبر أتيانه جرما لولا وجود تلك المعذرة اذا كان في وسع الشخص المتهم أن يثبت بأنه ارتكب ذلك الفعل أو الترك درءا لنتائج لم يكن في الوسع اجتنابها بغير ذلك والتي لو حصلت لألحقت أذى أو ضررا بليغا به أو بشرفه أو ماله أو بنفس أو شرف أشخاص اخرين ممن هو ملزم بحمايتهم أو بمال موضوع في عهدته :  ويشترط في ذلك أن لايكون قد فعل أثناء ارتكابه الفعل أو الترك الا ماهو ضروري ضمن دائرة المعقول لتحقيق تلك الغاية وأن يكون الضرر الناجم عن فعله أو تركه متناسبا مع الضرر الذي تجنبه . "  هذا القانون لايميز من حيث المبدأ بين جرائم القتل على خلفية مايسمى ( شرف العائلة ) وجرائم القتل العمد الأخرى ، غير أنه وفقا للسوابق القضائية ، يحظى مقترفوا هذه الجرائم بحصانة خاصة ، حيث يتم تخفيف الأحكام عليهم .  وكل المواد التي تتعلق بتعنيف الاناث من ضرب وايذاء وتحرشات واعتداءات جنسية وغيرها سواء داخل الأسرة أو خارجها ، كذلك من العقوبات الأردني المادة 308 الفقرة الأولى نصت على : " اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة واذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه " .  هذه المواد تمنح المغتصب الجاني رخصة قانونية بالزواج من الضحية وعدم ايقاع العقوبة الرادعة به وبأمثاله ؟؟؟؟؟ . أود أن أشير الى نتائج المسح الذي أجراه جهاز الأحصاء المركزي الفلسطيني لسنة 2005 حول العنف الأسري • 3. 23% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج أفدن أنهن قد تعرضن لأحد أشكال العنف الجسدي لمرة واحدة على الأقل • 7. 61% تعرضن لأحد أشكال العنف النفسي لمرة واحدة على الأقل • 5. 10% تعرضن لأحد أشكال العنف الجنسي في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2005 ويعتبر هذا المسح الوطني الأول من نوعه ونتائجه جاءت بتوافق مع تقارير ودراسات لبعض المؤسسات العاملة في مجال مناهضة العنف ومدافعة عن حقوق المرأة كحقوق انسان . الاحصائيات المتوفرة لدى مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي لعام 2004- 2005 تشير بأن أكثر من 95% من الاناث تعرضن لعنف من الأقارب نشر في جريدة القدس يوم الثلاثاء الموافق 5/12/2006 ووفق احصائيات أعدتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن فان 14 حالة قتل لنساء على خلفية مايسمى بشرف العائلة منها (5) حالات في الضفة الغربية و (9) حالات في قطاع غزة ، وأضاف أن مجموع النساء اللواتي قتلن حتى تاريخ 30/11/2006 ، (27) امرأة على خلفيات مختلفة بما فيها ( الشرف ) .  •وفي سنة 2007 ارتكبت العديد من الجرائم وقتل الاناث تحت مسمى شرف العائلة كانت أبشعها مقتل الثلاث شقيقات في قطاع غزة من قبل الأخ وابن العم ، اضافة الى مقتل فتاة أخرى يوم السبت الموافق 28-7 والقاء جثتها قرب مخيم البريج في القطاع من قبل الأخ ؟؟؟؟ الأستاذة / زينب الغنيمى: مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة ورقة عمل حول مدى الحماية القانونية للمرأة الفلسطينية من العنف تتسع ظاهرة العنف ضد المرأة فى مجتمعنا الفلسطينى بحيث أصبحت تشكل تهديداً خطيراً على المجتمع بأسره، وقد فاقت معدّلات العنف كل التصورات بدءاً من أقسى الأشكال: الحرمان من الحق فى الحياة بالقتل، حيث وصل العدد المعلن عنه نحو "31" امرأة من قطاع غزة وهو قتلن منذ بداية العام الجارى، إضافة إلى أشكال الجرح والأذى الجسدى الذى تعرضت له أعداد كبيرة من النساء، وانتهاءً بالاستغلال والتهديد والتقليل من كرامة المرأة والذى تتعرض له غالبية النساء.  وتزايد معدّلات العنف فى المجتمع ضد المرأة، لا يشكل فقط تهديداً داخل الأسرة الواحدة بل عمّق الخلافات بين الأسر والعائلات، مما أدى إلى استنزاف قدرات المجتمع وطاقاته وبالتالى إعاقته عن التقدم والتطور. ويعتبر العنف ضد النساء ظاهرة عالمية تعود إلى أزمان تاريخية سحيقة، ولكن تتفاوت حدتها واتساعها من مجتمع لآخر ارتباطاً بتقدم الوعى والادراك على المستوى العالمى بأهمية دور المرأة فى بناء المجتمعات، والاقرار بكونها شريك أساسى للرجل فى عملية التنمية الشاملة فى أى مجتمع.  لذلك استحوذت مناهضة العنف ضد المرأة على اهتمام الباحثين والدارسين، كذلك الاهتمام بأسباب العنف وأشكاله بما يشكله من إهدار لحقوق المرأة بصفتها انسان، وبالتالى تجريم كل ظاهرة تحت طائلة القانون.  وفى هذا الإطار أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم "18" لعام 1991 الذى أشار إلى ضرورة وضع حد للعنف ضد المرأة، واعتبار الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضدها. وقد عرف إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف المسلّط على النساء والصادر فى عام 1993(1) العنف بأنه: ( كل عمل عنيف مؤسس على الانتماء للجنس الأنثوى والذى يلحق أو من شأنه أن يلحق بالنساء مضّرة أو ألماً بدنياً أو جنسياً أو نفسياً أو التهديد بمثل تلك الأعمال أو الاكراه أو الحرمان التعسفى من الحرية سواء فى الحياة العامة أو الخاصة).  أى أن العنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة على أساس جنسها، وهو تصرف مؤذ ومهين يُرتكب بأى وسيلة، وبحق أى امرأة لكونها امرأة، ويخلق معاناة جسدية وجنسية ونفسية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال العقاب أو الاستغلال أو التهديد أو التحرش أو الخداع أو الاكراه أو الاجبار أو أى وسيلة أخرى، وإنكار كرامتها الانسانية أو التقليل من أمن شخصها ومن ثم احترامها لذاتها أو شخصيتها أو الانتقاص من امكانياتها الذهنية والجسدية، باعتباره عنف يدخل ضمن تهديد حرية الإنسان وكرامته وبالتالى حقوقه كإنسان.  أشكال العنف ضد المرأة: يمكن تلخيص أشكال العنف بما يلى: 1- العنف الجسدى: هو استخدام القوة ضد المرأة مما يسبب لها ضرراً وألماًَ بدنياً جسدياً ويهدد حياتها ويشمل: - القتل - الجرح - الضرب - الاعتداءات البدنية - الخدش 2- العنف الجنسى: هو استخدام القوة ضد المرأة وإيقاع الضرر بها نتيجة التعدى والإكراه الجنسى على المرأة والأنثى الطفلة ويشمل: - الاغتصاب - التحرش الجنسى - الغمز - النكات والرسائل السيئة - الملاحقة بالنظر - التلميح بعبارات جنسية غير مباشرة. 3- العنف النفسى: هو ممارسة أى فعل أو الامتناع عن ممارسة فعل بنية التهديد والاضطهاد للمرأة ويشمل: - الاستضعاف - التخويف - الاضطهاد - المحاصرة - العزل - السلوك العدوانى بالتهجم على أداء المرأة - المقاطعة 4- العنف اللفظى: هو استخدام الألفاظ والعبارات التى تحط من كرامة المرأة بقصد إهانتها ويشمل: - السب والشتم - البصق - الصخب - الصراخ - السخرية من المرأة أنواع العنف الذى تتعرض له المرأة الفلسطينية: 1- العنف السياسى وهو يقع على المرأة من ناحيتين: أولاً: السياسات والاجراءات القمعية التى تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى وتطال المرأة بالضرورة وهذه الاجراءات المتمثلة، بالعدوان المتصل والقتل والجرح وهدم المنازل وتجريف الأراضى والحصار الأمنى وحجز الحرية والحصار الاقتصادى، مما ولّد المزيد من الضغوطات النفسية والمادية حيث تدفع النساء فاتورة كل ذلك مباشرة. ثانياً: العنف الواقع على المرأة من السلطة السياسية والذى يندرج فى إطار: - إنكار حجم العنف الواقع على المرأة وتجاهله وهو أسوأ أنواع العنف لأنه يعيق السلطة عن اتخاذ التدابير الوقائية لمنعه. - غياب الأمن والأمان الاجتماعى وذلك فى ظل استمرار الانشقاق السياسى فى الساحة الفلسطينية وغياب دور الأجهزة التنفيذية المكلفة لحماية المجتمع وخصوصاً النساء. - غياب العدالة والمساواة فى السياسات والخطط الرسمية لجهة عدم تضمينها لمفاهيم النوع الاجتماعى واستمرار استبعاد المرأة عن مراكز صنع القرار. - غياب المساواة فى التشريعات والقوانين، حيث تفتقر التشريعات التى اعترفت بمبدأ المساواة إلى اللوائح التنفيذية التى تساهم فى تطبيق هذه القوانين، إضافة إلى وجود العديد من التشريعات الهامة التى تحتاج إلى تغيير لضمان تحقيق العدالة والمساواة مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات. 2- العنف المجتمعى: وهو حرمان المرأة من التفاعل الاجتماعى واستمرار ثقافة الفصل بين الجنسين وحرمان المرأة من الاتصال والتواصل وايقاع التمييز ضدها فى مكان العمل والدراسة، ويشمل كافة أنواع العنف بدءاً من المضايقات اللفظية وانتهاءً بالاغتصاب. 3- العنف الأسرى: وهو الذى يقع من أفراد الأسرة ( الأب، الأخ، الزوج، الابن، الأعمام، ....الخ) ضد المرأة بكافة أشكاله الجسدى والنفسى والجنسى. الحماية القانونية من العنف: وإزاء ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من عنف أسري واجتماعي أخذ أبعاداً خطيرة فى مجتمعنا، يثور التساؤل الأهم كيف يمكن أن نحمي المرأة وما هو موقف القانون من أشكال العنف المختلفة ضدها، وهل استطاعت التشريعات الوطنية القائمة أن تقدم الحماية الكافية لها.  والسؤال الآخر هل تقوم السلطة التنفيذية المكلفة بتنفيذ القانون بدورها فى تطبيق القانون وحماية المرأة. وللإجابة على كل هذه التساؤلات ربما يستغرقنا البحث طويلاً ولكن من المهم الإشارة إلى أن القوانين الفلسطينية التى تم إنشاؤها فى ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، وخصوصاً القانون الأساسى وقانون العمل والخدمة المدنية كفلت المساواة بين المرأة والرجل بما يؤسس حماية للمرأة من التمييز والعنف الواقع ضدها بسبب الجنس، ولكن تظل هذه القوانين من ناحية أخرى شكلية طالما لا يتم تفعيل مراقبة تنفيذها وعدم توفر اللوائح التنفيذية اللازمة لاستكمال جدوى العملية التشريعية.  من ناحية ثانية فإن قانون العقوبات الفلسطينى المطبق فى قطاع غزة رقم " 74 " لسنة 1936 وقانون العقوبات الأردنى رقم " 16 " لسنة 1960 المطبق فى الضفة الغربية، يتضمنان العديد من النصوص القانونية التى تضمن فرض العقوبة على مرتكبى جرائم العنف بحق النساء والتى جاءت فى سلسلة فى المواد وتدرجت بالعقوبات حسب نوع الجريمة وشكلها وذلك سواء كانت جرائم القتل أو الشروع به، والاعتداءات الجسدية بكل أشكالها من الضرب إلى الجرح إلى اللطم، والجرائم التى تعرض الحياة أو الصحة للخطر أو الجرائم الواقعة على الآداب العامة مثل الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب وتشجيع المرأة على البغاء، أيضاً الجرائم المتعلقة بحرمة الزوجية والالتزامات العائلية مثل تزويج الصغيرة أو الزواج بطريق الخداع، كذلك الحجز والاختطاف والذم والقذف.  إن مجمل هذه الجرائم نظم لها القانون عقوبات تتناسب ونوع الجريمة سواء كانت جناية أم جنحة، بدءاً من عقوبة الاعدام على جريمة القتل العمد وانتهاءً بالحبس البسيط أو الغرامة على الجنح. ولكن نلاحظ أن القانون لا يوفر عقوبات كافية ورادعة لمرتكبى جرائم الإيذاء حيث تكون العقوبة بالحبس والغرامة متدنية، فمثلاً إذا جرح شخص امرأة يعتبر ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات كحد أقصى أو بغرامة أو بكلتا العقوبتين مادة ( 241 ) من قانون العقوبات، فى حين اعتبر القانون جرح الحيوان جناية ويعاقب عليه بعقوبة الجناية والتى حدها الأدنى الحبس "3" سنوات.  كذلك فيما يخص جرائم القتل بإدعاء الشرف، حيث تحمى القوانين المطبقة فى فلسطين الجانى وذلك بقبول العذر المخفف للعقوبة عند ارتكاب هذه الجريمة سواء بالمادة " 18 " من قانون العقوبات المطبق فى قطاع غزة أو بالمادة "34" من القانون المطبق فى الضفة الغربية. وبالرغم من ضعف الحماية القانونية للمرأة من العنف التى توفرها قوانين العقوبات من وجهة نظرنا، إلا أنها وبحدود ما هو متوفر لا يمكن القول أن القانون يجرى تطبيقه فعلاً، وذلك لأسباب عدة:  1- جهل الغالبية من النساء بحقوقهن وبالتالى معرفتهن بإمكانية اللجوء إلى الشكوى للاستفادة من هذه الحماية وهو ما اتضح لنا من خلال التجربة العملية من خلال برامج التوعية والتثقيف وسط النساء التى تنفذها المراكز والمؤسسات النسوية . 2- القيود الاجتماعية والأسرية التى تمنع المرأة وتعيقها عن اللجوء لطلب الحماية القانونية وهذا فى حد ذاته جريمة أخرى من جرائم العنف ضد المرأة، وقد تأكد لنا من واقع ملفات النيابة العامة حتى شهر مايو 2007 أن هناك متوسط عدد " 32 " شكوى يومياً تقدم للنائب العام فى قطاع غزة من النساء المعنفات ضد أزواجهن وأفراد الأسرة الآخرين، ولكن يتم سحب الشكاوى فى اليوم التالى قبل أن تتمكن النيابة العامة من مساعدة المرأة صاحبة الشكوى.  3- ضعف جدية جهة الشرطة أو النيابة العاملة فى التعامل مع شكاوى النساء المختلفة، فكثيراً من النساء يمتنعن عن التوجه إلى مراكز الشرطة بسبب تعقيد الاجراءات المطلوبة لتسجيل الشكوى، أو لجهة تدخل أفراد الشرطة فى نصيحة المرأة بعدم ضرورة تقديم شكوى، وكذلك سوء المعاملة والتحرش التى تتعرض له المرأة أو الفتاة التى تذهب لتقديم شكوى ضد زوجها أو أحد أفراد أسرتها.  وقد سجلت العديد من الحالات للنساء اللواتى تعرضن للقتل أو محاولة القتل أو الحبس المقيّد للحرية داخل البيت أو الضرب أو التهديد بالقتل من أقارب لهن فى أجهزة الشرطة أو بمعرفتهم وهذا لازال مستمراً حتى يومنا هذا. وفى هذا الوقت العصيب الذى يمر به المجتمع الفلسطينى من حالة حصار أمنى واقتصادى وغياب السلطة، فإننا لاحظنا أن معدّلات الاعتداء على النساء بالقتل والإيذاء والتهديد بالاتهام بسوء السلوك قد تزايدت، مما يستوجب استنهاض واسع لمؤسسات المجتمع المدنى الحقوقية والنسوية والشبابية لفضح هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، ولاشك أن مؤسسات الإعلام يقع عليها عبء كبير فى هذا الوقت بالذات لجهة فضح هذه الجرائم ومرتكبيها بقدر عال من الموضوعية والمصداقية حتى يمكن توفير حماية للنساء من العنف بأشكاله المختلفة.  التوصيــات: إن توفير الحماية القانونية للمرأة من العنف يجب أن يتم الاشتغال عليه والتخطيط له وذلك فى ظل وجود سلطة قوية وقادرة وذلك على النحو التالى: الإجراءات الوقائية: 1- انشاء قانون عقوبات جديد يضمن توفير حماية فاعلة للمرأة من جرائم العنف الواقعة عليها. 2- انشاء قانون جديد للأسرة ليتوافق مع مفهوم تحقيق العدالة الاجتماعية ويكفل حماية المرأة مترافقاً مع انشاء قانون أصول محكمة الأسرة. 3- وضع استراتيجيات وخطط تشكل فى مضامينها تدابير وقائية من العنف، لجهة: - برامج تدريبية فى المناهج التعليمية فى كل المراحل تؤكد على احترام المرأة كإنسان، وتعلم كيفية تسوية النزاعات بطريقة سلمية بعيداً من العنف. - وضع برامج تربوية لتأهيل الفتيات والنساء لتعزيز الثقة بالنفس وتمكينها من تقوية احترام الذات. - توجيه البرامج الإعلامية لتعزيز ثقافة الحوار واحترام أفراد الأسرة لبعضهم البعض ونبذ ثقافة العنف. - تخصيص حصة فى الموازنة العامة للبرامج والأنشطة الخاصة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة. 4- تدريب أعضاء الجهاز التنفيذى وتوعيتهم إزاء التعامل مع شكاوى النساء ضحايا العنف، وتخصيص دور ملموس للشرطة النسائية للتعامل مع المرأة الطالبة للحماية. 5- توفير مراكز إيواء للنساء ضحايا العنف تضمن حمايتها وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لها. 6- دعوة المؤسسات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والنيابية لتقديم الخدمات الإرشادية والتوعوية والقانونية التى تساعد على الحد من انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة. الدكتورة: آمال عبد القادر جودة - أستاذ مشارك في الصحة النفسية رئيس قسم علم النفس- جامعة الأقصى ورقة عمل جرائم الشرف وآثارها النفسية والاجتماعية إن ممارسة العنف لم يقتصر على النساء فحسب، حيث أصبح بلاء على الإنسانية كلها، فالحروب تحصد ملايين الأرواح سنوياً من الرجال والنساء. ولكن من الملاحظ أن العنف في وقتنا الحاضر يمارس ضد النساء بدرجة أكثر من الرجال. وفي الوقت الذي يتعرض الرجال لعنف الحرب فإن النساء وكونهن نساء يتعرضن يوميا للإهانة والشتم، في البيت مازالت الكثير من النساء تتعرضن للضرب يوميا من قبل أزواجهن أو آبائهن أو من قبل إخوانهن. إن القتل على خلفية الشرف جريمة ليست بجديدة، وكما هو معروف، ظاهرة وأد البنات كانت شائعة في العصر الجاهلي لدى العرب، ومردها أسباب أخلاقية للمحافظة على الشرف. فمفهوم القتل على خلفية الشرف يبدو كأنه متأصل في الثقافة والوعي الجمعي للمجتمع العربي، تظهره النظرة الدونية لجسد المرأة وكرامتها، يظهره اختزال شرف العائلة في جسد المرأة، تلك النظرة التي ما زالت مكرسة وكأن حركة تحرر المرأة لم تشهد أي تطور عبر تاريخ نضالها الطويل، وكأننا لسنا في عصر ندعي نحن أبناؤه أنه عصر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام كينونته وشخصيته وحياته وحقه.  كما تزداد خطورة الأمر حينما يؤيد تلك النظرة عن المرأة الفهم المغلوط وغير الحقيقي لقيم الدين، الذي يستخدمه البعض في تبرير جرائمه، ولكن الدين بريء من هذه الجرائم. ففي الوقت الذي يروج فيه البعض إلى أن جرائم الشرف لها صلة بالدين، وبالقيود والحدود التي يضعها على المرأة، نجد أن الإسلام حين أوجد عقوبة الزنا اشترط أربعة شهود عدول لإثبات الواقعة. وهنا نلاحظ أن الإسلام جعل من إثبات جريمة الزنا مسألة معقدة إن لم تكن مستحيلة، حتى لا يبيح القتل لمجرد الشك أو الوشاية أو فورة الغضب، ولم يقر الإسلام أبداً حق الأهل بالقصاص من ابنتهم، بل أوكل هذه المهمة لأولي الأمر.  وجرائم الشرف في مجتمعنا هي إباحة قتل النساء ذوات القربى بحجة الدفاع عن الشرف. فللرجل الذي يشتبه في سلوك زوجته أو ابنته أو أخته أو أية امرأة تمت إليه بالقربى الحق في قتلها، مبرراً ذلك بالدفاع عن الشرف. وبالرغم من أن الجريمة قد ينفذها فدر واحد من أفراد الأسرة، إلاّ أنه عملياً تشترك الأسرة كلها، وربما الحمولة أيضاً بالجريمة عن طريق التحريض والتشجيع، أي أنه ترتكب جرائم الشرف ضد النساء في مجتمعنا كل يوم بمباركة من القانون والأعراف والتقاليد الاجتماعية البالية. وفي مجتمعنا تحاسب المرأة فقط في جرائم الشرف، إذ أن الرجل له حرية ممارسة "رجولته" وفق التسمية الشعبية"، ودائماً نجد له الأعذار، أما المرأة فالشك بها فقط يستوجب قتلها. وهذا ما تؤكده نتائج الدراسات التي أجريت على جرائم القتل، التي أسفرت عن أن السبب الرئيسي لارتكاب جرائم الشرف هو الشك في سلوك المرأة، حيث بلغت نسبة جرائم القتل بسبب الشك 79% في مصر، وفي دراسة أخرى في عمان أسفرت نتائجها عن أن 80% من الفتيات ضحايا جرائم الشرف هن عذارى.  وتتعرض المرأة الفلسطينية كغيرها من النساء في العالم العربي لمجموعة من الانتهاكات، تصل إلى حد تعريض حياتها للموت تحت شعار الشرف والمحافظة عليه. وبالرغم من أن الإحصائيات التي ترصد تنامي ظاهرة جرائم الشرف وتتبعها ليست بالقدر الذي يمكن الركون إليه، لأن جرائم الشرف من السلوكيات التي تعتبر من خصوصيات الأسرة التي لا يحق لأحد الاطلاع عليها، إلاّ أننا سنقوم بسرد بعض الإحصائيات التي حصلنا عليها. فقد أشارت صحيفة أخبار اليوم السويدية عام 2002 إلى مجموعة من الإحصائيات المتوفرة عن هذه الجريمة في بعض الدول العربية فكانت كالتالي: - حوالي 25 إلى 40 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في الأردن. - حوالي 400 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في اليمن. - حوالي 50 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في مصر. - وفي إحصائية صدرت حديثاً نشرتها جريدة الحياة في 15/3/2007 فإن حوالي 300 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في سوريا. - وفي تقرير عن منظمة العفو الدولية صدر حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تبين أن العام 2003 شهد حوالي 31 جريمة قتل على خلفية الشرف. وأن الفترة ما بين أيار 2004 حتى آذار 2005 شهدت ارتكاب 20 جريمة قتل على خلفية الشرف، و15 شروعاً بالقتل. - ويشير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، إلى أن معدل القتل بحجة الدفاع عن شرف العائلة ، ارتفع خلال العام الجاري، مقارنة بالعام 2006، حيث أوضحت تقارير المركز أن عدد من قتلن في العام الماضي بلغ 16، في حين بلغ عدد من قتلن حتى شهر تموز (يوليو) من العام الحالي 13 فتاة. يلاحظ من الإحصائية التي قام بها مركز الميزان لحقوق الإنسان أن جرائم الشرف تزايدت في ظل غياب القانون وانتشار ثقافة العنف في المجتمع الفلسطيني. سيكولوجية الشخص المعتدي: إن التحكم الشخصي أو الذاتي له علاقة وثيقة بالعنف، فالشخص المعتدي في جريمة الشرف ليس له القدرة على التحكم في ذاته، كما أن الهوية الجنسية الذكرية قد تحقق من وجهة نظر الذكر والمجتمع من خلال القوة والتحكم والسيطرة على المرأة حتى ولو من خلال العدوان والعنف. ويعاني مرتكب جريمة الشرف من صراع ومشاعر متضاربة، مشاعر الحب ومشاعر الرغبة في الانتقام والقتل لنفس الشخص كل ذلك يسبب له الانفعال الشديد الذي يعطل عمل الوظائف العقلية فيعوق قدرته على التفكير السليم. وقد يكون للرجل المعتدي خلفية أسرية مضطربة تسود فيها المشكلات، وبيئة أسرية تتسم بالقسوة والحرمان من الحب، ومن ثم فالسلوك العنيف لديه مبرر إلى درجة أنه يقنع نفسه بشرعية عمل جريمته. وفي بعض الأحيان وفي ظل وجود عادات مجتمعية صارمة لا ترحم من لا يقدم على غسل عاره، وسيطرة تقاليد وقيم تمجد مرتكب هذه الجريمة وأقصد هنا ما يسمى بجريمة الشرف، وفي ظل وجود قضاء يقف إلى جانبه ويصدر أحكاماً مخففه، يتحول الإنسان العادي إلى إنسان عدواني تسيطر عليه مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام، ويرتكب جريمة قتل يذهب ضحيتها أعز الناس على قلبه أمه أو أخته أو ابنته. آثار جرائم الشرف: بالرغم من أن جرائم الشرف تعتبر شكلاً من أشكال العنف الموجه ضد المرأة، يخلق معاناة جسدية وجنسية ونفسية للمرأة، إلاّ أن آثار هذه الجريمة متعددة ومتشعبة وممتدة على جميع الأصعدة، ولها آثار سلبية على الفرد، رجلاً كان أو امرأة، وعلى الطفل الذي يرى العنف الموجه ضد المرأة سواء في الأسرة أو المجتمع وسيلة فعالة للتعامل مع الآخرين. آثار جرائم الشرف على المرأة: إن العنف الموجه ضد المرأة ينعكس سلباً على صحتها النفسية، إذ أنه يرتبط بانخفاض تقديرها لذاتها، كما أن تكرار تعرض المرأة للعنف لا يؤدي فقط إلى انخفاض تقديرها لذاتها ولكنه قد يؤدي إلى شعورها بعدم الرضا عن الحياة، وفقدان الأمل، وعدم القدرة على مواجهة المشكلات والاعتقاد في عدم القدرة على التحكم في أمور حياتها أو تغييرها والاعتقاد في عدم القدرة على إيقاف الإساءة الموجهة إليها، وتصبح أقل ثقة بنفسها وبالآخرين. كما يتسبب العنف الموجه ضد المرأة إلى زيادة الأعراض الاكتئابية لديها، ويفسر ذلك بأن عدم مقدرة المرأة المساء إليها من الدفاع عن نفسها يضطرها إلى كبت مشاعر العدوان أو تحويل هذه المشاعر العدوانية إلى ذاتها، فتلوم نفسها وتصاب بالاكتئاب والعجز. والمرأة التي تشعر بالعجز قد تكون بعض سلوكياتها اندفاعية عندما يتزايد شعورها بتهديد ذاتها أو حياتها، وقد تلجأ إلى العدوان على من يعتدي عليها بل وأحياناً قتله. أريد أن أنوه هنا أن قتل المرأة على خلفية ما يسمى بالشرف يضطر المرأة في المجتمع للصمت على ما تتعرض له من تحرش جنسي حفاظاً على سمعتها وعدم تعرضها للشكوك. كما أن تعرض المرأة المستمر للعنف والإساءة يجعلها أكثر معاناة من الأمراض السيكوسوماتية كالصداع، واضطرابات المعدة، وارتفاع ضغط الدم، وفقدان الشهية ... الخ. آثار جرائم الشرف على المجتمع: تعتبر جريمة الشرف وصمة عار تلحق بالأسرة وتبقى آثارها النفسية والاجتماعية تطارد أبناء من ارتكب الجريمة وأبناء من ارتكبت الجريمة بحقه، بالإضافة إلى أبناء أقارب هذه الأسرة، والتي يمكن أن تتسبب بإصابتهم بأمراض نفسية يصعب علاجها والتخلص منها. كما أن مثل هذه الجرائم قد تتسبب بإثارة جو من العنف والرعب بين أفراد الأسرة، مما قد يؤدي إلى جنوح أبنائها. وبالتالي إلى زيادة نسبة الجرائم وعدم الاستقرار في المجتمع. كذلك تتسبب بالتفكك والتصدع الأسري، وبإصابة أفراد الأسرة بالخجل والإحباط والقلق. أيضاً قد تتسبب بإصابة أفراد هذه الأسرة بالوحدة النفسية وعدم الرغبة بالتواصل الاجتماعي، مما يتسبب في إهدار طاقتهم وقدراتهم مما ينعكس سلباً على العائد الاقتصادي في المجتمع. ولا يقتصر التأثير السلبي لهذه الجرائم على أفراد الأسرة نفسها، فقد ينتقل التأثير إلى الفتيات الأخريات في المجتمع . إلى طفلة شاهدت قتل أنثى أخرى، فتصاب بصدمة، وتسأل بكل براءة لماذا قتلت فلانة؟ لماذا قتلها أبوها؟ أو لماذا قتلها أخوها؟ أو لماذا قتلتها أمها؟ فتأتي الإجابة غير مقنعة لها بالرغم من صغر سنها. ماذا نتوقع لهذه الطفلة؟ كيف ستنظر إلى أبيها؟ أو أخيها أو إلى أمها؟ تلك الأم التي تعتبر رمزاً للحب والحنان. كيف ستستطيع هذه الطفلة أن تثق بهذا المجتمع الذي يبيح القتل ويعتبره شرفاً؟ أعتقد أنه حان الوقت لتسليط الضوء على هذه الجريمة، والتصدي لها بالبحث والحوار والغوص في أعماق التربة الاجتماعية، للوصول إلى الجذور العميقة لأسباب تلك الجريمة، التي توفر لها الدعم والتبرير والقبول الاجتماعي لها. آليات مواجهة جرائم الشرف: - مراجعة شاملة لكل القوانين والأنظمة والتشريعات المتعلقة بحقوق المرأة، بهدف وضع قوانين حديثة تنظم العلاقات الأسرية في كافة مراحلها بشكل يتوافق ومبادئ العدالة الإنسانية وعدم التمييز بين الجنسين. - تشديد العقوبة ضد مقترفي هذه الجرائم. - توعية النساء والفتيات بحقوقهن القانونية عن طريق إقامة الندوات والمحاضرات والنشرات الإعلامية. - تغيير المناهج التربوية في المدارس والجامعات بما يعزز قيم احترام الذات والاحترام المتبادل بين المرأة والرجل، ويتضمن تغيير المفاهيم المتخلفة المبنية على منظومة ذكرية متسلطة. - إنشاء مراكز لحماية وتأهيل النساء والفتيات ضحايا العنف في المجتمع. - تفعيل دور المؤسسات الإعلامية لتقوم بدورها في تصحيح النظرة المغلوطة للمرأة على أنها مخلوق أدنى مرتبة من الرجل، حتى تساعد في نشر ثقافة بديلة . - إقامة برامج بهدف تغيير الاتجاهات السلبية نحو المرأة، وتعزيز الاتجاهات الإيجابية نحوها. - إتباع أساليب التنشئة الاجتماعية السليمة في تربية الأبناء التي تحقق لهم إشباعاً مناسباً لحاجاتهم الجسمية والنفسية، وتوفر لهم جواً أسرياً مناسباً لبناء شخصية سوية قادرة على مواجهة ضغوط

وكالة أخبارالمرأة

نظم المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة " عمق " في محافظات غزة بالتنسيق والتعاون مع مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي مؤتمر حول المعالجة الإعلامية والقانونية لجرائم قتل النساء على خلفية الشرف؛ ونظراً لأهمية الملف نشرت وكالة أخبار المرأة كافة أوراق العمل للمتحدثين والمتحدثات.
والمؤتمر عبارة عن قسمين: القسم الأول - المعالجة القانونية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمي " الشرف "والقسم الثاني - المعالجة الإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى " الشرف "
القسم الأول: المعالجة الإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى " الشرف "

كلمة الإعلامي محمد كريزم منسق المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة في قطاع غزة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والأخوة الأعزاء .....
الحضور الكريم ......
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالأصالة عن نفسي وبإسم المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة ومركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي اسمحوا لي أن أرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب كما يطيب لي التوجه لكم بالشكر الجزيل لحضوركم العابق في هذا اللقاء الطيب الذي سيستمر طيلة الساعات القليلة القادمة هي الفترة الوجيزة لإتمام ورشة العمل التي نحن بصددها وينظمها المنتدى الإعلامي لنصرة قضايا المرأة في محافظات غزة ومركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي في محافظات الضفة وجاءت تحت عنوان ( المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف ).

ويأتي انعقاد ورشة العمل هذه التي حملت عنواناً صغيراً في شكله لكنه كبيراً في مضمونه وجوهره، في ظل ظروف مجتمعية عصيبة وبالغة التعقيد لا سيما في الآونة الأخيرة التي ازدادت فيها وتيرة إرتكاب جرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بالشرف.

نحن هنا في خضم ورشة العمل نود تسليط الضوء على الأسباب الاجتماعية والآثار النفسية المترتبة عليها، ومناقشة الجوانب القانونية والحقوقية لهذه الجرائم المشينة، ومن ثم نخوض غمار أسباب إحجام وسائل الإعلام الفلسطيني والصحفيين والصحفيات عن تناول ومعالجة هذه القضية الخطيرة المتفشية داخل أركان المجتمع الفلسطيني.

إذا أردنا أن نتناول هذه الجرائم المقيتة والمنافية لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والمتعارضة مع منظومة القيم والأخلاق الفلسطينية، نجد أننا ندخل في متاهات بسبب حساسيتها المتعلقة بالشرف والفضيلة، وأعتقد أن تلك النقطة أحد أسباب إحجام الصحافيين والصحافيات عن تناولها ومعالجتها بطريقة مهنية إعلامية سليمة، وذلك لرهبتهم وتخوفهم وهواجسهم من تبعات ما يقومون به خلال تأديتهم لعملهم الإعلامي.

والمسألة هنا لا تقتصر على الإعلام فقط، فالحركة النسوية والمنظمات الحقوقية والقانونية والأهلية تتحمل القسط الأكبر في التصدي لهذه الجرائم، فلقد درجت العادة في الخطاب النسوي بشقيه الإعلامي والمؤسسي، على تناول وصف خاطئ لجرائم قتل النساء على ما يسمى بـ ( خلفية الشرف )، وتوظيفه ليكون محور الحملات الإعلامية المكثفة واسعة النطاق، بالتزامن مع عقد المؤتمرات وورش العمل والندوات التي تعالج هذه القضية بالإصرار على تثبيت هذا الوصف الخاطئ والمجافي للحقيقة على أرض الواقع، وللأسف تنهمك المنظمات النسائية في فلسطين والدول العربية بتكراره وتنساق وراء مفاهيم مغلوطة في وصف الأمور التي تكرس بعض الحالات الفردية الشاذة وكأنها القاعدة.

لنسأل أنفسنا سؤالاً مشروعاً ...
هل فعلاً معظم جرائم القتل التي ارتكبت بحق النساء تم اقترافها والشروع بها على خلفية ما يسمى بـ ( الشرف )؟ أم ارتكبت على خلفية ( الشك )؟
إذن مطلوب منا إجابة مشروعة وشافية...

دلت كافة التحقيقات الجنائية الحاسمة والجازمة المسندة بالأدلة القانونية والطبية الدامغة والقاطعة أن غالبية جرائم قتل النساء ارتكبت على خلفية الشكوك والظنون البائسة، وليس هناك ما يدل على أن النساء المغدورات فرطن بشرفهن وعذريتهن، أو لوثن كرامتهن وسمعتهن.

ما يترتب على تلك الحقيقة، يثير تساؤلات ملحه ...

ما جدوى وصف تلك الجرائم أنها ترتكب على خلفية الشرف طالما أن الشرف لم يمس؟ ولماذا تتمسك المنظمات النسائية بهذا الوصف غير الواقعي؟ ولماذا تنساق وسائل الإعلام بتأجيج وتضخيم الأمور وتخرجها من سياقها الإجرامي؟ ولماذا ينكب ويتهافت المشرعون على تشريع وتسويغ القوانين العقابية المخففة لمرتكبي جرائم قتل النساء على خلفية الشك.

مزيداً من الإيضاح...
طالما توصلنا إلى نتيجة مفادها أن هؤلاء النسوة المغدورات قتلن على خلفية الشك وليس على خلفية الشرف، ماذا يتبقى من أوصاف في غير محلها فوق الغربال؟

وإذا حاولنا تشخيص القضية سنجد أن القتلة ارتكبوا جرائمهم مندفعين بالشكوك الحائمة والقيل والقال والحالة الانفعالية التي يعيشها هؤلاء الأشخاص غير الأسوياء بعيداً عن الاتزان والتعقل، وبالتالي غير معنيين بالبحث والتحري والتقصي حول ما يتعلق بسمعة وشرف أرحامهم من النساء الذي أوصى الله سبحانه وتعالى بحمايتهن والدفاع عنهن والذود عن حياضهن.

ما يثير الحنق والغضب حقاً حول مسوغات ومبررات أفعال هؤلاء الأشرار وكيف ارتضوا لأنفسهم إزهاق أرواح بريئة بهذه الطريقة البشعة؟ هل ارتكبوا جرائمهم بعد أن تجمعت لديهم براهين يقينية وإثباتات دامغة من أجل تفريغ هذا الحقد الأسود، أم أن الأمر لا يتعدى مجرد حالة نفسية تصيب مرتكبي تلك الجرائم، ومن ثم يقال عنهم أنهم أبطال ( غسلوا عارهم ) بإراقة دماء تلك النسوة في المناطق الخالية، ومن ثم التغول أكثر فأكثر بتهشيم رؤوسهن بالحجارة ( حتى يكون الغسيل أكثر نظافة ).

وللأسف كلمة يجب أن تقال...
بعد كل هذه القسوة والتوحش والظلم من هؤلاء الأشرار بحق النساء، نجد هناك من يجند نفسه ولو بحسن النيه للدفاع عنهم، وتغليف أفعالهم بمسميات لها علاقة بالشرف والفضيلة والأخلاق، مع أنها بعيدة كل البعد عنها، وأحياناً كثيرة تكيل المديح للقتلة وتسيء للضحايا من النساء المغدورات اللواتي وقعن تحت قسوة الظلم الاجتماعي لهن، والتعبئة الحاقدة من القائمين على التربية البديلة الذين يستغلوا كل ما من شأنه في هتك النسيج العائلي والإجتماعي للمجتمع العربي.

عبارة ( قتل النساء على خلفية الشرف ) بهذه الصياغة اللغوية، كفيلة بإجهاض كل محاولات الدفاع التي تقوم بها الحركات النسوية على هذا الصعيد، في حين تتعاظم النظرة المؤيدة والمتعاطفة مع هؤلاء الأشرار من قبل بعض أفراد ومجموعات المجتمع العربي التقليدي، بإعتبار أن القتلة يقومون بعمل شريف يستحق كل الثناء والتقدير من كافة الشرائح والفئات و من صناع القرار السياسي والإجتماعي والتشريعي والقانوني، وتهافتهم لتخفيف العقوبة على المجرمين كلفته إنسانية مهمة لقيامهم بهذا العمل النبيل والشريف، وللأسف الحركات النسوية تساعد هذه الجهات على بلورة موقفهم القاسي ضد النساء المغدورات من خلال تمسكها بعبارة ( قتل النساء على خلفية الشرف )، ويمكنها استبدالها بـ ( قتل النساء على خلفية الشك ) من أجل نزع ذريعة الفضيلة والأخلاق التي يتحجج بها مقترفي تلك الجرائم وتعريتهم أمام الرأي العام وتسويقهم كمجرمين وليسوا شرفاء قاموا بغسل عار العائلة.

في الختام أتمنى لكم التوفيق وأن تحقق هذه الورشة الأهداف المرجوة من وراء تنظيمها والتمكن من الخروج بتوصيات ونتائج عملية تخدم المجتمع الفلسطيني.

ورقة عمل: المحامية حليمة أبوصلب - مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي

العنف في القوانين ضد المراة
قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960
وقانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936
ظاهرة العنف ظاهرة عامة لم تسلم منها منطقة أو ثقافة ، وهذه الظاهرة لاتمثل فقط تهديدا لمنجزات الانسان المادية والاجتماعية ، ولكنها حين تمتد نحو المرأة والطفل أي الفئات الضعيفة والمهمشة التي يجب أن تحظى بمزيد من الرعاية والاهتمام فالتهديد يكون موجها نحو الضمير الانساني ونحو العقل الانساني معا .

تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة لكونها أنثى ، ظاهرة عالمية تعاني منها المرأة في كل مكان ومنذ الأزل وأينما كانت ، وان اختلفت أشكالها ، وعلى الرغم من الانتشار الواسع لهذه الظاهرة الا أنها لم تحظى بالاهتمام الكافي الا مؤخرا حيث بدأت الحركة النسوية العالمية تؤكد على أهمية ربط قضايا حقوق المرأة بقضايا حقوق الانسان واعتبار العنف ضد المرأة انتهاكا صارخا لحقوقها الأساسية .

ويفهم من الاعلان العالمي لحقوق الانسان أن العنف العائلي يدخل ضمن تهديد حرية الانسان وكرامته وبالتالي حقوقه كانسان ، وأشارت المادة الخامسة منه الى " عدم تعريض أي انسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملة القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة " .

الى جانب ماتتعرض له المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة من انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني ، فهي تقع ضحية الاجحافات والثغرات والفراغ التشريعي والتمييز في القوانين المحلية ، كما وتتعرض المرأة الفلسطينية الى كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتهديد بالقتل على يد المجتمع الأبوي ، فالتفويض باستعمال العنف دون مساءلة يصبح طيعا في يد ذوي النفوذ في الأسرة وفي البنية الاجتماعية عموما ، وفي هذا السياق تصبح النساء الفلسطينيات رمزا لسلطتهم ، فيلجأون الى تفريغ احباطاتهم عليهن من خلال العنف .

ويقدم المر كز للنساء ضحايا العنف الخدمات الارشادية والقانونية من خلال الجلسات الفردية وما الى ذلك والتمثيل القانوني المجاني في المحاكم لألاف النساء المنتهكة حقوقهن، ومن خلال التوجه للمحاكم للمرافعة عن قضايا النساء المختلفة من قضايا ( عقد الزواج والآثار المترتبة عليه من نفقة وحضانة ومشاهدة والطلاق والآثار المترتبة عليه ، اضافة الى القضايا في المحاكم النظامية والتي تعالج جرائم سفاح القربى والاغتصاب .. الخ . ) تبين لنا أن الوضع القانوني مجحف اجحافا صارخا بحقوق النساء ، وبالتالي نسلط الضوء على النصوص التمييزية ضد النساء في

• قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 الساري المفعول في الضفة الغربية،
• وقانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936 الذي وضعه المندوب السامي البريطاني في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين ، بهدف العمل والتسريع على اقرار تشريعات وقوانين موحدة لكافة أجزاء الوطن مبنية على مبدأ العدالة والمساواة .

ومنذ تأسيس مركز المرأة للأرشاد القانوني والاجتماعي عام 1991 عمل المركز ومازال على اعداد برامج ومشاريع ذات أجندة نسوية فلسطينية واضحة تقوم على المعايير الدولية لحقوق الانسان . وتعمل وحدات المركز الخمس معا على تنفيذ هذه البرامج والمشاريع ومتابعتها . وذلك من خلال صياغة رؤية نسوية تهدف الى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية تمكن النساء من ممارسة حقهن في تقرير مصيرهن في بيئة اجتماعية وقانونية ومؤسساتية في اطار دولة فلسطينية ذات سيادة ، تسترشد بمبدأ سيادة القانون ولا تميز ضد النساء الفلسطينيات ولاتعيق تقدمهن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .

من خلال عملنا في المركز واستقبال المئات من النساء المعنفات سنويا تبين لنا أنه ليس فقط العادات والتقاليد والثقافة السلبية السائدة هي فقط التي تنهتك حقوق النساء وتمتهن كرامتهن الأنسانية ولكن للقانون والتشريعات السارية دور بارز وأساسي في تعميق هذا الانتهاك وامتهان الكرامة الانسانية من خلال النصوص القانونية التمييزية التي تتضمنها هذه القوانين وهذه التشريعات التي تمنح وتجيز وترخص القتل والتعنيف والضرب والايذاء والتحقير ضد النساء باسم القانون ، هذا القانون الذي هو أساسا وجد من أجل حماية الأفراد ذكورا واناثا ونشر الأمن والآمان والعيش بكرامة واستقرار ، اضافة للقوانين الاجرائية التي تحرم الأنثى من تقديم الشكوى ، بل أنه على ولي الأمر تقديم هذه الشكوى ، فما العمل عندما يكون ولي الأمر هو المعتدي بدءا ونهاية ؟ . وكثير كثير من النصوص القانونية التي تتعامل مع النساء مهما بلغن من العمر والنضوج والعلم وتولي الوظائف العامة ودورهن في التنمية وبناء المجتمع الا أن بعض هذه النصوص تتعامل معهن ( كقاصر مدى الحياة ).

واليك بعض النصوص القانونية التي تنتهك الحقوق الانسانية للمرأة خاصة حق الحياة وتعطي للذكور ترخيصا قانونيا بقتل الاناث خاصة المادة 340 بفقرتيها العذر المحل والعذر المخفف من العقوبات الأردني التي نصت على :
1. " يستفيد من العذر المحل ، من فاجأ زوجته أو احدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص اخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو ايذائهما كليهما أو احداهما " .
2. " يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الايذاء من العذر المخفف اذا فاجأ زوجه أو احدى أصوله أو فروعه أو اخواته مع اخر على فراش غير مشروع " .
والمادة 62 نصت على :
1. " لايعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة " .
2. يجيز القانون :
أ‌. " ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد ابؤهم على نحو ما يبيحه العرف العام " .

وكذلك ماجاء في قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في قطاع غزةفي الفصل الرابع منه تحت عنوان ( قواعد عامة بشأن المسؤولية الجزائية ) حيث نصت المادة 18 منه على : الضرورة " يجوز قبول المعذرة في ارتكاب فعل أو ترك يعتبر أتيانه جرما لولا وجود تلك المعذرة اذا كان في وسع الشخص المتهم أن يثبت بأنه ارتكب ذلك الفعل أو الترك درءا لنتائج لم يكن في الوسع اجتنابها بغير ذلك والتي لو حصلت لألحقت أذى أو ضررا بليغا به أو بشرفه أو ماله أو بنفس أو شرف أشخاص اخرين ممن هو ملزم بحمايتهم أو بمال موضوع في عهدته :

ويشترط في ذلك أن لايكون قد فعل أثناء ارتكابه الفعل أو الترك الا ماهو ضروري ضمن دائرة المعقول لتحقيق تلك الغاية وأن يكون الضرر الناجم عن فعله أو تركه متناسبا مع الضرر الذي تجنبه . "

هذا القانون لايميز من حيث المبدأ بين جرائم القتل على خلفية مايسمى ( شرف العائلة ) وجرائم القتل العمد الأخرى ، غير أنه وفقا للسوابق القضائية ، يحظى مقترفوا هذه الجرائم بحصانة خاصة ، حيث يتم تخفيف الأحكام عليهم .

وكل المواد التي تتعلق بتعنيف الاناث من ضرب وايذاء وتحرشات واعتداءات جنسية وغيرها سواء داخل الأسرة أو خارجها ،
كذلك من العقوبات الأردني المادة 308 الفقرة الأولى نصت على :

" اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة واذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه " .

هذه المواد تمنح المغتصب الجاني رخصة قانونية بالزواج من الضحية وعدم ايقاع العقوبة الرادعة به وبأمثاله ؟؟؟؟؟ .
أود أن أشير الى نتائج المسح الذي أجراه جهاز الأحصاء المركزي الفلسطيني لسنة 2005 حول العنف الأسري
• 3. 23% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج أفدن أنهن قد تعرضن لأحد أشكال العنف الجسدي لمرة واحدة على الأقل
• 7. 61% تعرضن لأحد أشكال العنف النفسي لمرة واحدة على الأقل
• 5. 10% تعرضن لأحد أشكال العنف الجنسي في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2005
ويعتبر هذا المسح الوطني الأول من نوعه ونتائجه جاءت بتوافق مع تقارير ودراسات لبعض المؤسسات العاملة في مجال مناهضة العنف ومدافعة عن حقوق المرأة كحقوق انسان .
الاحصائيات المتوفرة لدى مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي لعام 2004- 2005 تشير بأن أكثر من 95% من الاناث تعرضن لعنف من الأقارب

نشر في جريدة القدس يوم الثلاثاء الموافق 5/12/2006 ووفق احصائيات أعدتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن فان 14 حالة قتل لنساء على خلفية مايسمى بشرف العائلة منها (5) حالات في الضفة الغربية و (9) حالات في قطاع غزة ، وأضاف أن مجموع النساء اللواتي قتلن حتى تاريخ 30/11/2006 ، (27) امرأة على خلفيات مختلفة بما فيها ( الشرف ) .

•وفي سنة 2007 ارتكبت العديد من الجرائم وقتل الاناث تحت مسمى شرف العائلة كانت أبشعها مقتل الثلاث شقيقات في قطاع غزة من قبل الأخ وابن العم ، اضافة الى مقتل فتاة أخرى يوم السبت الموافق 28-7 والقاء جثتها قرب مخيم البريج في القطاع من قبل الأخ ؟؟؟؟

الأستاذة / زينب الغنيمى: مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة

ورقة عمل حول
مدى الحماية القانونية للمرأة الفلسطينية من العنف

تتسع ظاهرة العنف ضد المرأة فى مجتمعنا الفلسطينى بحيث أصبحت تشكل تهديداً خطيراً على المجتمع بأسره، وقد فاقت معدّلات العنف كل التصورات بدءاً من أقسى الأشكال: الحرمان من الحق فى الحياة بالقتل، حيث وصل العدد المعلن عنه نحو "31" امرأة من قطاع غزة وهو قتلن منذ بداية العام الجارى، إضافة إلى أشكال الجرح والأذى الجسدى الذى تعرضت له أعداد كبيرة من النساء، وانتهاءً بالاستغلال والتهديد والتقليل من كرامة المرأة والذى تتعرض له غالبية النساء.

وتزايد معدّلات العنف فى المجتمع ضد المرأة، لا يشكل فقط تهديداً داخل الأسرة الواحدة بل عمّق الخلافات بين الأسر والعائلات، مما أدى إلى استنزاف قدرات المجتمع وطاقاته وبالتالى إعاقته عن التقدم والتطور.

ويعتبر العنف ضد النساء ظاهرة عالمية تعود إلى أزمان تاريخية سحيقة، ولكن تتفاوت حدتها واتساعها من مجتمع لآخر ارتباطاً بتقدم الوعى والادراك على المستوى العالمى بأهمية دور المرأة فى بناء المجتمعات، والاقرار بكونها شريك أساسى للرجل فى عملية التنمية الشاملة فى أى مجتمع.

لذلك استحوذت مناهضة العنف ضد المرأة على اهتمام الباحثين والدارسين، كذلك الاهتمام بأسباب العنف وأشكاله بما يشكله من إهدار لحقوق المرأة بصفتها انسان، وبالتالى تجريم كل ظاهرة تحت طائلة القانون.

وفى هذا الإطار أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم "18" لعام 1991 الذى أشار إلى ضرورة وضع حد للعنف ضد المرأة، واعتبار الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضدها.

وقد عرف إعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف المسلّط على النساء والصادر فى عام 1993(1) العنف بأنه: ( كل عمل عنيف مؤسس على الانتماء للجنس الأنثوى والذى يلحق أو من شأنه أن يلحق بالنساء مضّرة أو ألماً بدنياً أو جنسياً أو نفسياً أو التهديد بمثل تلك الأعمال أو الاكراه أو الحرمان التعسفى من الحرية سواء فى الحياة العامة أو الخاصة).

أى أن العنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة على أساس جنسها، وهو تصرف مؤذ ومهين يُرتكب بأى وسيلة، وبحق أى امرأة لكونها امرأة، ويخلق معاناة جسدية وجنسية ونفسية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال العقاب أو الاستغلال أو التهديد أو التحرش أو الخداع أو الاكراه أو الاجبار أو أى وسيلة أخرى، وإنكار كرامتها الانسانية أو التقليل من أمن شخصها ومن ثم احترامها لذاتها أو شخصيتها أو الانتقاص من امكانياتها الذهنية والجسدية، باعتباره عنف يدخل ضمن تهديد حرية الإنسان وكرامته وبالتالى حقوقه كإنسان.

أشكال العنف ضد المرأة: يمكن تلخيص أشكال العنف بما يلى:
1- العنف الجسدى: هو استخدام القوة ضد المرأة مما يسبب لها ضرراً وألماًَ بدنياً جسدياً ويهدد حياتها ويشمل:
- القتل - الجرح - الضرب - الاعتداءات البدنية - الخدش
2- العنف الجنسى: هو استخدام القوة ضد المرأة وإيقاع الضرر بها نتيجة التعدى والإكراه الجنسى على المرأة والأنثى الطفلة ويشمل:
- الاغتصاب - التحرش الجنسى - الغمز - النكات والرسائل السيئة
- الملاحقة بالنظر - التلميح بعبارات جنسية غير مباشرة.
3- العنف النفسى: هو ممارسة أى فعل أو الامتناع عن ممارسة فعل بنية التهديد والاضطهاد للمرأة ويشمل:
- الاستضعاف - التخويف - الاضطهاد - المحاصرة
- العزل - السلوك العدوانى بالتهجم على أداء المرأة - المقاطعة
4- العنف اللفظى: هو استخدام الألفاظ والعبارات التى تحط من كرامة المرأة بقصد إهانتها ويشمل:
- السب والشتم - البصق - الصخب - الصراخ - السخرية من المرأة
أنواع العنف الذى تتعرض له المرأة الفلسطينية:
1- العنف السياسى
وهو يقع على المرأة من ناحيتين:
أولاً: السياسات والاجراءات القمعية التى تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى وتطال المرأة بالضرورة وهذه الاجراءات المتمثلة، بالعدوان المتصل والقتل والجرح وهدم المنازل وتجريف الأراضى والحصار الأمنى وحجز الحرية والحصار الاقتصادى، مما ولّد المزيد من الضغوطات النفسية والمادية حيث تدفع النساء فاتورة كل ذلك مباشرة.
ثانياً: العنف الواقع على المرأة من السلطة السياسية والذى يندرج فى إطار:
- إنكار حجم العنف الواقع على المرأة وتجاهله وهو أسوأ أنواع العنف لأنه يعيق السلطة
عن اتخاذ التدابير الوقائية لمنعه.
- غياب الأمن والأمان الاجتماعى وذلك فى ظل استمرار الانشقاق السياسى فى الساحة الفلسطينية وغياب دور الأجهزة التنفيذية المكلفة لحماية المجتمع وخصوصاً النساء.
- غياب العدالة والمساواة فى السياسات والخطط الرسمية لجهة عدم تضمينها لمفاهيم النوع الاجتماعى واستمرار استبعاد المرأة عن مراكز صنع القرار.
- غياب المساواة فى التشريعات والقوانين، حيث تفتقر التشريعات التى اعترفت بمبدأ المساواة إلى اللوائح التنفيذية التى تساهم فى تطبيق هذه القوانين، إضافة إلى وجود العديد من التشريعات الهامة التى تحتاج إلى تغيير لضمان تحقيق العدالة والمساواة مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات.
2- العنف المجتمعى:
وهو حرمان المرأة من التفاعل الاجتماعى واستمرار ثقافة الفصل بين الجنسين وحرمان المرأة من الاتصال والتواصل وايقاع التمييز ضدها فى مكان العمل والدراسة، ويشمل كافة أنواع العنف بدءاً من المضايقات اللفظية وانتهاءً بالاغتصاب.
3- العنف الأسرى:
وهو الذى يقع من أفراد الأسرة ( الأب، الأخ، الزوج، الابن، الأعمام، ....الخ) ضد المرأة بكافة أشكاله الجسدى والنفسى والجنسى.
الحماية القانونية من العنف:

وإزاء ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من عنف أسري واجتماعي أخذ أبعاداً خطيرة فى مجتمعنا، يثور التساؤل الأهم كيف يمكن أن نحمي المرأة وما هو موقف القانون من أشكال العنف المختلفة ضدها، وهل استطاعت التشريعات الوطنية القائمة أن تقدم الحماية الكافية لها.

والسؤال الآخر هل تقوم السلطة التنفيذية المكلفة بتنفيذ القانون بدورها فى تطبيق القانون وحماية المرأة.

وللإجابة على كل هذه التساؤلات ربما يستغرقنا البحث طويلاً ولكن من المهم الإشارة إلى أن القوانين الفلسطينية التى تم إنشاؤها فى ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، وخصوصاً القانون الأساسى وقانون العمل والخدمة المدنية كفلت المساواة بين المرأة والرجل بما يؤسس حماية للمرأة من التمييز والعنف الواقع ضدها بسبب الجنس، ولكن تظل هذه القوانين من ناحية أخرى شكلية طالما لا يتم تفعيل مراقبة تنفيذها وعدم توفر اللوائح التنفيذية اللازمة لاستكمال جدوى العملية التشريعية.

من ناحية ثانية فإن قانون العقوبات الفلسطينى المطبق فى قطاع غزة رقم " 74 " لسنة 1936 وقانون العقوبات الأردنى رقم " 16 " لسنة 1960 المطبق فى الضفة الغربية، يتضمنان العديد من النصوص القانونية التى تضمن فرض العقوبة على مرتكبى جرائم العنف بحق النساء والتى جاءت فى سلسلة فى المواد وتدرجت بالعقوبات حسب نوع الجريمة وشكلها وذلك سواء كانت جرائم القتل أو الشروع به، والاعتداءات الجسدية بكل أشكالها من الضرب إلى الجرح إلى اللطم، والجرائم التى تعرض الحياة أو الصحة للخطر أو الجرائم الواقعة على الآداب العامة مثل الاغتصاب ومحاولة الاغتصاب وتشجيع المرأة على البغاء، أيضاً الجرائم المتعلقة بحرمة الزوجية والالتزامات العائلية مثل تزويج الصغيرة أو الزواج بطريق الخداع، كذلك الحجز والاختطاف والذم والقذف.

إن مجمل هذه الجرائم نظم لها القانون عقوبات تتناسب ونوع الجريمة سواء كانت جناية أم جنحة، بدءاً من عقوبة الاعدام على جريمة القتل العمد وانتهاءً بالحبس البسيط أو الغرامة على الجنح.

ولكن نلاحظ أن القانون لا يوفر عقوبات كافية ورادعة لمرتكبى جرائم الإيذاء حيث تكون العقوبة بالحبس والغرامة متدنية، فمثلاً إذا جرح شخص امرأة يعتبر ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة ثلاث سنوات كحد أقصى أو بغرامة أو بكلتا العقوبتين مادة ( 241 ) من قانون العقوبات، فى حين اعتبر القانون جرح الحيوان جناية ويعاقب عليه بعقوبة الجناية والتى حدها الأدنى الحبس "3" سنوات.

كذلك فيما يخص جرائم القتل بإدعاء الشرف، حيث تحمى القوانين المطبقة فى فلسطين الجانى وذلك بقبول العذر المخفف للعقوبة عند ارتكاب هذه الجريمة سواء بالمادة " 18 " من قانون العقوبات المطبق فى قطاع غزة أو بالمادة "34" من القانون المطبق فى الضفة الغربية.

وبالرغم من ضعف الحماية القانونية للمرأة من العنف التى توفرها قوانين العقوبات من وجهة نظرنا، إلا أنها وبحدود ما هو متوفر لا يمكن القول أن القانون يجرى تطبيقه فعلاً، وذلك لأسباب عدة:

1- جهل الغالبية من النساء بحقوقهن وبالتالى معرفتهن بإمكانية اللجوء إلى الشكوى للاستفادة من هذه الحماية وهو ما اتضح لنا من خلال التجربة العملية من خلال برامج التوعية والتثقيف وسط النساء التى تنفذها المراكز والمؤسسات النسوية .

2- القيود الاجتماعية والأسرية التى تمنع المرأة وتعيقها عن اللجوء لطلب الحماية القانونية وهذا فى حد ذاته جريمة أخرى من جرائم العنف ضد المرأة، وقد تأكد لنا من واقع ملفات النيابة العامة حتى شهر مايو 2007 أن هناك متوسط عدد " 32 " شكوى يومياً تقدم للنائب العام فى قطاع غزة من النساء المعنفات ضد أزواجهن وأفراد الأسرة الآخرين، ولكن يتم سحب الشكاوى فى اليوم التالى قبل أن تتمكن النيابة العامة من مساعدة المرأة صاحبة الشكوى.

3- ضعف جدية جهة الشرطة أو النيابة العاملة فى التعامل مع شكاوى النساء المختلفة، فكثيراً من النساء يمتنعن عن التوجه إلى مراكز الشرطة بسبب تعقيد الاجراءات المطلوبة لتسجيل الشكوى، أو لجهة تدخل أفراد الشرطة فى نصيحة المرأة بعدم ضرورة تقديم شكوى، وكذلك سوء المعاملة والتحرش التى تتعرض له المرأة أو الفتاة التى تذهب لتقديم شكوى ضد زوجها أو أحد أفراد أسرتها.

وقد سجلت العديد من الحالات للنساء اللواتى تعرضن للقتل أو محاولة القتل أو الحبس المقيّد للحرية داخل البيت أو الضرب أو التهديد بالقتل من أقارب لهن فى أجهزة الشرطة أو بمعرفتهم وهذا لازال مستمراً حتى يومنا هذا.

وفى هذا الوقت العصيب الذى يمر به المجتمع الفلسطينى من حالة حصار أمنى واقتصادى وغياب السلطة، فإننا لاحظنا أن معدّلات الاعتداء على النساء بالقتل والإيذاء والتهديد بالاتهام بسوء السلوك قد تزايدت، مما يستوجب استنهاض واسع لمؤسسات المجتمع المدنى الحقوقية والنسوية والشبابية لفضح هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، ولاشك أن مؤسسات الإعلام يقع عليها عبء كبير فى هذا الوقت بالذات لجهة فضح هذه الجرائم ومرتكبيها بقدر عال من الموضوعية والمصداقية حتى يمكن توفير حماية للنساء من العنف بأشكاله المختلفة.

التوصيــات:
إن توفير الحماية القانونية للمرأة من العنف يجب أن يتم الاشتغال عليه والتخطيط له وذلك فى ظل وجود سلطة قوية وقادرة وذلك على النحو التالى:
الإجراءات الوقائية:
1- انشاء قانون عقوبات جديد يضمن توفير حماية فاعلة للمرأة من جرائم العنف الواقعة عليها.
2- انشاء قانون جديد للأسرة ليتوافق مع مفهوم تحقيق العدالة الاجتماعية ويكفل حماية المرأة مترافقاً مع انشاء قانون أصول محكمة الأسرة.
3- وضع استراتيجيات وخطط تشكل فى مضامينها تدابير وقائية من العنف، لجهة:
- برامج تدريبية فى المناهج التعليمية فى كل المراحل تؤكد على احترام المرأة كإنسان، وتعلم كيفية تسوية النزاعات بطريقة سلمية بعيداً من العنف.
- وضع برامج تربوية لتأهيل الفتيات والنساء لتعزيز الثقة بالنفس وتمكينها من تقوية احترام الذات.
- توجيه البرامج الإعلامية لتعزيز ثقافة الحوار واحترام أفراد الأسرة لبعضهم البعض ونبذ ثقافة العنف.
- تخصيص حصة فى الموازنة العامة للبرامج والأنشطة الخاصة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.
4- تدريب أعضاء الجهاز التنفيذى وتوعيتهم إزاء التعامل مع شكاوى النساء ضحايا العنف، وتخصيص دور ملموس للشرطة النسائية للتعامل مع المرأة الطالبة للحماية.
5- توفير مراكز إيواء للنساء ضحايا العنف تضمن حمايتها وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لها.
6- دعوة المؤسسات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والنيابية لتقديم الخدمات الإرشادية والتوعوية والقانونية التى تساعد على الحد من انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة.

الدكتورة: آمال عبد القادر جودة - أستاذ مشارك في الصحة النفسية رئيس قسم علم النفس- جامعة الأقصى

ورقة عمل
جرائم الشرف وآثارها النفسية والاجتماعية
إن ممارسة العنف لم يقتصر على النساء فحسب، حيث أصبح بلاء على الإنسانية كلها، فالحروب تحصد ملايين الأرواح سنوياً من الرجال والنساء. ولكن من الملاحظ أن العنف في وقتنا الحاضر يمارس ضد النساء بدرجة أكثر من الرجال. وفي الوقت الذي يتعرض الرجال لعنف الحرب فإن النساء وكونهن نساء يتعرضن يوميا للإهانة والشتم، في البيت مازالت الكثير من النساء تتعرضن للضرب يوميا من قبل أزواجهن أو آبائهن أو من قبل إخوانهن.

إن القتل على خلفية الشرف جريمة ليست بجديدة، وكما هو معروف، ظاهرة وأد البنات كانت شائعة في العصر الجاهلي لدى العرب، ومردها أسباب أخلاقية للمحافظة على الشرف. فمفهوم القتل على خلفية الشرف يبدو كأنه متأصل في الثقافة والوعي الجمعي للمجتمع العربي، تظهره النظرة الدونية لجسد المرأة وكرامتها، يظهره اختزال شرف العائلة في جسد المرأة، تلك النظرة التي ما زالت مكرسة وكأن حركة تحرر المرأة لم تشهد أي تطور عبر تاريخ نضالها الطويل، وكأننا لسنا في عصر ندعي نحن أبناؤه أنه عصر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام كينونته وشخصيته وحياته وحقه.

كما تزداد خطورة الأمر حينما يؤيد تلك النظرة عن المرأة الفهم المغلوط وغير الحقيقي لقيم الدين، الذي يستخدمه البعض في تبرير جرائمه، ولكن الدين بريء من هذه الجرائم. ففي الوقت الذي يروج فيه البعض إلى أن جرائم الشرف لها صلة بالدين، وبالقيود والحدود التي يضعها على المرأة، نجد أن الإسلام حين أوجد عقوبة الزنا اشترط أربعة شهود عدول لإثبات الواقعة. وهنا نلاحظ أن الإسلام جعل من إثبات جريمة الزنا مسألة معقدة إن لم تكن مستحيلة، حتى لا يبيح القتل لمجرد الشك أو الوشاية أو فورة الغضب، ولم يقر الإسلام أبداً حق الأهل بالقصاص من ابنتهم، بل أوكل هذه المهمة لأولي الأمر.

وجرائم الشرف في مجتمعنا هي إباحة قتل النساء ذوات القربى بحجة الدفاع عن الشرف. فللرجل الذي يشتبه في سلوك زوجته أو ابنته أو أخته أو أية امرأة تمت إليه بالقربى الحق في قتلها، مبرراً ذلك بالدفاع عن الشرف. وبالرغم من أن الجريمة قد ينفذها فدر واحد من أفراد الأسرة، إلاّ أنه عملياً تشترك الأسرة كلها، وربما الحمولة أيضاً بالجريمة عن طريق التحريض والتشجيع، أي أنه ترتكب جرائم الشرف ضد النساء في مجتمعنا كل يوم بمباركة من القانون والأعراف والتقاليد الاجتماعية البالية. وفي مجتمعنا تحاسب المرأة فقط في جرائم الشرف، إذ أن الرجل له حرية ممارسة "رجولته" وفق التسمية الشعبية"، ودائماً نجد له الأعذار، أما المرأة فالشك بها فقط يستوجب قتلها. وهذا ما تؤكده نتائج الدراسات التي أجريت على جرائم القتل، التي أسفرت عن أن السبب الرئيسي لارتكاب جرائم الشرف هو الشك في سلوك المرأة، حيث بلغت نسبة جرائم القتل بسبب الشك 79% في مصر، وفي دراسة أخرى في عمان أسفرت نتائجها عن أن 80% من الفتيات ضحايا جرائم الشرف هن عذارى.

وتتعرض المرأة الفلسطينية كغيرها من النساء في العالم العربي لمجموعة من الانتهاكات، تصل إلى حد تعريض حياتها للموت تحت شعار الشرف والمحافظة عليه.
وبالرغم من أن الإحصائيات التي ترصد تنامي ظاهرة جرائم الشرف وتتبعها ليست بالقدر الذي يمكن الركون إليه، لأن جرائم الشرف من السلوكيات التي تعتبر من خصوصيات الأسرة التي لا يحق لأحد الاطلاع عليها، إلاّ أننا سنقوم بسرد بعض الإحصائيات التي حصلنا عليها.
فقد أشارت صحيفة أخبار اليوم السويدية عام 2002 إلى مجموعة من الإحصائيات المتوفرة عن هذه الجريمة في بعض الدول العربية فكانت كالتالي:
- حوالي 25 إلى 40 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في الأردن.
- حوالي 400 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في اليمن.
- حوالي 50 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في مصر.
- وفي إحصائية صدرت حديثاً نشرتها جريدة الحياة في 15/3/2007 فإن حوالي 300 جريمة قتل على خلفية الشرف تقع سنوياً في سوريا.
- وفي تقرير عن منظمة العفو الدولية صدر حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تبين أن العام 2003 شهد حوالي 31 جريمة قتل على خلفية الشرف. وأن الفترة ما بين أيار 2004 حتى آذار 2005 شهدت ارتكاب 20 جريمة قتل على خلفية الشرف، و15 شروعاً بالقتل.
- ويشير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، إلى أن معدل القتل بحجة الدفاع عن شرف العائلة ، ارتفع خلال العام الجاري، مقارنة بالعام 2006، حيث أوضحت تقارير المركز أن عدد من قتلن في العام الماضي بلغ 16، في حين بلغ عدد من قتلن حتى شهر تموز (يوليو) من العام الحالي 13 فتاة.
يلاحظ من الإحصائية التي قام بها مركز الميزان لحقوق الإنسان أن جرائم الشرف تزايدت في ظل غياب القانون وانتشار ثقافة العنف في المجتمع الفلسطيني.
سيكولوجية الشخص المعتدي:
إن التحكم الشخصي أو الذاتي له علاقة وثيقة بالعنف، فالشخص المعتدي في جريمة الشرف ليس له القدرة على التحكم في ذاته، كما أن الهوية الجنسية الذكرية قد تحقق من وجهة نظر الذكر والمجتمع من خلال القوة والتحكم والسيطرة على المرأة حتى ولو من خلال العدوان والعنف.
ويعاني مرتكب جريمة الشرف من صراع ومشاعر متضاربة، مشاعر الحب ومشاعر الرغبة في الانتقام والقتل لنفس الشخص كل ذلك يسبب له الانفعال الشديد الذي يعطل عمل الوظائف العقلية فيعوق قدرته على التفكير السليم. وقد يكون للرجل المعتدي خلفية أسرية مضطربة تسود فيها المشكلات، وبيئة أسرية تتسم بالقسوة والحرمان من الحب، ومن ثم فالسلوك العنيف لديه مبرر إلى درجة أنه يقنع نفسه بشرعية عمل جريمته.
وفي بعض الأحيان وفي ظل وجود عادات مجتمعية صارمة لا ترحم من لا يقدم على غسل عاره، وسيطرة تقاليد وقيم تمجد مرتكب هذه الجريمة وأقصد هنا ما يسمى بجريمة الشرف، وفي ظل وجود قضاء يقف إلى جانبه ويصدر أحكاماً مخففه، يتحول الإنسان العادي إلى إنسان عدواني تسيطر عليه مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام، ويرتكب جريمة قتل يذهب ضحيتها أعز الناس على قلبه أمه أو أخته أو ابنته.
آثار جرائم الشرف:
بالرغم من أن جرائم الشرف تعتبر شكلاً من أشكال العنف الموجه ضد المرأة، يخلق معاناة جسدية وجنسية ونفسية للمرأة، إلاّ أن آثار هذه الجريمة متعددة ومتشعبة وممتدة على جميع الأصعدة، ولها آثار سلبية على الفرد، رجلاً كان أو امرأة، وعلى الطفل الذي يرى العنف الموجه ضد المرأة سواء في الأسرة أو المجتمع وسيلة فعالة للتعامل مع الآخرين.
آثار جرائم الشرف على المرأة:
إن العنف الموجه ضد المرأة ينعكس سلباً على صحتها النفسية، إذ أنه يرتبط بانخفاض تقديرها لذاتها، كما أن تكرار تعرض المرأة للعنف لا يؤدي فقط إلى انخفاض تقديرها لذاتها ولكنه قد يؤدي إلى شعورها بعدم الرضا عن الحياة، وفقدان الأمل، وعدم القدرة على مواجهة المشكلات والاعتقاد في عدم القدرة على التحكم في أمور حياتها أو تغييرها والاعتقاد في عدم القدرة على إيقاف الإساءة الموجهة إليها، وتصبح أقل ثقة بنفسها وبالآخرين.
كما يتسبب العنف الموجه ضد المرأة إلى زيادة الأعراض الاكتئابية لديها، ويفسر ذلك بأن عدم مقدرة المرأة المساء إليها من الدفاع عن نفسها يضطرها إلى كبت مشاعر العدوان أو تحويل هذه المشاعر العدوانية إلى ذاتها، فتلوم نفسها وتصاب بالاكتئاب والعجز. والمرأة التي تشعر بالعجز قد تكون بعض سلوكياتها اندفاعية عندما يتزايد شعورها بتهديد ذاتها أو حياتها، وقد تلجأ إلى العدوان على من يعتدي عليها بل وأحياناً قتله.
أريد أن أنوه هنا أن قتل المرأة على خلفية ما يسمى بالشرف يضطر المرأة في المجتمع للصمت على ما تتعرض له من تحرش جنسي حفاظاً على سمعتها وعدم تعرضها للشكوك.
كما أن تعرض المرأة المستمر للعنف والإساءة يجعلها أكثر معاناة من الأمراض السيكوسوماتية كالصداع، واضطرابات المعدة، وارتفاع ضغط الدم، وفقدان الشهية ... الخ.
آثار جرائم الشرف على المجتمع:
تعتبر جريمة الشرف وصمة عار تلحق بالأسرة وتبقى آثارها النفسية والاجتماعية تطارد أبناء من ارتكب الجريمة وأبناء من ارتكبت الجريمة بحقه، بالإضافة إلى أبناء أقارب هذه الأسرة، والتي يمكن أن تتسبب بإصابتهم بأمراض نفسية يصعب علاجها والتخلص منها.
كما أن مثل هذه الجرائم قد تتسبب بإثارة جو من العنف والرعب بين أفراد الأسرة، مما قد يؤدي إلى جنوح أبنائها. وبالتالي إلى زيادة نسبة الجرائم وعدم الاستقرار في المجتمع.
كذلك تتسبب بالتفكك والتصدع الأسري، وبإصابة أفراد الأسرة بالخجل والإحباط والقلق.
أيضاً قد تتسبب بإصابة أفراد هذه الأسرة بالوحدة النفسية وعدم الرغبة بالتواصل الاجتماعي، مما يتسبب في إهدار طاقتهم وقدراتهم مما ينعكس سلباً على العائد الاقتصادي في المجتمع.
ولا يقتصر التأثير السلبي لهذه الجرائم على أفراد الأسرة نفسها، فقد ينتقل التأثير إلى الفتيات الأخريات في المجتمع . إلى طفلة شاهدت قتل أنثى أخرى، فتصاب بصدمة، وتسأل بكل براءة لماذا قتلت فلانة؟ لماذا قتلها أبوها؟ أو لماذا قتلها أخوها؟ أو لماذا قتلتها أمها؟ فتأتي الإجابة غير مقنعة لها بالرغم من صغر سنها. ماذا نتوقع لهذه الطفلة؟ كيف ستنظر إلى أبيها؟ أو أخيها أو إلى أمها؟ تلك الأم التي تعتبر رمزاً للحب والحنان. كيف ستستطيع هذه الطفلة أن تثق بهذا المجتمع الذي يبيح القتل ويعتبره شرفاً؟
أعتقد أنه حان الوقت لتسليط الضوء على هذه الجريمة، والتصدي لها بالبحث والحوار والغوص في أعماق التربة الاجتماعية، للوصول إلى الجذور العميقة لأسباب تلك الجريمة، التي توفر لها الدعم والتبرير والقبول الاجتماعي لها.
آليات مواجهة جرائم الشرف:
- مراجعة شاملة لكل القوانين والأنظمة والتشريعات المتعلقة بحقوق المرأة، بهدف وضع قوانين حديثة تنظم العلاقات الأسرية في كافة مراحلها بشكل يتوافق ومبادئ العدالة الإنسانية وعدم التمييز بين الجنسين.
- تشديد العقوبة ضد مقترفي هذه الجرائم.
- توعية النساء والفتيات بحقوقهن القانونية عن طريق إقامة الندوات والمحاضرات والنشرات الإعلامية.
- تغيير المناهج التربوية في المدارس والجامعات بما يعزز قيم احترام الذات والاحترام المتبادل بين المرأة والرجل، ويتضمن تغيير المفاهيم المتخلفة المبنية على منظومة ذكرية متسلطة.
- إنشاء مراكز لحماية وتأهيل النساء والفتيات ضحايا العنف في المجتمع.
- تفعيل دور المؤسسات الإعلامية لتقوم بدورها في تصحيح النظرة المغلوطة للمرأة على أنها مخلوق أدنى مرتبة من الرجل، حتى تساعد في نشر ثقافة بديلة .
- إقامة برامج بهدف تغيير الاتجاهات السلبية نحو المرأة، وتعزيز الاتجاهات الإيجابية نحوها.
- إتباع أساليب التنشئة الاجتماعية السليمة في تربية الأبناء التي تحقق لهم إشباعاً مناسباً لحاجاتهم الجسمية والنفسية، وتوفر لهم جواً أسرياً مناسباً لبناء شخصية سوية قادرة على مواجهة ضغوط
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-